الاهمية الاستراتيجية للمليحة في عمق الغوطة الشرقية
انجاز جديد يحققه الجيش السوري وهذه المرة في الغوطة الشرقية، حيث بسط سيطرته بشكل كامل على بلدة المليحة الاستراتيجية. انجاز لم يخلُ من قدرة عسكرية ومعلومات مخابراتية واضحة، مع القنوات المفتوحة بين القيادة العسكرية ووحدات الاستطلاع والرصد والعمليات على الارض، فكانت الانهيارات في مواقع المسلحين والتي عملوا على تدعيمها وتحصينها لفترة طويلة.
هذا التعاون في معارك المليحة، القلعة الحصينة للمسلحين، والتي ستشكل بتنظيفها بوابة الجيش السوري لتطهير بلدات في عمق الغوطة الشرقية، بعد أن استطاع بهذا الانجاز فصل مناطق كثيرة في الغوطة الشرقية عن بعضها بعضاً، ومنع أي تلاقٍ بينها وبين مدينة دوما والتي تعتبر من أهم معاقل المسلحين في ريف دمشق، يعني خنق تلك المجموعات في بلدات منعزلة بدون طرق امداد او اتصال جغرافي.
بلدة المليحة احدى اهم القلاع التي حُصنت بشكل جيد، والتي استغرفت فيها العملية العسكرية وتطويقها واقتحامها أكثر من 129 يوماً، نظراً لطبيعة التحصينات التي اتخذتها المجموعات المسلحة، بالاضافة الى شبكة الانفاق التي حفرت من بيت الى بيت ومن زقاق الى زقاق، ما جعل منها مدينة تحت مدينة، دفعت الجيش السوري لاستخدام تكتيك جديد، فكانت فكرة الإسقاط البري بعد التطويق من أربعة محاور، فبدأ بإنزال لمجموعات “كومندوس” استطاعت السيطرة على نقاط استراتيجية داخل البلدة، تلاه اقتحام صاعق ما ساهم في سقوط دفاعات المسلحين بسرعة قياسية، وأدت إلى فرار عدد كبير منهم إلى البلدات المجاورة. مراحل العملية العسكرية اعتمدت على تكتيك حرب العصابات داخل البساتين، فكان الجيش يعتمد على ضربات صغيرة وسريعة وكثيفة، وفي كل الاتجاهات، وعلى أكبر رقعة يمكن أن تنتشر العمليات العسكرية عليها، لاستنزاف المجموعات المسلحة وإنهاكها بضربة صغيرة وعلى مدى طويل، وكانت مجموعاته تتميز بأنها خفيفة التجهيز وغير ثابتة لسهولة المناورة، بالاضافة الى العمل على مؤخرة المجموعات المسلحة، ما يوسع مناطق الاشتباكات لإجبار المسلحين على التبعثر والامعان في ضعفها، ما يجعل من امتلاك زمام المبادرة السمة الابرز للعمليات العسكري. والاسلوب الذي استخدمه الجيش السوري والذي اعتمد على محاصرة هذه المجموعات والتي كانت خليطا من بعض الالوية المقاتلة وعلى رأسها ما يسمى “جيش الاسلام” والذي يرأسه زهران علوش ورغم دخول داعش على خط المواجهات في الآونة الاخيرة لم يستطيعوا فك الحصار رغم انه سجل أكثر من عشر عمليات انتحارية على بعض الحواجز والنقاط للجيش السوري لفك هذا الحصار، حيث وصل الامر مؤخراً بالجماعات الى رمي وجبات الطعام لبعض نقاطهم عبر المنجليق لأن الجيش السوري استطاع ان يدخل بينهم ويقطع طرق الامداد.
سيطرة الجيش السوري على كامل بلدة المليحة مكنته من السيطرة على المسارب الإستراتيجية للبلدات الرئيسية في عمق الغوطة الشرقية كزبدين وجسرين وحتى النشابية ووادي عين ترما، ما سيشكل فكي كماشة ممتدة من المليحة إلى محور وادي عين ترما فمحاصرة جوبر وقطع طرق الامداد عنها، كما سيفصل المناطق في عمق الغوطة عن مدينة دوما والتي تعتبر المعقل الرئيس للمجموعات المسلحة، بعد تمكنه من تأمين حماية جرمانا من قذائف الهاون.
وأكد مصدر ميداني لمراسل “العهد” أن تنظيف بلدة المليحة يعتبر بمثابة تأمين ظهر الوحدات العسكرية في الجيش السوري المتقدمة نحو عمق الغوطة الشرقية، حيث بات بإمكانها الآن التقدم براحة باتجاه وادي عين ترما وجسرين وزبدين، وذلك لاستكمال مهمتها في الوصول إلى العمق والثقل الخالي في دوما بالغوطة الشرقية والمليء بالبساتين والمزارع التي لطالما استخدمها المسلحون مناطق امداد وتموين.
حسين مرتضى – موقع العهد الإخباري