التقرير السنوي لجمعية مصارف لبنان عن 2012… الاقتصاد اللبناني يحقق نمواً بنسبة 1.5%
راوح نمو الاقتصاد اللبناني في العام 2012، نسبة تتراوح بين 1.5 و2%، متابعا منحى التباطؤ الذي عرفه في العام 2011 بعد تسجيله معدلات نمو قوية خلال فترة 2007 – 2010، تخطت في المتوسط 7.5%… ويعود ذلك كما جاء في التقرير السنوي الصادر عن جمعية المصارف حول التطورات المالية والاقتصادية في العام 2012.
النمو العالمي 3.5% لـ2013
توقع صندوق النقد الدولي في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في نيسان 2013 أن يصل نمو الناتج المحلي للاقتصاد العالمي الى نسبة 3.25% في العام 2013 و 4% في العام 2014 بالترافق مع تعاف اقتصادي بطيء وتدريجي.
ترقب التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي تراجع المخاطر وتحسّن الظروف الاقتصادية ، وتختلف سرعة النمو المرتقب بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة كمجموعتين، من جهة ، وبين الاقتصادات الأكثر تأثيراً على نمو الاقتصاد العالمي في كل من المجموعتين من جهة أخرى
تعود نسب النمو المتدنية المحققة خلال العام 2012 الى استمرار التجاذبات السياسية والتفلت الامني في البلاد، والوضع المتأزم في سورية، ما اثر سلبا على محركات النمو، في وقت لم تتخذ الحكومة اية اجراءات ملموسة محفزة للنشاط الاقتصادي ولسوق العمل.
وتراجعت الحركة السياحية في العام 2012 على نحو لافت للسنة الثانية على التوالي، وهي تشكل جزءا هاماً من نشاط العديد من القطاعات الاقتصادية، وتراجعت بالتالي الايرادات الناتجة عنها، تحت تأثير دعوات الحكومات الخليجية الى رعاياها لتجنب السفر الى لبنان، اضافة الى تراجع حركة السفر البري مع ارتفاع المخاطر المرافقة له بسبب الوضع السوري. كما تأثرت سلبا حركة الاستثمارات الداخلية والخارجية مع تراجع ثقة المستثمرين وتفضيلهم التريث والترقب في قراراتهم في ظل الحالة الضبابية هذه فتراجع القطاع العقاري للسنة الثانية على التوالي، وسجل انخفاض لافت في الاستثمارات الاجنبية المباشرة. في المقابل، حافظت تحويلات العاملين في الخارج الى لبنان على مستواها المرتفع كما تابعت التسليفات المصرفية ارتفاعها بنسبة جيدة في العام 2012، فساهمت كما هي الحال دائما في دعم الحركة الاستهلاكية والاستثمارية. اضافة الى ذلك ان وجود الرعايا السوريين في لبنان سواء من الفئات الفقيرة ام الميسورة ، بوجه خاص زاد أيضاً حجم الطلب على السلع والخدمات.
تصنيف لبنان
في موازاة ذلك، لم تعمد مؤسسات التصنيف العالمية في العام 2012 وحتى تاريخ اعداد هذا التقرير، الى تخفيض تصنيف لبنان السيادي لبقاء الوضع الاقتصادي متماسكا على العموم، مستفيدا من المكتسبات المحققة في السنوات السابقة، ومن الوضع السليم للنظام المصرفي اللبناني والثقة الكبيرة به.
فأبقت مؤسسة فيتش على تصنيف لبنان طويل الاجل بالعملات الاجنبية وبالليرة عند درجة B مع آفاق ثابتة، كما ابقت مؤسسة موديز تصنيف لبنان السيادي عند B1، لكنها عمدت في ايار 2013 الى تغيير الآفاق من مستقرة الى سلبية بسبب تأثير الحرب في سورية على النمو الاقتصادي والمالي العام والاستقرار السياسي في لبنان.
