التدخل التركي في #سوريا اختبار للعلاقات مع #إيران
علي هاشم – الميادين نت
مدير الميادين أونلاين، بدأ العمل في قناة الميادين في العام 2012، غطى العديد من الأحداث المهمة في المنطقة والعالم. يكتب بشكل دوري في موقع المونيتور الأميركي والسفير اللبنانية وله مقالات نشرت في صحف عالمية كالغارديان والصانداي تايمز.
توجد مخاوف جدية لدى كل من دمشق وطهران من عدم انتهاء التدخل التركي قريباً وتمكينه قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا والتي تقاتل النظام السوري والقوات الإيرانية على الأرض.
يشير تدخل تركيا في الصراع السوري إلى مرحلة جديدة في الأزمة السورية المستمرة منذ خمس سنوات، مع دخولها كلاعب جديد مباشر بما يزيد بشكل مؤكد من تعقيد ديناميات هذا الصراع المعقد أصلاً. إن عملية درع الفرات التركية في شمال سوريا لم تكن مفاجئة لجهة دعوة الأتراك على مدى سنوات عدة لإقامة منطقة آمنة، لكنها كانت كذلك من حيث التوقيت أي بعد ست أسابيع فقط من محاولة الانقلاب الفاشلة. التدخل يأتي أيضاً في الوقت الذي تعيد فيه تركيا النظر في سياستها الخارجية بما في ذلك التقارب مع روسيا وتحسن العلاقات مع إيران.
قبل أسبوعين من التدخل التركي التقى الرئيس رجب طيب أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبورغ لدفن الأحقاد بعد إسقاط تركيا لمقاتلة روسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015. ناقش أردوغان وبوتين استئناف العلاقات الثنائية والوضع في سوريا. بعد ثمان وأربعين ساعة فقط من عودة أردوغان من روسيا وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة حيث أجرى محادثات مع الرئيس التركي ومسؤولين آخرين.
وفق مسؤول إيراني رفيع المستوى فإن النقاش الأخير أظهر استعداد القيادة التركية لمناقشة حلول حقيقية في سوريا. وخلال الزيارة اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة حول سوريا من أجل اجراء محادثات مكثفة على مختلف المستويات. لهجة تركيا الجديدة غيرت مقاربة إيران للخطوات التركية في سوريا. فقد تعاملت إيران في البداية مع التدخل التركي بتجاهل ايجابي، ردة الفعل الأولى الأساسية كانت دعوة أنقرة للتنسيق مع الحكومة السورية.
مسؤول إيراني آخر قال “إن إيران لم تكن على علم رسمياً بشأن أي خطط تركية للتدخل العسكري في سوريا. بيد أنها تفهم مبررات القرار التركي نظرا للمصالح المشتركة للبلدين في إحباط اي محاولة كردية لإقامة دولة في شمال سوريا. أثار تقدم وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية باتجاه مدينة جرابلس وهجومهما لطرد القوات الحكومية من الحسكة قلق القوتين الإقليميتين من إمكانية أن تؤجج دولة كردية في سوريا طموحات الانفصال في أوساط الكرد في كلا البلدين. الحكومة السورية تتشارك معهما القلق نفسه نظرا لكون اي محاولة لاقامة كردستان سورية ستؤدي الى التقسيم الكامل للبلد.
ولكن بالرغم من المصالح المشتركة في كبح أي دولة كردية فإن الخلافات المستمرة حول الصراع السوري تسببت في إثارة الشكوك من جانب الايرانيين. وفي 30 آب/ أغسطس شددت إيران لهجتها ودعت تركيا إلى إنهاء تدخلها في سوريا فوراً. وتبع موقف إيران الجديد مباشرة تصريح قاس من جانب حليفتها دمشق، حيث دانت حكومة الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات الجرائم المتكررة والانتهاكات والعدوان والمجازر التي يستمر النظام في أنقرة باقترافها بحق الشعب السوري وسيادة الجمهورية العربية السورية، كما جاء في رسالة وزارة الخارجية السورية للأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وتوجد مخاوف جدية لدى كل من دمشق وطهران من عدم انتهاء التدخل التركي قريباً وتمكينه قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا والتي تقاتل النظام السوري والقوات الإيرانية على الأرض. وفق مسؤول إيراني “من الواضح عدم التوصل إلى أي اتفاقات بين إيران وتركيا حول سوريا” بالرغم من النوايا الحسنة الأخيرة التي أظهرها الجانبان. وتعزز المخاوف الايرانية السورية حقيقة أن التدخل التركي حصل في شمال سوريا، بعد وقت قصير من اعادة فرض الحكومة السورية وإيران وحزب الله وروسيا حصاراً على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في شرق حلب.
بالتزامن مع هذه التطورات نهاية الاسبوع بدا اللقاء بين أردوغان وبوتين ودياً في قمة مجموعة العشرين في الصين. ما ظهر من ود بين الزعيمين دفع الكثيرين إلى التكهن بأن مبادرة روسية تركية قيد التحضير بالتنسيق مع إيران. ولكن في حين قد تكون روسيا وتركيا تتقدمان فعلاً في سعيهما نحو مقاربة مشتركة حول سوريا فإن ذلك لا يشمل بالضرورة إيران.
حين قام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بزيارة مفاجئة إلى طهران في 19 آب/ أغسطس سرت تكهنات بأن أردوغان سيحذو حذوه في الأسبوع التالي. حتى الآن لم يتم تحديد أي موعد لزيارة رسمية لكنها قيد التحضير. التدخل التركي قد يفرض تأخيراً لهذه الزيارة المحتملة في الوقت الذي تترقب فيه إيران والعالم في الواقع الخطوة المقبلة لتركيا. مع ذلك فإن البلدين سيواصلان ممارسة العرف الدبلوماسي كما فعلا طيلة فترة الصراع السوري حتى إنهما قد يسرعا جهودهما للتوصل إلى تفاهم لكن أي تصور بشأن التعاون التركي الإيراني الجديد حول سوريا لا يزال يبدو بعيد المنال.