الخطة الأمريكية في العراق وعامل الجمهورية الإسلامية
موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير:
الهدف الأمريكي في القرن الواحد والعشرين كما أعلنته كونداليزا رايس هو خلق شرق أوسط جديد من خلال شرذمة الكيانات التي خلقتها سايكس بيكو وتحويلها من دول إلى دويلات طائفية ضمن الشرق الأوسط الكبير، كعملية تكسير هضمية لابتلاع الأمة ومحوها كما تم في الأندلس!
وقد قامت حكومة بوش بتشجيع الكيان الصهيوني للقيام بالعدوان على المقاومة الإسلامية في لبنان عام 2006، وتواطأ غساسنة اليوم من أنظمة عربية تابعة له بشرحبيلهم لتغطية وتسويغ هذا العدوان، ومع ذلك فشل وانتصرت المقاومة اللبنانية!
كان طبيعيا أن يتم في محاولة تالية استهداف كسر رقبة المقاومة من خلال استهداف سوريا العروبة، وقد كان! وفشلت بالرغم من التمويل اللامحدود للفتنة على أرض الشام والتي وصلت إلى مئات البلايين من دولارات العرب السائبة! لذا لجأت إلى بناء بعبع سمته داعش! ثم أتى الذئب غير البريء هذه المرة للقضاء على هذا البعبع الصنيع. فكونت الولايات المتحدة تحالفا لمحاربة داعش تغطية لهدفها الحقيقي وهو شرذمة العراق، وإلا لماذا أصرت الولايات المتحدة على أن تكون القوات التي في الموصل سنية؟! هل القوات لا تستطيع أن تقاتل داعش إن كان أفرادها شيعة؟! أم أن الكردية اصبحت مذهبا ثالثا؟!
إنها نفس اللعبة البريطانية في عام 1948؛ تحالف بريطانيا عنوانه تحالف عربي من خلال الجامعة العربية لنصرة شعب فلسطين! الجامعة العربية التي.أنشأتها لهذا الغرض. وقامت الجامعة العربية بإدخال الفيلق العربي بقيادة الضابط الإنجليزي جلوب، والقيادة العليا أي قائد العمليات الميداني وقيادة الألوية انجليزية (كانوا ثلاثة انجليز وعربي واحد هو العقيد أحمد صدقي الدجاني). بل وفي قيادة الأفواج الستة أربعة منهم انجليز، فقط قيادة فوجين عربية وهما المقدم حابس المجالي والرائد عبدالله التل. بل وأكثر من هذا فالفيالق التي تحت القيادة العربية كانت سيئة التسليح. وكان أول شيء عمله جلوب هو جمع الأسلحة من الفلسطينيين، فهم ليسوا بحاجة لها، فقد أتى الفيلق العربي لحمايتهم! والفلسطينيون الذين تم إعدامهم سواء في عمان أو المجدل هم من أطلق النار على العصابات الصهيونية!
نفس السيناريو يتكرر اليوم، فأمريكا وبتمويل سعودي وبمساعدة أردنية تركية قطرية إماراتية كوّنت داعش كبعبع وأداة لشرذمة الأمة! وكوّنت تحالفا تحت عنوان محاربة داعش؟! كان تقدير دونالد رامزفيلد أن التحالف يحتاج إلى ثلاثين سنة لهزيمة داعش، بعض القيادات العسكرية الأمريكية كان تقديرها أكثر تفاؤلا وهو عشر سنوات، وأكثرهم تفاؤلا ليس أقل من ثلاث سنوات. وأعطوهم نصائح عسكرية تؤدي إلى ذلك الأمر، فقد اصروا عليهم على تحرير الموصل حتى يتشتت جهد الجيش العراقي ويفشل في تصدية لداعش. في هذه الفترة تكون القوى الاستعمارية قد لونت كل كيان طائفي باللون الطائفي حسب خطتهم الموضوعة. لكن الخطة لم تنجح وارتد السحر على الساحر، ففي أقل من نصف سنة قاربت داعش على الانتهاء. وبالأمس سقطت تكريت ـ أو تكاد ـ وستكون المحطة التالية وبالتوازي الفلوجة فتكون داعش رأسا بجسد مشلول أي مشلولة شللا رباعيا، فيكون سهل قطع رأسها!
ولم تقم الولايات المتحدة بإمداد العراق بالسلاح اللازم للتصدي لداعش، تماما كما فعلت الجامعة العربية مع الشهيد عبدالقادر الحسيني عندما ذهب إلى دمشق يتوسل إلى اللجنة العسكرية العربية السلاح والمال لمجاهدي فلسطين. فسخر منه طه الهاشمي وقال له: شنو عبدالقادر ماكو مدافع! أما وزير الدفاع السوري أحمد الشرباتي فقد قال له إذا احتل اليهود القدس فسنأتي ونخرجهم منها أو نقتل فيها! وبقي السلاح مكدسا في المخازن. الشهيد عبدالقادرة الحسيني لم يجد سندا، العراق لم تطلب من الإدارة الأمريكية أي عون في تحركها ضد داعش، فلم تمنح أي فرصة لجلوب الأمريكي أن يفعل ما فعله جلوب البريطاني في فلسطين! فقد وجدت في الجمهورية الإسلامية السند، لقد أمدتها بكل ما تحتاج من أسلحة وأكثر أرسلت مستشارين عسكريين وعلى رأسهم أحد كبار قادة الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الذي كان بنفسه في الميدان. عامل الجمهورية الإسلامية أفشل الخطة الأمريكية في إطالة عمر داعش، بالرغم من تسليح التحالف لداعش من خلال إمدادات سلاح بالطيران عن طريق الخطأ! في أقل من نصف سنة قاربت داعش على الانتهاء.
لقد خلقوا داعش لشرذمة العراق إلى دويلات طائفية، وربما كان طارق الهاشمي هو حصان طروادة في بلورة الدويلة السنية تحت عنوان البديل المعتدل الذي تم إعداده للدويلة السنية! فانقلب السحر على الساحر وأصبحت داعش بوحشيتها وهمجيتها عدوا مشتركا لجميع أطياف الشعب العراقي من سنة وشيعة وأكراد وتركمان ومسيحيين ويزيديين، فأضحت داعش هدفا موحدا التفّت حوله كافة أطياف الشعب العراقي، ولا حاضنة شعبية لداعش في العراق كما كانوا يرغبون. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين