الجمهورية: عون تبلّغ من “8 آذار” وجنبلاط إستعداداً لقبول الحكومة الحيادية
مساعي “الحزب” إصطدمت بتصلّب “التيّار” وعون تبلّغ من “8 آذار” وجنبلاط إستعداداً لقبول الحكومة الحيادية
كتبت صحيفة “الجمهورية”:
إذا صحّت معلومات تسرّبت ليلاً في ختام أحد طويل حافل بالمواقف المتضادّة حول موضوع الحكومة العتيدة وحقائبها والمداورة الشاملة فيها وخلافه، فإنّ خيار الحكومة الحيادية قد عاد ليتصدّر المشهد السياسي، إمّا ليكون وسيلة لتليين بعض المواقف الحادّة والمعترضة أو المتحفّظة، وإمّا ليكون خياراً نهائيّاً على قاعدة: «آخر الدواء الكيّ».
علمت “الجمهورية” ليلاً أنّ رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون تبلّغ من جميع أطراف فريق 8 آذار ومن رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط أنّه “لن تكون هناك أيّ ردّة فعل على تأليف حكومة حيادية، ولن يستقيل أيّ وزير منها، وأنّها ستنال الثقة النيابية، وذلك في حال ظلّت الموانع التي تعوق تأليف الحكومة الجامعة قائمة”.
وقالت مصادر في 8 آذار لـ”الجمهورية” إنّ “القرار بعدم إبداء أيّ ردّة فعل على الحكومة الحيادية ليس ضغطاً على “التيار الوطني الحر” ولا تهويلاً عليه، وإنّما فرضه واقع قبول رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام بحكومة سياسية جامعة، وجهود كبيرة وجبّارة أدّت الى اتّفاق سياسي بين فريقي 8 و14 آذار سُجّلت فيه تنازلات من الطرفين، وتحقّقت فيه مطالب ترضي الطرفين، بما فيها ما يذلّل الإشكالية القائمة حول إدراج ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” في البيان الوزاري. وقد تراجع الجميع عن شروطهم لمصلحة الحكومة الجامعة التي طالب بها فريق 8 آذار وجنبلاط خصوصاً، فماذا سيقول هذا الفريق للبنانيين اليوم إذا كانت عقبة تأليف الحكومة آتية من داخله، وهو يعلم انّ خيار الحكومة الحيادية سيكون “الكيّ” في ظلّ الشلل الحكومي والنيابي والمؤسّساتي”. وأضافت هذه المصادر: “لقد استنفدنا كلّ الفرص وكلّ المحاولات لتجنيب البلاد مُرّ الحكومة الحيادية، وبات الوقت داهماً جدّاً.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” أنّ لقاءً عُقد امس بين وفد من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لكنّ النتيجة التي تبلّغتها المراجع المعنية أظهرت انّ المساعي التي بذلها الحزب اصطدمت بتصلّب قاس ينبئ بإصرار التيار على مواقفه، وذلك بناءً على استحالة الخروج على مبدأ المداورة، حسب وفد الحزب.
وعليه، قالت المصادر نفسها إنّ ايّ توجّه في الأيام القليلة المقبلة في اتجاه حكومة حيادية لم يعد خياراً للحضّ فقط، بل قد يتحوّل خياراً وحيداً للخروج من المأزق الحكومي.
«تسونامي» باسيل
وكانت المواقف أظهرت أمس تراجع أسهم التأليف وغياب الإنفراجات وتعرقل المفاوضات بعد تصلّب “التيار الوطني الحر” الذي عبّر عنه وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إذ هدّد بـ”تسونامي” جديدة، معتبراً “أنّهم يدفعون المسيحيين الى مشاريع غير ميثاقية”، ومشيراً إلى انّ “كلّ الاحتمالات مفتوحة أمامنا، وكلّ شيء يعلن في وقته”.
وقال باسيل في مؤتمر صحافي تلا في خلاله بيانا مكتوباً إنّ الرئيس المكلف تمام سلام “ليس حاكماً بأمره في مسألة تأليف الحكومة، ولا يفرض أو يهدّد بأمر واقع غير ميثاقي”، وأكّد “أنّ المداورة في الحقائب وتسمية الوزراء تعقيدات جديدة، وطرح المداورة اليوم هو استهدافيّ إقصائيّ، وشدّد على “أنّ حقيبة النفط هي الحقيبة الإستراتيجية للبنان ولمسيحييه تحديداً”، سائلاً: “هل يجوز حرمان الكتلة المسيحية الكبرى من حقيبة سيادية من 4 حقائب؟” وشدّد على “أنّ المسيحيين في هذا الوطن ليسوا متسوّلي مقاعد وحقائب، بل هم طلاب شراكة فعلية”. وقال: “إن لم يبادر المسلمون الى وقف الإنحراف الميثاقي، فإنّهم يدفعون به الى مشاريع غير ميثاقية”.
ونفت مصادر عاملة على خط التأليف لـ”الجمهورية” وجود مهلة جديدة للتأليف حدّدها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف التأليف، كما أشيع في بعض الأوساط، بحيث يشرعان بعدها في تأليف “حكومة سياسية أمر واقع”. وقالت “إنّ حكومة كهذه هي مثل حكومة الأمر الواقع لأنّ “التيار الوطني الحر” سينسحب منها ولن تكون “القوات اللبنانية” موجودة فيها، وبالتالي تصبح هذه الحكومة غير ميثاقية.
وذكرت هذه المصادر أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري “لم يفاوض يوماً نيابة عن “التيار الوطني الحر”، وهذا الأمر معروف منذ العام 2008، عندما فتح مكتبه في المجلس لنواب “التيار” كي يتفاوضوا مع الرئيس سعد الحريري والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وأضافت: “إنّ العونيين يقولون إنّ أحداً لم يفاوضهم في الموضوع الحكومي، فهذا الأمر غير صحيح، لأنّ “حزب الله” كان على تواصل مع برّي، وفي الوقت نفسه كان على تواصل معهم”.
موقف برّي
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان ملف التأليف الحكومي عاد الى المربّع الاوّل في ضوء ما يواجهه من عقبات، قال برّي لـ”الجمهورية”: “لقد عملت ما عليّ في الموضوع الحكومي لتسهيل التأليف، وإنّني انتظر الآخرين، وحسب علمي فإنّ الاتصالات والمساعي مستمرّة ولا شيء جديداً عندي لأقوله في هذا المجال”. وكشف انّ السفير الأميركي ديفيد هيل الذي زاره الجمعة الفائت، نقل اليه موقفاً أميركياً يشجّع على تأليف حكومة جامعة يشارك فيها الجميع بمن فيهم “حزب الله”.
وعلمت “الجمهورية” انّ الإدارة الأميركية، إضافة الى تشجيعها على تأليف حكومة جامعة، فإنّها تستعجل إجراء الإنتخابات الرئاسية في لبنان.
ولاحظت مصادر نيابية بارزة أنّ واشنطن تتقاطع في هذا الموقف مع ما كان بري اعلنه قبل أسابيع، إذ اقترح على الأفرقاء السياسيين الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد الإتفاق على رئيس إذا كان هذا الأمر من شأنه أن يخرج البلاد من الأزمة الحكومية التي تعيشها.