الحرس الثوري الإيراني يردّ الصاع صاعين
صحيفة الوفاق الإيرانية:
استيلاء خفر السواحل الإيراني على ناقلات بريطانية ويونانية، يبعث برسالة للغرب مفادها بأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي للدفاع عن مصالحها الوطنية، ولن تتنازل عن مصالحها وسترد بحزم على الأعمال العدائية للغرب.
أعلنت المديرية العامة للعلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني في بيان أنها استولت يوم الجمعة على ناقلتين يونانيتين، دلتا بسوين وبريدنت اند ريفر، قبالة سواحل ميناء لنكة وعسلوية.
وحذَّر الحرس الثوري الإيراني اليونان من احتمال احتجاز 17 سفينة يونانية أخرى في المنطقة، إذا لم يتم الإفراج عن الناقلة الإيرانية “لانا”. ويقال إن كلتا السفينتين المصادرتين تبلغ طاقتهما الإجمالية حوالي 300 ألف طن، أي ما يعادل 1.8 مليون برميل من النفط أو منتجات بترولية أخرى، وهما الآن بحوزة إيران.
الحكومة اليونانية من جهتها احتجت على هذه الخطوة وأصدرت بيانات تتهم إيران بالقرصنة. كما دعت وزارة الخارجية اليونانية إلى الإفراج الفوري عن السفينتين وطواقمهما، قائلةً إن مثل هذه الإجراءات سيكون لها عواقب سلبية على العلاقات الثنائية والعلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي.
تتهم اليونان إيران بالقرصنة فيما احتجزت الناقلة الإيرانية “لانا” وعلى متنها 115 ألف طن من النفط الخام قبالة جزيرة أوفيا في 19 أبريل، وبعد أربعين يوماً من الحادث، زعمت أنه سيتم تسليم الناقلة إلى الولايات المتحدة. وحسب اليونانيين، فإن هذا القرار جاء بناءً على طلب القضاء الأمريكي، ومن أجل تطبيق العقوبات على إيران وروسيا.
الناقلة التي تم الاستيلاء عليها كانت مملوكةً لروسيا لكن شحنتها النفطية مملوكة لإيران، وقد طلب المسؤولون الإيرانيون مراراً وتكراراً من الحكومة اليونانية تسليم الناقلة، لكن اليونانيين استسلموا في النهاية لمطالب واشنطن.
وبينما يزعم الأمريكيون أنهم مستعدون للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، لكنهم في المقابل يتخذون خطوات تزيد من صعوبة الاتفاق. لكن أظهر إجراء الحرس الثوري الإيراني أن قاعدة “العين بالعين” لا تزال سائدةً، وإذا أراد الغربيون نهب الممتلكات الإيرانية، فيمكن لإيران فرض تكاليف مضاعفة عليهم.
عدم أخذ العبر من التجربة البريطانية
احتجزت اليونان الناقلة الإيرانية متناسيةً تجربة احتجاز الحكومة البريطانية للناقلة الإيرانية، والتي كان لها عواقب وخيمة على لندن.
في يوليو 2017، عندما احتجز البريطانيون ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1” في جبل طارق وطالبت السلطات الإيرانية بإنهاء احتجازها، قاومت سلطات لندن ذلك ولم تترك في النهاية أي خيار لإيران سوى الإقدام على خطوة عقابية.
رداً على هذه القرصنة، احتجزت إيران ناقلةً بريطانيةً تحمل اسم “أستانا إمبرو” أثناء عبورها مضيق هرمز، لعدم امتثالها للقوانين والأنظمة البحرية الدولية.
في ذلك الوقت، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن حركة المرور من الطريق المضاد للملاحة في مضيق هرمز، وإغلاق محدد للمواقع وتجاهل تحذيرات إيران، هي الانتهاكات الثلاثة للناقلة البريطانية، وبالتالي صدر الأمر باحتجاز الناقلة لمنع وقوع حوادث محتملة.
البريطانيون، الذين هم أنفسهم في طليعة قرصنة الدول الأخرى، رداً على الاستيلاء على ناقلتهم، مثل اليونانيين، اتهموا إيران بالقرصنة ولم يكن لديهم في البداية نية لتسليم الناقلة الإيرانية وقاوموا طلب الإيرانيين، لكن في النهاية ومن أجل الإفراج عن ناقلتهم، كان عليهم الرد بالمثل والإفراج عن الناقلة الإيرانية.
اليونان هذه المرة تتبع خطى البريطانيين، وهي الآن على مفترق طرق لجذب انتباه الأمريكيين من خلال تسليم النفط الخام الإيراني إلى الولايات المتحدة، أو الامتثال لمطالب إيران لإنقاذ ناقلاتها.