كما تركت وكالة ستاندرد اند بورز تصنيف لبنان عند درجة B، لكنها قامت بتعديل الآفاق من مستقرة الى سلبية في ايار 2012 بسبب ارتفاع المخاطر مع عدم الاستقرار السياسي الداخلي والاقليمي. وبشكل عام، ترى مؤسسات التصنيف ان عنصر القوة في لبنان يتمثل بالثقة الكبيرة بالنظام المصرفي اللبناني وبالموجودات الخارجية لمصرف لبنان المرتفعة في حين تنتقد المستوى المرتفع لعجز الموازنة وللمديونية العامة مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي.
نمو 2013
ويصعب توقع ما سيكون عليه النمو الاقتصادي في لبنان في العام 2013 نظرا الى ترابطه بعوامل عدة، منها سرعة تشكيل الحكومة المنتظرة وكيفية مقاربتها للمواضيع السياسية وايضا للقضايا الاقتصادية وارسالها اشارات ايجابية للمستهلك والمستثمر، واقرار قانون الانتخابات النيابية، وتطور الاوضاع في سورية، ومدى قدرة لبنان على اجتذاب السياح وخصوصا الخليجيين منهم وعلى استقطاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة والرساميل الاخرى، والنمو الاقتصادي في دول الخليج، ومضاعفات النزوح السوري في لبنان، الى غيرها من العوامل.
تحفيز مصرف لبنان
تجدر الاشارة في هذا السياق الى ان النمو الاقتصادي في العام 2013 سيتأثر ايجابا ببرنامج التحفيز الاقتصادي الذي وضعه مصرف لبنان والهادف الى دعم التسليفات المصرفية، وخصوصاً السكنية منها. وكان صندوق النقد الدولي توقع في تقريره حول آفاق الاقتصاد الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى الصادر في ايار 2013 ان يسجل الاقتصاد اللبناني نموا معتدلا بنسب 2,0% في العام المذكور مقارنة بـ1,5% في العام 2012.
الدين العام
ولفت التقرير الى أن نتائج المديونية العامة تأثرت بنتائج المالية العامة، اذ ارتفع الدين العام الاجمالي الى 86959 مليار ليرة، اي الى ما يعادل 57.7 مليار دولار في نهاية العام 2012، مسجلا زيادة نسبتها 7.5% قياسا على العام الذي سبق بعدما بلغت نسبة الزيادة 2% في العام 2011. وفي كل الاحوال تجاوز نمو الدين العام معدل النمو الاقتصادي في العام 2012 وارتفعت نسبته الى 136.8% من الناتج المحلي الاجمالي في مقابل 134.8% في العام 2011.
منطقة الشرق الأوسط
سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمالي افريقيا نمواً ملحوظاً فاق معدّل النمو العالمي ليناهز نسبة 4.8% في العام 2012 مقابل 4% في 2011، مع تباين واضح بين نمو البلدان المصدّرة للنفط وتلك المستوردة له. ونمت دول مركز الثقل اي الدول المصدرة للنفط بمستويات جيدة نتيجة ارتفاع العائدات النفطية والأوضاع النقدية والمالية التيسيرية ، ومن ضمنها اعلان دول عدة عن زيادة المبالغ المخصصة للانفاق الحكومي ولا سيما على الأجور والرواتب فإن النمو الاقتصادي بقي ضعيفاً في الدول المستوردة للنفط كون العديد من هذه الدول تمر في مرحلة سياسية انتقالية صعبة.
تحديات المنطقة
تكمن تحديات المنطقة على المدى القصير في القدرة على اعادة ارساء استقرار الاقتصاد الكلي او المحافظة عليه في ظل حالة الضبابية السياسية والتوتر الاجتماعي والخوف من حدوث هبوط في أسعار النفط .
ويتمثل التحدي على المدى المتوسط في تنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل للشباب في ظل سرعة النمو السكاني وتنفيذ الاصلاحات الهيكلية التي تساعد على تحقيق النمو الشامل.
المصدر: صحيفة البلد اللبنانية