صحيفة الجمهورية ـ
سينتيا عواد:
إنّ الضوء منتشر في كلّ زاوية خلال ساعات الليل، من الكمبيوتر إلى الهواتف الذكيّة فالأجهزة اللوحيّة… ما يعرّض الإنسان لكمية كبيرة من الضوء تكون كافية لعرقلة الساعة البيولوجيّة للجسم لتؤثّر بذلك سلباً في عمليّة النوم.
إنّ الأضواء الإصطناعيّة غزت بيئتنا الخارجيّة والداخليّة، لتعرّضنا بذلك لتلوّث ضوئي قد يكون كبيراً جداً ولا يخلو من عواقب على نومنا. إنّ اللمبات المعروفة بالـ LED سيطرت تدريجياً على الشوارع وأماكن السكن، وصحيح أنّها تتميّز بإستهلاك منخفض للطاقة، إلّا أنها تتمتّع بإضاءة قويّة جداً. إلى جانب الخطر الذي يمكن أن تحدثه لشبكيّة العين، التعرّض للـ LED يمكن أن يعوّق عملية النوم. في أيّامنا هذه، إنّ الـ LED باتت أيضاً مدرجة في الشاشات المسطّحة مثل التلفاز واللوحات الإلكترونية والهواتف الذكيّة التي يستهلكها الجميع في الليل. ما يؤدي إلى عدم تنظيم النوم ويعوّق الشعور بالنعاس واستعادة رغبتنا في النوم.
الخلل في الجسم
إنّ الأضواء الإصطناعيّة التي نتعرّض لها مساء كلّ يوم، تعرقل وظيفة الناقلات العصبيّة المسؤولة عن النوم لتحفّز في المقابل تلك المسؤولة عن الوعي. لذلك فإنّ استعادة الرغبة في النوم والراحة تصبح صعبة ومتأخّرة. إنّ الأضواء الإصطناعيّة تعرقل هورمون الميلاتونين المسؤول مباشرة عن نومنا، والذي يدخل في تنظيم دورات النوم والإستيقاظ أو بمعنى آخر الساعة البيولوجيّة. لقد تناولت دراسات كثيرة تأثيرات أضواء الـ LED في إنتاج الجسم للميلاتونين، لعلّ أبرزها الدراسة الحديثة التي شملت بعض التلاميذ، حيث تبيّن أنّه وبعد استخدامهم الـ Ipad خلال ساعتين متتاليتين وتحديداً من الـ 11 إلى الواحدة مساء، إنقسم إنتاج الميلاتونين إلى ثلاثة وأحياناً ستة. لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا الهورمون يكاد يكون معدوماً خلال النهار ويتمّ إنتاجه فقط في الليل، شرط ألّا تتعرّض العينين لكثير من الضوء.
الشاشات… أسوأ من القهوة؟
من المحتمل أن تؤدي الأضواء المنبعثة من شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكيّة والأجهزة اللوحيّة، دوراً أكبر بكثير من مادة الكافيين والتوتر والغذاء السيّئ في ما يتعلّق باضطرابات النوم. ولا بدّ من التشديد على أنّ قلّة النوم المزمنة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالبدانة وأمراض القلب والأوعية الدمويّة والكآبة وانخفاض الإنتباه والخمول والتعب.
6 نصائح لاستعادة النوم الطبيعي
1 – من المهمّ الحرص على أن تكون غرفة النوم مظلمة، خالية من المنبّهات والوسائل التي تبعث الضوء على رأسها التلفاز والكمبيوتر.
2- خلال الفترة المسائيّة، من الضروريّ خفض حدّة الضوء في المنزل بشكل تدريجي.
3 – تفادي النوم أمام التلفاز الذي يُعدّ مصدراً قويّاً للضوء خلال الليل.
4 – تجنّب الأنشطة على الكمبيوتر والهواتف الذكيّة والأجهزة اللوحية قبل النوم. والأفضل خفض حدية ضوء الشاشة وإبعادها قدر الإمكان عن العينين.
5 – من المهمّ أن يمنع الأهل أبناءهم من استخدام التلفاز والكمبيوتر والهواتف الخيلويّة والأجهزة اللوحيّة في غرف النوم.
6 – تفادي الأنشطة المنبّهة والمثيرة خلال الليل. صحيح أنّ الضوء يؤثّر بشكل رئيسيّ في عرقلة نومنا، إلّا أنّ القيام ببعض الأنشطة بإمكانها أيضاً أن تمنع نومنا، مثل مشاهدة أفلام عنيفة أو اللعب بألعاب الفيديو…
إنّ التشديد على اتباع حياة صحّية لا يعني فقط التركيز على الأطعمة التي تحتوي على قيمة غذائيّة عالية، والحرص على ممارسة الرياضة بإنتظام، والإمتناع عن التدخين، واستهلاك الكحول بإعتدال و…. إنّما يشمل ذلك أيضاً ضمان ساعات كافية من النوم لا تقلّ عن السبع ساعات مساء كلّ يوم، وأهمّ ما في الأمر تهيئة الأجواء المناسبة التي تعزّز هذه العمليّة التي ليست ضروريّة فقط من أجل الحصول على الراحة بعد قضاء يوم مليء بالضغوطات والمتاعب والأعمال، إنّما وأهمّ ما في الأمر من أجل تقليص المخاطر الصحية التي قد تُصيب الفرد جرّاء الأرق وقلّة النوم، لعلّ أبرزها السمنة التي بدورها ترفع من أخطار أمراض القلب والسكري.