الايبولا تواجه معركة الحياة واللبنانيون في ليبيريا في عهدة الحظ
الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية ـ
تحقيق ريما يوسف:
وطنية – يخوض الانسان معركة الحياة منذ ولادته، ويواجه للبقاء حواجز الصعاب والامراض على السواء، وقد اضحت هذه الامراض من اولى الصعاب التي تقض مضاجعه، وتتطور بسرعة في الالفية الثالثة.
“الايبولا” فيروس بدأ انتشاره منذ بداية هذا العام في دول غرب افريقيا التي تعد نامية، وتتطور بسرعة لعدم وجود لقاح او حتى علاج الا بالمصل وبأدوية المضادات الحيوية، وهذا الفيروس انتقل الى الانسان عبر خفافيش الفاكهة (الوطاويط) من دون ان يشكل اي ضرر عليه، وذلك من خلال البراز او حتى أكله، ما دفع منظمة الصحة العالمية الى اصدار تعميم بعدم الاقتراب من الخفافيش وعدم اكلها، وهذه الخفافيش لا تستطيع العيش في لبنان لان طقس لبنان لا يناسبها.
منظمة “اطباء بلا حدود” دقت ناقوس الخطر وأعلنت ان العالم يخسر معركة احتواء الايبولا، داعية الى تحرك سريع لدول غرب افريقيا حيث يتفشى الفيروس، معتبرة ان قادة العالم لم ينجحوا في احتواء هذا التهديد العابر للحدود.
ألو بيروت
برنامج “ألو بيروت” والذي يبث عبر اثير “اذاعة لبنان” وتعده وتقدمه الزميلة ناتالي عيسى، أضاء على هذا المرض الوبائي الخطير وسبل الوقاية منه وخصوصا في لبنان وأوضاع اللبنانيين في ليبيريا البلد الاكثر عرضة للاصابة به.
خليل
اختصاصي الامراض الجرثومية الدكتور جورج خليل أوضح، في حديثه الى البرنامج، ان “هذا الفيروس ينتقل بسرعة من مريض الى آخر ويعطي عوارض من الممكن ان تؤدي الى الموت بنسبة تتراوح بين 40 و70%، عوارضه تبدأ بالحرارة مع نزيف اي عضو في الجسم كالفم او الامعاء او البطن، وضيق في النفس واسهال، ويتم تشخيصه عبر فحص تظهر نتائجه بين 8 ساعات الى 24 ساعة. وخطورته تكمن بانه، وحتى الساعة، لم يتم اكتشاف اي دواء او لقاح ضد هذا الفيروس، فيما تسعى منظمة الصحة العالمية وتشجع على القيام بابحاث لايجاد اللقاح المناسب. وتبقى المناعة القوية مع المصل السري هي التي تدفع احيانا لشفاء المريض”.
اما عن العدوى، فقال: “انها تحصل عبر افرازات الجسم كالعرق والدم واللمس او حتى لدى لمس الشخص المصاب اي كوب ماء، والمشكلة تكمن في ان البلدان التي يصاب ابناؤها ليس لديهم الوعي الكافي او المواد الوقائية الكافية من قفاز ومريول وصابون معقم، كما تعاني من نقص في المراكز الاستشفائية لذلك توفي العديد من الاطباء والممرضين”، مشيرا الى انه “لا ينتقل عبر الطيور المهاجرة، بل فقط من انسان الى انسان”.
وعن الوقاية قال: “اولا يجب عدم الاقتراب من اي مريض مصاب بالايبولا، وارتداء المواد الوقائية اللازمة، وفي لبنان هناك العديد من المستشفيات المجهزة لعدم انتقال الاوبئة، واذا وجد العلاج فخلال ستة اشهر أو 8 اشهر يتم انحسار المرض، اما تكلفته فهي بملايين الدولارات من 100 مليون الى 200 مليون دولار”.
شهاب الدين
من جهته، أعلن رئيس مطار رفيق الحريري الدولي محمد شهاب الدين، ان “العمل جار في المطار لعدم نقل المرض من اي مسافر من غرب افريقيا الى لبنان وخصوصا بعد التعميم بإبلاغ الحجر الصحي عن الآتين من غينيا وسيراليون وليبيريا ونيجيريا”.
وقال: “وزارة الصحة أبلغتنا بالدول التي تعاني من هذا المرض وأصدرنا تعميما الى شركات الطيران الآتية من هذه البلدان، سيراليون وغينيا وليبيريا ونيجيريا، ولدينا كاميرات حديثة يمر امامها المسافر فتظهر حراراته، وكل مسافر حرارته غير طبيعية تعاينه ممرضات من قسم الحجر الصحي، ويعبىء استمارة لمتابعته بعد خروجه من المطار”.
