التطور في العلاقات المصرية الروسية يفرض على أمريكا اعادة حساباتها
هذا التطور في العلاقات بين روسيا ومصر، والقفزة النوعية التي اتخذتها قيادات البلدين في موسكو والقاهرة، والمتمثلة باللقاءات الهامة بين مسؤولي بلدين ربطتهما علاقات حميمية في سنوات خلت، لن تقتصر تداعياتها وتأثيراتها على عودة هذه العلاقات الى سابق عهدها.. فالتطور الملفت الذي يحظى باهتمام اقليمي ودولي هو شكل من أشكال الربيع العربي الحقيقي، وليس الربيع الاطلسي، الذي يفقد الدول سيادتها وثرواتها وأدوارها، ويوكل الى التكفيريين، وما يسمى بالاسلام السياسي تنفيذ البرامج المعادية للأمة العربية.
وما شهدته القاهرة من لقاءات بين المسؤولين الروس والمصريين يؤكد بوضوح استعادة مصر لدورها بعد أن كاد يتلاشى بفعل مقاولي البرامج الأمريكية، وثبات القيادة المصرية الجديدة، واستقرار ساحة مصر التي أجهضت المخطط الخبيث الذي استهدف شطب دور القاهرة، وتفكيك الجيش المصري، وهذا التطور في العلاقات الروسية والمصرية سيفرض على جهات عديدة اقليمية ودولية اعادة حساباتها والتخلي عن أوهامها والتوقف عن معاداة شعب مصر والتدخل في شؤونه الداخلية، وستشهد الفترة القريبة القادمة تداعيات هذا الحدث الكبير، مما يعني أن الزيارة التي قام بها مسؤولون روس الى القاهرة ليست اعتيادية ودلالاتها كبيرة، وسوف تسهم في تحقيق انجازات في نواحي الحياة المصرية المختلفة.
ان روسيا دولة لها وزنها وتمتلك عناصر قوة كبيرة، لذلك، لن تسد فراغا بزيارة مسؤولين منها الى القاهرة، ومصر أيضا ركن اساسي في الساحة الدولية، وهذا ما يفسر مجيء وزير الخارجية والدفاع الروسيين الى مصر، للاتفاق على خطوات تعزيز العلاقات في مجالات عدة، فالصداقة المصرية الروسية ليست جديدة، فجذورها عميقة ومنذ زمن طويل.
ومن هنا، لهذا الحدث أهميته وابعاده، على صعيد العلاقات بين موسكو والقاهرة، واعتراف واضح هام بخيار الشعب المصري الذي أسقط البرنامج الامريكي وأداة تنفيذه الاخوانية، لتعود الى مصر اشراقتها، وتنهض من جديد ممسكة بدورها الريادي المؤثر الذي تعترف بأهميته قوى التأثير في العالم، ومن بينها روسيا.
ومهما حاول البعض التقليل من أهمية هذه الزيارة، وتحديدا في واشنطن وعواصم الغرب، الا أنها ستفرض على الولايات المتحدة اعادة حساباتها، فمصالحها ستكون في دائرة الخطر الجدي اذا ما واصلت عداءها لشعب مصر ودعمها لأدوات مرفوضة، اعتقدت أنها قادرة على السيطرة على أرض الكنانة والدول العربية، بمعنى آخر، ان سياسة واشنطن في المنطقة باتت مكلفة للغاية في مصر وخارجها في ساحة الاقليم.
وفي هذا السياق، تقول دوائر سياسية ودبلوماسية لصحيفة المنــار أن ارتدادات هذه الزيارة ستضرب العديد من أبواب العواصم، فالقاهرة من الدول المؤثرة، وأي تطوره تشهده ساحتها، له تأثيره على ساحات اخرى سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وأن على الولايات المتحدة التحرك سريعا للعودة عن سياستها التي ترفضها شعوب المنطقة، وأن تتوقف عن دعم أدوات غير مقبولة جماهيريا، مع ضرورة عدم المس بخيارات الشعوب القادرة على صنع ربيع حقيقي، وليس ربيعا قائما على الدم والارهاب ومصادرة حقوق وسيادة الدول، وتأثيرات الزيارة ستكون قوية على واشنطن بشكل خاص بعد أن تعرت تماما، وافتضحت حقيقة نواياها وشعاراتها الكاذبة التي رفعتها وهي تصدر الفوضى والارهاب الى المنطقة.
المصدر: صحيفة المنار الصادرة في فلسطين عام 1948