الحكومة ولدت: عون أول الفائزين وسليمان الخاسر الأكبر
ماهر الخطيب –
موقع النشرة الإخباري:
على الرغم من نجاح رئيس الحكومة تمام سلام في تشكيل حكومته، بعد أشهر طويلة من الإنتظار، إعتقد الكثيرون خلالها أنها لن تشكل في وقت قريب، وتم الحديث أكثر من مرة عن أن الرجل قد يذهب إلى الإعتذار أو إلى تشكيل حكومة أمر واقع، هناك من يعتقد أن البيان الوزاري سيكون من العقد التي قد تطيح بالأجواء التفاؤلية التي تعم البلاد في هذه اللحظات.
حتى ذلك الوقت، لدى مصادر سياسية مطلعة قراءة سريعة لما حصل طوال هذه المدة، حيث تؤكد أن هناك خاسرين ورابحين من الولادة الحكومية على ضفتي قوى الثامن والرابع عشر من آذار.
من وجهة نظر المصادر المتابعة، يعتبر رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون أول الفائزين، حيث إستطاع أن يعرقل إتفاقاً تم على أعلى المستويات الإقليمية والدولية لأنه لم يكن مطلعاً عليه، وتشير إلى أن عون لم يخسر من خلال هذا الموقف، لا على صعيد الحقائب الوزارية ولا على الصعيد الشعبي، حيث تمكن من الحصول على وزارة الخارجية والمغتربين التي تعتبر سيادية، وأثبت بما لا يقبل الشك أن أي توافق لا يستطيع أن يستبعده بأي شكل من الأشكال.
كما يعتبر رئيس الحكومة تمام سلام من الفائزين أيضاً، الرجل كان يريد الدخول إلى نادي رؤساء الحكومة بأي ثمن، وهو كان مستعداً للقيام بأي أمر في سبيل تحقيق ذلك، على الرغم من فشله بالحصول على حقيبة وزارية وازنة تكون من حصة مستشاره محمد المشنوق.
من جهة ثانية، تؤكد المصادر أن “حزب الله” من الفائزين أيضاً، على الرغم من تراجعه عن مبدأ الحصول على الثلث المعطل، فالحزب إستطاع الدخول إلى الحكومة في ظل معارضة كبيرة من قبل أكثر من جهة محلية وإقليمية، وهو لم يقدم أي تنازل مقابل ذلك، لا على صعيد البيان الوزاري، الذي لم يقبل البحث به قبل التشكيل، ولا على صعيد مبدأ الإلتزام باعلان بعبدا والإنسحاب من الحرب السورية، الذي أصرت قوى الرابع عشر من آذار عليه.
ولا يعتبر حزب “الكتائب” بعيداً عن لائحة الفائزين أيضاً، حيث تشدد المصادر على أن الحزب أراد من خلال التعاطي الإيجابي أن يرفع أسهم مرشحه إلى الإستحقاق الرئاسي المقبل، وأن يظهر في موقع القريب من مختلف الأفرقاء، ونجح حتى الآن في لعب هذا الدور إلى حد بعيد.
في الجهة المقابلة، يعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أول الخاسرين من التشكيل، لا سيما بعد أن راهن سليمان على أن تكون هذه الحكومة هي نقطة الإنطلاق من أجل طرح مشروع تمديد ولايته، لكن هذا الأمر لم يحصل، ولا يمكن القول أنها قادرة على الإستمرار طويلاً، وبالتالي الإنتخابات الرئاسية ستحصل في الأشهر القليلة المقبلة، حتى لو تأخرت بعض الوقت عن موعدها الدستوري.
بعد رئيس الجمهورية، يأتي على لائحة الخاسرين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، حيث ترى المصادر المطلعة أن “الحكيم” يجد نفسه وحيداً اليوم بعد تخلي حلفائه عنه في هذه المرحلة، في حين حرص رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى التواصل المباشر مع منافسه الأول على الساحة المسيحية من أجل تذليل مختلف العقبات من أمام الحكومة التي من المرجح أن تكون مقدمة لعودته إلى السراي الحكومي مع إنتخاب رئيس جمهورية جديد، لكن لا تنفي إمكانية عودته إلى قلب الوقائع من جديد كما حصل مع عون عند إستبعاده من الحكومة.
من ناحية أخرى، يعتبر تيار “المستقبل” من الخاسرين أيضاً على الرغم من عودته إلى السلطة من خلال الحكومة السلامية، حيث لم يستطع التيار أن يفرض أيًا من شروطه على قوى الثامن من آذار، لا بل فرض عليه تقديم التنازلات إلى رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” والتخلي عن إصراره على تسمية المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي لتولي حقيبة الداخلية، نتيجة الضغوط الدولية التي أرادت تشكيل حكومة من دون الدخول في مواجهة مع “حزب الله”، بالرغم من أن الحريري سعى إلى تبرير هذا الأمر في خطابه يوم أمس الذي كان موجهاً إلى جمهوره بالدرجة الأولى.
في المحصلة، نجح القرار الدولي، الذي ظهر بشكل واضح منذ لحظة منع الذهاب نحو تشكيل حكومة أمر واقع، في فرض التوافق بحده الأدنى على الأفرقاء المحليين، ولكن ماذا عن الإستحقاقات المقبلة؟