التدمير مطلوب ما دام الهدف لم يتحقق!
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
لا يكاد يأتي يوم إلا ويستيقظ فيه السوريون على انفجار سيارة مفخخة تحصد العشرات بين قتيل وجريح، فأيام العيد وحدها شهدت عددًا من التفجيرات بسيارات مفخخة، حارمة الشعب السوري من الاحتفال بعيد الأضحى المبارك ولو لساعات فقط، حيث يكره مفجروها ـ كما هو ديدنهم المعهود ـ أن تدخل البيوت السورية مظاهر الفرح والاستقرار والهدوء، فيوم أمس وحده شهد تفجيرًا بسيارة مفخخة في جرمانا إحدى ضواحي العاصمة دمشق، موقعًا عشرة قتلى بينهم أطفال ونساء، ومخلفًا أضرارًا مادية كبيرة.
الواقع يقول إن سوريا قد دخلت مرحلة جديدة في سياق الأزمة وتدخل الأطراف الخارجية فيها وتحريضها للمتمردين والمجموعات الإرهابية والتكفيرية والظلامية، بل وسيطرتها على قرارها ودعمها بالمال والسلاح وتوجيهها لتنفيذ أجندات خاصة على حساب مصلحة سوريا ووحدتها واستقرارها، وعلى حساب حياة الشعب السوري وأمنه وطمأنينته وعيشه واستقراره، هذه المرحلة هي المرحلة ذاتها التي أدخل فيها العراق عنوة، فقد باتت مشاهد التفجيرات بالسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية لا تقتصر على العراق وحده، وإنما أضيفت إليه سوريا والحبل على الجرار ـ كما يقال ـ؛ لأن المجموعات الإرهابية التي تمارس إرهابها بحق الشعب العراقي هي ذاتها التي تمارسه اليوم بحق الشعب السوري وكذلك الأطراف الخارجية الداعمة والمحرضة هي ذاتها. ويبدو أن هذا الوضع هو المراد من الآن فصاعدًا؛ نظرًا لقوة الصراع والصدام بين القوى ذات العلاقة بالأزمة السورية؛ لأن بعض الأطراف التي كانت تراهن على تحقق نظرية السقوط، ترى فشل النظرية من أساسها، ولذلك عوضًا عن هذا الفشل ستواصل تغذية عنف المجموعات الإرهابية وتحريضها للاستمرار في هجمات من هذا النوع الذي سيكفل عدم استقرار سوريا ما يهدد كيانها بالضعف والتراجع العسكري والاقتصادي والأمني والاجتماعي على المدى البعيد بما يسمح بتجزئتها وتفتيتها ـ وهو الهدف الذي يتعامى عنه أولئك المخدوعون بشعارات الحرية والديمقراطية ـ لأن الحكومة السورية لن تستطيع الاستمرار في ظل عمليات الاستنزاف الكبيرة الحاصلة، كما يرى أصحاب خيار دعم الإرهاب في سوريا. إلا أن ما يثير السخرية إزاء هذه الممارسات الإرهابية هو ما تدعيه المعارضة السورية المسلحة من أن عمليات التفجير هي من تدبير الحكومة السورية، في إعادة إلى الواجهة من جديد الاسطوانة المشروخة التي كانت تتردد سابقًا، فكيف يعقل أن تقدم حكومة على تدمير نفسها بيديها وهي في أمس الحاجة إلى كل مظاهر القوة؟
ومن الطبيعي أن يثير هذا السلوك الأسف لدى الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، لكن المثير في حديث الابراهيمي اعلانه عن أفكار جديدة وتصميمه على مواصلة الجهد لمساعدة الشعب السوري، وما من شك أن أي أفكار من شأنها أن تضع حدًّا لنزيف الدماء السورية مرحب بها من قبل كل الحريصين على سوريا العروبة وحقن دماء شعبها الأبي، لكن ما الذي يمكن قوله إزاء هذه الأفكار وقد شاهد الجميع إصرار المجموعات الإرهابية والتكفيرية والظلامية والمرتزقة والمتمردة على مواصلة العنف والقتل، والتمسك به بدل لغة الحوار؟