واعتبر شهاب الدين انه “لم يتم تسجيل اي حالة حتى الان، والطائرات الآتية من هذه البلدان تقوم شركاتهم باجراءات لمنع انتشار المرض”، مشيرا الى ان “الامر شكل بالنسبة الى لبنان ضغطا على الحجر الصحي لان عملهم اصبح دائما، اما حركة الطيران فبقيت طبيعية، ووزير الصحة أعطى الامر اهمية كبرى”.
ملاح
من جهته، أشار رئيس مركز الحجر الصحي الدكتور حسن ملاح الى “ان التنسيق مستمر بيننا وبين رئاسة المطار وبين شركات الطيران الآتية من افريقيا. وقد أعلن وزير الصحة اكثر من مرة عن وجود كاميرات للحرارة مع المراقبين الصحيين وفريق وزارة الصحة لمراقبة الركاب الآتين من البلاد الموبوءة عبر الكاميرات وعبر صعودنا الى الطائرات والحمد لله لم نرصد اي حالة”.
اضاف: “في بعض الاحيان يأتينا اتصالات من مسافرين ارتفعت حرارتهم بعد وصولهم بأربعة او خمسة ايام، فنرسلهم الى بعض المراكز كمستشفى بيروت الحكومي. ولم يتبين اي حالة والحمد لله حتى اللحظة، اي ان هناك تجاوبا مع المسافرين، ونحن نزود المسافرين بأرقام الهواتف التي بامكانهم الاتصال بها عند اي طارىء”.
وأعلن ملاح ان “المركز مجهز بغرفتين مستحدثتين عند الوصول، وفي حال شككنا بمسافر ندخله الى الغرفة ونعبىء له الاستمارات، واذا دعت حالته الى تحويله فيتم ذلك. وهناك كاميرات حديثة تفحص حرارة المسافرين عبر الممرات التي نراقبها”.
وقال: “طبعا، هناك ضغوطات تحملنا مسؤوليات عديدة، الا اننا ندعو الناس الى عدم الهلع لان كل شيء ممسوك، فالمرض خطير وفتاك وينجو منه نسبة قليلة جدا وليس هناك لقاح ونتمنى ايجاد اللقاح للقضاء عليه”.
وختم ملاح: “في افريقيا بلدان نامية، والفيروس اقوى منهم ولا اعتقد ان احدا ينام عن الحلول والعلاج واتمنى ان لا نخسر المعركة ونجد العلاج له”.
سركيس
من جهته، أعلن القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ليبيريا القنصل بشير سركيس، اننا “لا نريد ان نتفاءل كثيرا وفي نفس الوقت لا نحب التشاؤم”، وقال: “ليبيريا للاسف هي الدولة الاكثر تأثيرا بالمرض، لعدة اسباب: لان تعاطي السلطات ليس بمستوى الجدية ولا بالفعالية اللازمة، ثانيا الثقافة الموجودة عند الشعب أدت الى سرعة انتشاره وهذا الموضوع لا يتغير بين يوم وآخر، رغم كل التوجيهات والحملات وما يقوم به الاعلام، لانه يحتاج الى عقود من الزمن. وللاسف كل الاسباب ادت الى انتشار سريع للمرض لم نتوقعه في اول موجة للمرض خلال شهري آذار ونيسان. لم يأخذوا الموضوع بشكل جدي، حتى ان بعض الناس لم يصدق في بادىء الامر بوجوده، وأتت الموجة الثانية أشد فتكا وسرعة في الانتشار. نحن نتابعه بشكل يومي وليس لدي اخبار جيدة، عندي اخبار سيئة للاسف لان حالات الوفاة اليومية تزيد وكذلك الاصابات. وعندما يرتفع هذان الرقمان فذلك ليس دليلا ايجابيا بل سلبيا، ونتوقع ان يكون، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن هناك 2300 حالة وفاة في 4 دول، للاسف ليبيريا الف حالة او اكثر، اي انها تشمل نصف الوفيات”.
اضاف: “التقينا منذ اسبوعين برئيس المركز الاميركي للاوبئة والمبعوث الخاص للامم المتحدة، وأوضحا ان عدد الاصابات هو اكثر بكثير من المعلن، ونتوقع ان يكون في ليبيريا اكثر من /4000/ اصابة حاليا. والخوف من حالات الوفاة التي تحصل من بقية الامراض – الملاريا والتيفوئيد والاسهال والتي تزيد بشكل سريع كنتيجة غير مباشرة للايبولا، لانه لا يوجد اي مركز صحي يستقبل مثل هذا المريض، لان لديهم العوارض ذاتها، والاولوية للايبولا. وخوفا من استقبال مريض، برأيهم، يدعي انه يعاني من الملاريا ثم يتبين انه يعاني من الايبولا. فضاعت الملاريا مع الايبولا وتسببت بحالات وفاة بسبب هذا المرض في منازلهم. هناك حالة ضياع وعدم تنسيق وتخبط”.
