الحرب: أداة لتدمير الأجيال الجديدة أم حافز لتحقيق المستحيل
وكالة أنباء آسيا-
يانا العلي:
كَبروا من كنا نظن أنهم أطفال، اعتقدنا أنهم يتَحملون فوق طاقتهم وأن أجسادهم لاتزالُ غَضة على الرُغم من حَجمها، لكن أذهلتنا إمكانياتهم وبالشكل الأدق مدى تَصورهم للحياةِ وطريقة مُعالجةِ الأمور التي تَمر بهم..لا التي يمرون بها.
فهم غير آبهين ويهتمون بأدق التفاصيل بآنٍ واحد، جمعوا ما لم يَقدر الجيل الذي سَبقهم على جمعه، فهذا الجيل مُهتم بالعلمِ والمراتب العليا من جهة وعاشق للعبث؛ يتقنُ فنَ اللامبالاة من جهة..
هل الحرب كانت وراء ذلك؟ أم هناك تركيبة نفسية تتغير من جيلٍ لآخر..
لوكالة أنباء آسيا تحدثنا أكثر عن هذا الموضوع الدكتورة ريم سليمون أستاذة في علم النفس التربوي في سورية قائلة: ” أكثر فئة متضررة في الأزمات والحروب هم فئة الأطفال، لأنهم غير قادرين على تفسير ما يحدث من حولهم، ولأنهم لا يجدون إجابة حقيقية وواضحة لأسئلتهم من قبل الأخرين.
ورغم محاولة الكثير من الأهالي تأمين مستلزمات الأطفال من إضاءة وتدفئة. إلا أن هناك فئات واسعة ما زالت تعاني من نقص في مقومات الحياة الكريمة وربما يهرب الكبار والصغار باتجاه شاشات الموبايل في حين توفرها، ولها تأثير سلبي على كافة جوانب النمو النفسي والعقلي والجسدي.
وفي ظروف الطقس الحالية وأزمة النقل يبقى معظم الأطفال في منازلهم رهينة الأجهزة الإلكترونية التي تقودهم إلى عالم جديد وأفكار وثقافات وربما عادات مختلفة يتأثرون بها وربما ينحرفون بسلوكهم اللفظي والبدني والاجتماعي وينعكس سلباً على تواصلهم مع المحيطين بهم. وفي الظروف الحالية وضيق مساحة المنازل وعدم توافر أماكن الترفيه المناسبة، يعتمد الأطفال على ذويهم في تأمين احتياجاتهم وينسحبون من الأماكن الطبيعية إلى أماكن مختلفة مما يحولهم إلى متلقين أنانيين ويزعزع ثقتهم بأنفسهم. للأزمات والحروب آثارها السلبية بعيدة المدى، وربما لا يعي الأهل حجم المشكلات إلا بعد فوات الأوان وبعد سن النضج، مما يساهم في تنظيم وعي الاضطرابات وملازمتها لهؤلاء مدى الحياة”
ولابد لمعرفةِ رأي من مرَّ بمرحلةِ الطفولةِ وكَبُر خلال فترة الحرب، فكان معنا على سبيل المثال لا الحصر رأي وتجربة لشاب عاش طفولته في محافظة عانت من الإرهاب، وبعدها في محافظة أُخرى ظروفها مختلفة نوعاً ما.
الشاب يونس سلمان ذو السبعة عشر ربيعاً لوكالة آسيا :”للأمانةِ يَصعبُ فهم التأثير الحقيقي للظروف أو وصفه، لعدمِ إدراكنا ظروفاً مختلفةً، و إن يكن، من تجربةٍ شخصية، تأثري بالظروف كان بسبب المشكلاتِ الخدميةِ فحسب، و تمكنتُ من التكيفِ معها بشكلٍ ممتاز و تصالحتُ مع الواقعِ بشكلٍ كلي، و ما عشته أكسبني بالتأكيدِ معرفةً ووعياً أكبر من خلال قدرتي على التكيف و فهم الأسباب المؤدية لكل مشكلة أواجهها، و مع ذلك ما زلت قادراً على تخيل ظروفٍ مختلفةٍ و حياةٍ أُخرى و كل ذلك منوط بالخطواتِ الّتي أتخذها وكيفية مواجهتي للظروف الصعبة الّتي نمر بها، فالمستقبل بيدنا وبناؤه مسؤوليتنا، فبوجود الحربِ أو عدمها ما كانت حياتي لتختلف كثيراً ولا طموحاتي أو مستقبلي، على أن ما أنجزته كان أصعب في إطارِ الظروفِ الّتي عشتها، ولكن ما وصلت إليه هو نقاط ثابتة على اختلاف ظروف وطرق تحقيقه، ومهما كان فالظروف الصعبة تدفعنا لإخراج أفضل ما فينا و تجعلنا ندرك أهمية التكيف في أسوأ الظروف لتحقيق مستقبلنا و مستقبل وطننا الذي نطمحُ لهُ”.
لطالما كانت الحرب تدمّر الحجر والبشر.. وبناء الحجر قطعةً فوقَ قطعة تشيد بناءاً عالٍ. لكن لبناء إنسان متكامل القوى جسدياً ونفسياً. لابد من الانتباه للطفل فهو اللبنة الأساسية لبناء أي مجتمع. ومن الضروري أن ينشأ ضمن ظروف طبيعية .. ليتكون ذاك المجتمع الذي نحلم به.