لكن بما أن إيران أثبتت أنها لن تخضع لابتزاز أي دولة، فإن اليونان ستستسلم في نهاية المطاف لمطالب إيران، لأنه إضافة إلى ناقلتي النفط، ستواجه ناقلات أخرى لهذا البلد المصير نفسه في المستقبل، وستواجه اليونان تحديات في تلبية احتياجاتها من الطاقة.
إيران لن تخضع للإبتزازات
لقد أظهرت إيران دائماً أنها تحترم حقوق جميع الدول في مجال الملاحة والشحن الدوليين، ولكنها ستتخذ أيضاً إجراءات انتقامية وعقابية عندما تتعرض مصالحها للخطر من قبل الآخرين.
وتصرفات الولايات المتحدة وحلفائها بالاستيلاء على ناقلات النفط الإيرانية بذريعة العقوبات هي مثال على القرصنة التي لن تمر دون عقاب، وعليهم أن يعلموا أن مثل هذه الأعمال لن تمنع الحرس الثوري الإيراني من مواجهة انتهاكاتهم البحرية.
ورغم أن هذه الدول مطيعة لمطالب الولايات المتحدة وليس لديها إرادة، فعليها أن تعلم أنه في حال حدوث توتر مع إيران، لن تدافع واشنطن عن مصالحها في مواجهة إيران ويجب أن تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب في قراراتها.
لقد حذَّرت إيران مراراً وتكراراً من أنه إذا أراد الغرب مواصلة عملياته المثيرة للتوتر في المنطقة، فقد تعطِّل نقل النفط من الخليج الفارسي عن طريق إغلاق مضيق هرمز.
إن استيلاء خفر السواحل الإيراني على ناقلات بريطانية ويونانية، يبعث برسالة للغرب مفادها بأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي للدفاع عن مصالحها الوطنية، ولن تتنازل عن مصالحها وسترد بحزم على الأعمال العدائية للغرب.
وإذا أراد الغربيون اختطاف ناقلات إيرانية وقتما يريدون بذريعة العقوبات، فعليهم أيضاً أن يأخذوا في الحسبان أن عصر “إضرب واهرب” قد انتهى، وإذا أخطأوا في حساباتهم، فإن إيران أيضاً لديها أدوات يمكنها معاقبة أعدائها بها.
حق إيران الطبيعي في الدفاع عن نفسها
على الرغم من أن الغرب يبذل قصارى جهده في المنطقة لزيادة الضغط العالمي على إيران، لكن هذه المحاولات لن تنجح، لأن قضية مصادرة ناقلات النفط بدأت من قبل الحكومة اليونانية، ولم يكن رد فعل إيران في فئة القرصنة كما يزعم اليونانيون، بل جرى وفقاً للقانون الدولي.
لأنه بموجب الاتفاقيتين الدوليتين لعام 1958 جنيف، و 1982 جامايكا، اللتين تتناولان “النظام القانوني للممرات المائية الدولية وحق مرور السفن”، يحقّ لإيران اتخاذ إجراءات مماثلة إذا كانت مصالحها الوطنية معرضةً للخطر. وبالتالي، كان إجراء إيران هو الرد بالمثل والدفاع عن مصالحها الخاصة والحق غير القابل للتصرف لهذا البلد.
وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتورعوا عن اتخاذ أي إجراء ضد إيران واتبعوا هذه السياسات الخاطئة مراراً وتكراراً في الماضي، فإن هذه الإجراءات الاستفزازية لن تقتصر على الحاضر وستظل كذلك في المستقبل، وستتصرف إيران أيضاً في اتجاه الدفاع عن حقوق شعبها ومصالحها الوطنية.
من ناحية أخرى، على الرغم من أن الأمريكيين يزعمون أنهم يبحثون عن بدائل للنفط الروسي من أجل منع أزمة ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، فإنهم يفعلون العكس عملياً.
لن يساعد الاستيلاء على ناقلات النفط الإيرانية في حل أزمات الطاقة العالمية فحسب، بل قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في السياق الحالي، كما أن تصرفات واشنطن وحلفائها تخلق تحديات جديدة في أسواق الطاقة، أولى عواقبها ارتفاع أسعار الطاقة.
الولايات المتحدة تواصل سياساتها العدائية ضد إيران، وتدعي مراراً وتكراراً أنها جادة في التوصل إلى اتفاق بشأن إحياء الاتفاق النووي، ولكن مع هذه الإجراءات، فإنها تدمر عملياً عملية التفاوض.
لأن الإيرانيين أعلنوا أنه إذا كانت الولايات المتحدة جادةً في إحياء الاتفاق النووي، فعليها إظهار حسن النية ورفع بعض العقوبات، بما في ذلك الحظر النفطي، لكن الولايات المتحدة تواصل تكرار أخطاء الماضي ولم تظهر أي إرادة للتوصل إلى اتفاق مع إيران.