الحريري يتخبط بين حلفائه وفي شارعه
صحيفة الديار اللبنانية ـ
ابتسام شديد:
صحيح ان سعد الحريري «قلب موازين القوى الحكومية» وهو الذي أعطى إشارة الانطلاق للحكومة المقبلة بعدما انقلب على التزاماته لحلفائه بحكومة الأمر الواقع وسار بموكب تشييعها الى مثواها الأخير ، إلا ان ذلك لا يعني ان زعيم المستقبل بات هانئاً ومطئناً الى مستقبله السياسي وهو الذي اتخذ قراره بغير اقتناع انما لأن الضرورات تملي عليه السير بقراره الوطني . فالواضح كما يروي العارفون في تيار المستقبل ان سعد الحريري يتخبط ويمر بأزمة سياسية صامتة ، فلم يكن سهلاً على الرجل ان يقف من منبر لاهاي في المحكمة الدولية ووسط دموع وشهادات من حقبة اغتيال رفيق الحريري ليعلن ما أعلنه ، وليس عادياً ما بات ينقل عن أوساط في المستقبل بان الحريري بات لا يمانع باسقاط مبدأ المداورة ليمرر للرابية شروطها بالحصول على وزارة الطاقة وربما أخرى سيادية ، فالواضح ان الحريري يريد هذه الحكومة « مهما كان الثمن » ، وبالتالي فان هذا القبول او التنازل يترتب عليه أعباء ودفع ضريبة كبيرة لدى حلفائه وأخصامه وفي شارعه السني الغاضب والمتمرد .
لا حاجة لوصف الحال مع زعيم معراب ، فالعلاقة ربما تدهورت كثيراً ، إذ تقول مصادر مقربة من القوات اللبنانية ان لدى قائد القوات تحفظات كثيرة على موقف الحريري يتكتم عنها خصوصاً ان المعلومات التي وصلت الى معراب تتجاوز الاستحقاق الحكومي الى الرئاسة فلعل زعيم المستقبل أعطى موافقته لدوائر القرار على السير بالتمديد لرئيس الجمهورية ، وحتى اللحظة ايضاً فان سيد معراب لم يفهم على سعد الحريري في المفردات والبيانات التي صاغها للسير بالحكومة وعلى ماذا بنى الحريري تكويعته الحكومية ، فالوضع السياسي والأمني غير مستقر منذ وقت طويل ، وهل المراحل الماضية التي استهدفت قيادات كثيرة في 14 آذار كانت أقل خطورة من اليوم ، وهل هو الخوف وحده الذي جعل زعيم المستقبل يعيد بناء حساباته عليه والتضحية بمبادىء واسس ثورة الأرز وربما فرط صفوفها على غرار ما فعل وليد جنبلاط قبله .
قد لا يقتصر سوء الفهم على زعيم معراب وحده فثمة قيادات أساسية تقول اوساط 14 آذار ومن الصف الأول في المستقبل أبدت تململها وتمردها على قرار زعيم المستقبل ، فالرئيس السنيورة يحمل في جيبه أسماء وزارية مختلفة عن تلك التي يسير بها الحريري ، والسنيورة لا يزال يعمل ويسوق لحكومة «أمر الواقع» بدون حزب الله وحلفائه .
اما في الشارع السني فحدث ولا حرج ذلك ان الحريري مقبل على معركة استعادة واسترجاع ثقة هذا الشارع الذي هدر دمه في السياسة ، فالشارع السني او جمهور سعد الحريري في حالة غضب لا يعرف من يتبع فالاعتدال بات يعني القبول بشروط أخصام الشارع السني والتمرد يعني اللحاق بالمتطرفين ، وفي هذه الحال يرى العارفون ان بيان المفتي محمد قباني لم يأت من العدم بحديثه عن ظلم أهل السنة واللعب على استثارة الشارع السني باثارة ملف الموقوفين الإسلاميين في السجون ، ولم يكن عبثاً ايضاً ان سبقه كلام لسعد الحريري ينبه فيه اهل السنة من الانجرار وراء الحملات المشبوهة للنصرة وأخواتها ، فالحريري يحاول امتصاص نقمة الشارع السني وتحذيره من السير بخيارات خطيرة تقود الى الفتنة والحرب المذهبية ، واضعاً نفسه امام هذا الجمهور بانه كان الأول في نبذ هذا الخيار والسير بالاعتدال والتعالي على جراحه، لكن كلام الحريري ودعواته قد لا تنفع بالضرورة كما تقول أوساط مطلعة ، فالشارع السني تمت تعبئته من الحريري وحلفائه منذ اغتيال الحريري والفترة التي تلته على نحو لم يعد الرجوع عن ذلك سهلاً ، فثورة الأرز ولعت «الحقد السني» الدفين على الفريق الآخر ، وما يجري في طرابلس وصيدا يبدو خارج الاطار المقبول فهذا الشارع يحتفل بتوزيع الحلويات احتفالاً بالانتحاريين والاستشهاديين في المعارك السورية وفي محطات معينة عمت الاحتفالات فرحاً بوقوع تفجيرات الضاحية الجنوبية .
تعتبر الأوساط ان الحريري امام مفترق أزمة مع شارعه او حائط مسدود ، فإذا أنجزت الحكومة تلك مشكلة، حيث سيصعب عليه التعاطي مع مكوناتها على طاولة مجلس الوزراء ، وفي حال لم تنجز فتلك مشكلة أكبر ايضاً لأن الحريري يكون فقد السيطر ة في السياسة وفي شارعه ايضاً ، ألم يعبر البيان المصور لأحمد الأسير والذي اعتبر فيه الشيخ الهارب ان الحريري يكن العداوة للمؤمنين السنة بان ثمة ازمة كبيرة سيمر بها الاعتدال الحريري المستجد ، فما قاله الأسير ليس من عندياته فتلك الفرق التكفيرية تشعر كما تقول الأوساط بانها وقعت ضحية الغدر وتخلي بعض القيادات عنها .