التكوّن التاريخي للهجمة الإمبريالية على الدولة السورية
وكالة أنباء فارس ـ
المستشار المصري محمد أبو زيد:
تعلّمنا أن الكلمة ﻻبد أن تهدف الحقيقة وتسعى إليها بعزم وإصرار تستمدهما من إيمان قوى بعدالة ما نؤمن به وندافع عنه.. فنحن ﻻننتمي إﻻ لأنفسنا وﻻنتبع سوى ضمائرنا التى تأبى علينا أن نكون شهود زور على أقذر الجرائم فى العصر الحديث والتى تُرتكَب في حق شعب شقيق وحبيب .. فلا خير فينا إن لم نقل الحقيقة ..
فمع اندﻻع ماسُمّيَ زوراً وبهتاناً بالثورة السورية والتي لعب الإخوان المسلمين فى ارتباطهم الشديد بالمشاريع المعدّة للمنطقة ومن بينها سوريا – دوراً محورياً في إشعال أحداثها ربما لإدراكهم العميق أن سقوط القاهرة يعني سقوط نصف سوريا .. بينما سقوط سوريا يعني سقوط مصر كاملاً .. ومن هنا يبرز الدور الذى لعبه النظام التركي والقطري منذ البداية قبل ًأن تصدر الأوامر للسعودية وباقي دول الخليج (الفارسي) بالبدء فى أداء الدور المحدد سلفا …
ولكن …لماذا سوريا ؟
1- إن الوضع فى سوريا عشية الأحداث التى اندلعت فى مارس 2011 ..لم يكن مقبوﻻ إسرائيليا ..وﻻ أمريكيا ..وﻻ حتى خليجيا وﻻسيما مع بقاء النظام السورى ضمن المعسكر الراديكالى الذى يشمل إيران ومنظمات المقاومة الشعبية سواء اللبنانية او الفلسطينية …
2- إن الدور الذى تلعبه سوريا بدعم تلك المنظمات واحتضانها لا بد أن يتوقف .. فسوريا قد دعمت المقاومة الوطنية العراقية التى أذلت الغاصب الأمريكى ..وسوريا هى التى دعمت المقاومة الوطنية اللبنانية فى حربها مع إسرائيل عام 2006 والتى انتهت حسب تقرير فينوجراد إلى خيبة كبيرة وخطيرة يتحمل مسؤوليتها الجيش الإسرائيلى .. وقد انتهى التقرير إلى وجوب تأمين القدرات التى تسمح لإسرائيل بردع جيرانها الراغبين المساس بها ومنعهم ولو بالقوة من تحقيق أهدافهم ( ص 92 : 93 من العدد 70 من مجلة معلومات التى تصدر بالتعاون مع السفير اللبنانية .)
3 – إن التقرير اﻻستراتيجى لإسرائيل عام 2009 قد اشتمل على الآتى : –
ا- أن المشكلة الأصعب فى تحقيق التطبيع بين إسرائيل والعالم العربى تتمثل فى بقاء قضايا غير محلولة ..وهنا تبدو المسألة السورية هامة فى هذا الجانب ..فتحقيق السلام بين إسرائيل وسوريا يساعد على تلطيف آخر للعلاقة مع العالم العربى .
ب – إن صعود قوة حزب الله فى لبنان وصعود حماس فى غزة يقلقان الحكومات العربية المعتدلة وفى نظر الوطن العربى فإن هذين التطورين يرتبطان بمساعي ايران توسيع نفوذها فى الوطن العربى ..
ج – إن المواجهات بين حزب الله وحماس مع إسرائيل يقلق الحكومات العربية المعتدلة لأن ذلك يسهم فى إلهاب الشارع العربى وتعزيز قوة الميول الراديكالية فيه
د – أنه وبالرغم من تعرض إسرائيل لإدانات واسعة من الحكومات العربية سواء أثناء حرب لبنان الثانية بتموز 2006 أو العملية العسكرية فى غزة ديسمبر 2009 فإن الحكومات المعتدلة كان تأمل – بديهيا من دون أن تعلن ذلك صراحة – أن توجه إسرائيل ضربة عسكرية لكلا التنظيمين وأن تضعف قوتهما .. ص70 و ص 86 من التقرير اﻻستراتيجى لإسرائيل عام 2009 .
4 – يمكن لدعم العالم العربى أن يضعف ويكبح جماح العناصر الراديكالية التى ستحاول منع تحقيق تسويات أو زعزعتها خصوصا اتفاق سلام مع سوريا إذا كان ذلك سيقود الى دق إسفين بين إيران وسوريا وإضعاف حماس وحزب الله ..وأن تسهم فى تقليص الخطر الإيراني إذا لم تكن أزالته … ص 88 : 89 المصدر نفسه …
5 – ويخلص الباحث الصهيونى عيران عتسيون إلى القول بأنه ينبغي للاستراتيجية الإسرائيلية أن ترتكز على ساقين : ساق الردع وساق التسوية ..ففي مواجهة إيران وسوريا واللاعبين مادون الدولة كحزب الله وحماس والجهاد اﻻسلامى وأشباههم يتطلب الأمر سياسة ردع موثقة ودائمة .
6 – وقد خلصت المناقشات داخل إسرائيل إلى أن الحل الوحيد للحد من قدرات حزب الله وإضعاف المقاومة هو ضرب سوريا والسعي لإسقاطها أو على الأقل إغراقها فى مستنقع اﻻزمات والهموم الداخلية والعزف بشدة على وتر الطائفية فى بلد متعدد الأعراق واﻻديان والمذاهب ..
إذن فقرار إسقاط سوريا الدولة وليس النظام فحسب وإعادتها للوراء عشرات إن لم يكن مئات الأعوام لإخراجها من منظومة المقاومة ومن معادلة الصراع العربي اﻻسرائيلي هو قرار صهيونى أملته على رأس المال الدولي وعملائه وأدواته بالمنطقة ..بل ووصل الأمر بالإدارة الأمريكية إلى تخيير المنطقة كلها وليس سوريا ..بين الفوضى العارمة أو إسقاط الرئيس الأسد …