اما عن دور منظمة الصحة العالمية وباقي المنظمات، قال سركيس: “للاسف، منظمة الصحة العالمية لا تستطيع وحدها تخطي الامر، لان له نتائج اقتصادية واجتماعية وأمنية. منذ ثلاثة اسابيع، شهدنا شبه انتفاضة نتيجة وضع مركز للحجر الصحي، في اكثر المناطق فسادا والمليئة بالعصابات وتجار المخدرات. وتمت سرقة محتويات المركز من فرش وأدوات ملوثة بالدم، فأغلقواالمنطقة وحصلت انتفاضة واصيب بعض الاشخاص وقتل آخرون خلال اطلاق النار عليهم من قبل الشرطة، وادى الامر الى اغلاق المركز”.
وأشار الى ان منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي وبعض المنظمات الحكومية مثل “اطباء بلا حدود” و”المركز الاميركي للاوبئة”، لديها الدعم والمال ليس مشكلة، لكن ينقصها الكادر البشري. ففي منروفيا تم تجهيز 160 سريرا، والعاصمة وحدها تحتاج الى 800 سرير. وهناك مساعدات اميركية لانشاء مراكز تضم 500 سرير في معظم البلد، الا ان هذه الجهود لا تكفي اذا لم يكن لدى هذه المراكز اطباء وممرضات اضافة الى التنسيق الكامل بين الجميع”.
وقال: “الاطباء الذين زاروا البلد واطلعوا على الوضع حذروا من عدم انتظار دواء رغم التجارب. هذا الدواء، اذا كتب له النجاح فانه يحتاج الى اكثر من سنة، وهذا يعتبر كارثة كبيرة ليس فقط على ليبيريا وسيراليون وغينيا ونيجيريا، انما على المجتمع الدولي لان هذا المرض يخشى، اذا تم انتقاله من مريض الى مريض، يمكن ان يتطور وينتقل بطرق مختلفة ويصبح اكثر فتكا وقتلا”.
وعن وضع اللبنانيين هناك، قال: “انهم يقعون بين مصيبتين، مصيبة المرض ومصيبة الوضع الاقتصادي، فالبلد في شلل اقتصادي ويحتاج الى سنتين او اكثر ليتحسن الوضع، وكلنا طلبنا ان تبقى العائلات في لبنان في هذه الفترة، والبعض منها العائلات رفض، وربما لا يوجد لديهم منزل او ان وضعهم المادي لا يسمح. لدينا عندنا 1800 لبناني هناك، واذا اصيب احدهم فسنقع في كارثة انسانية، ولا يمكننا حتى نقله الى الخارج الا على متن طائرة مجهزة. طلبت من الحكومة اللبنانية ان تجهز طائرة لنقل اي مصاب ولم نتلق اي جواب. فعلى المريض ان يعالج في البلد اي تركه للصدف او الحظ، اضافة الى ان اي شخص كانت له علاقة بالمصاب سيوضع في الحجر الصحي، وهذا “ما يزيد الطين بلة”، ونحن نصلي ونطلب خلال اللقاءات التي اجريها مع الجالية ان يأخذ الجميع الاحتياطات وعدم المخاطرة لان ليس هناك اي عذر لاي خطأ مهما كان”.
وقال: “للاسف، كان من الممكن ان نخسر شابين مصابين بحالة ملاريا التي لها نفس عوارض الايبولا ومكثا في بيتهما، والحالة من الدرجة (4+) اي الملاريا القوية. تدخلنا وأخذنا المريضين الى مركز خاص وأجرينا لهما الفحوصات وقد تبين انهما يعانيان من الملاريا، والحمد لله تماثلا للشفاء وعادا الى بيروت”.
اما عن الاعباء المترتبة على السفارة، فقال: “نحن نعمل في السفارة 24/24، وكل البيانات نصدرها في الليل عبر “الايميل” وعلى صفحة السفارة. ولجنة الطوارىء المصغرة في الليل تقوم باتصالات مع الامم المتحدة ومع السفارات الاخرى، لمتابعة تطور المرض والوضع الامني، اضافة الى العبء الاقتصادي. والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تقدم مع المؤسسات المختصة معدات واسرة وفرش وكل انواع المساعدات الممكنة، فالناس تأخذ الاحتياطات لمساعدة غيرها”.
على امل ايجاد العلاج اللازم لانهاء هذا الوباء الفتاك، حفظ الله اللبنانيين اينما حلوا.