الارتباك الأميركي ورسائل الردع
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
دخلت واشنطن وتل أبيب مباشرة على خطوط الاشتباك ضد الجيش العربي السوري منذ سبع سنوات ولم يكن ينقص أي متابع فطن ما يكفي من الوقائع ليتعرف على هوية القوى المحركة لأوسع غزوة استعمارية استعملت فيها استراتيجية الحروب بالواسطة وحشدت جيوش المرتزقة وفرق الاستخبارات السرية وفصائل الإرهاب التكفيري من شتى انحاء العالم وانفقت مليارات كثيرة في تمويل ومساندة قوى التدمير والتوحش التي أعملت انيابها ومخالبها في جسد المجتمع السوري واقتصاده وبنى دولته الوطنية.
أولا رغم وجود حكومات عربية وإقليمية تابعة للغرب أسندت إليها وظائف محورية في الواجهة السياسية لتلك الحرب كالسعودية وقطر وتركيا والأردن ظل جوهر العدوان على سورية واضحا بكونه خطة اميركية صهيونية لضرب دولة وطنية استقلالية مقاومة تمثل مركزا حاسما لمحور المقاومة الإقليمي ومرتكزا لتحالف دولي مناهض للهيمنة الأميركية على العالم.
ما جرى من تطورات واحداث في سورية ومن حولها خلال الأسابيع الأخيرة شكل إطارا لاختبار قوة جديد له أبعاده الاستراتيجية وانعكاساته العميقة في المعادلات العالمية المتحولة وبينما فبرك البيت الأبيض كذبة جديدة من اختراعات الكيماوي المستهلكة ضد الدولة السورية ليهدد بعدوان جديد ظهرت رسائل الردع تباعا بكلام إيراني حازم يستكمل صواريخ دير الزور وجاء النذير الروسي صريحا ومباشرا من خلال الإعلان عن الوقوف مع سورية وجيشها في التصدي لأي عدوان بينما كانت الرسالة الأبلغ سورية روسية مشتركة في زيارة الرئيس بشار الأسد لقاعدة حميميم ولقائه هناك برئيس أركان الجيوش الروسية الجنرال غراسيموف في تجسيد لمتانة التحالف والشراكة بين روسيا وسورية بالتصدي للعربدة العدوانية الأميركية .
ثانيا تصريحات وزير الحرب الأميركي الأخيرة جاءت في نظر بعض المراقبين بمثابة التراجع المنظم عندما قال ان الدولة السورية وضعت الإنذار الأميركي في اعتبارها وجمدت الخطة المزعومة لاستخدام الكيماوي وهكذا اخترعت واشنطن الكذبة وصادقت عليها وبنت قرار التراجع بتأكيدها في الذهاب والإياب ويصح السؤال هل انتهت حالة الخطر وتراجعت احتمالات العدوان الأميركي او الصهيوني على سورية؟
احتمالات العدوان قائمة ومستمرة في الحساب المنطقي والعقلاني وسواء كانت القوات المعتدية اميركية ام صهيونية فالغاية المحددة هي عرقلة تقدم الجيش العربي السوري وإعاقة عملياته لاستعادة السيطرة على الأراضي والحدود السورية واسترجاع شرايين الحياة الوطنية والإقليمية بما يعنيه ذلك من سقوط اخطر فصول المؤامرة على سورية ودولتها الوطنية التي استطاعت تدمير وتفكيك عصابات الإرهاب والتمرد وحسم الصراع في معظم الأنحاء السورية بالشراكة مع حلفائها من روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية والقوات العراقية المقاتلة النظامية والشعبية.
ثالثا حساب الكلفة الصعب امام الرسائل الردعية الواضحة يفسر الارتباك والتراجع والالتفاف رغم استمرار صيحات العدوان الناتجة عن ألم الخسارة المفجع بتفكك حزام داعش الإقليمي وانحلال اخطبوطه في الجغرافية بعدما هدد بغداد ودمشق وبيروت.
تحول ذلك الدعم والاحتضان نحو انماط سرية من خيوط الضبط والربط في خدمة الخطة الأميركية الصهيونية المزدوجة بعد إعلان تحالف اوباما الهادف لترويض داعش ولمنع فصائلها من الخروج عن السيطرة كما قال صراحة في خطاب علني وهكذا كانت تعد قائمة الاغتيالات لبعض زعماء داعش وصدرت ونفذت اوامر واشنطن بالانتقال إلى ليبيا وغيرها من ساحات الحروب بالواسطة.
استمر التهويل ضد الجيش العربي السوري بيينما قصف الأميركيون من الجو طليعة الجيش العراقي في عمليات الموصل يوم امس .
رابعا لجم توازن الردع المعتدين الأميركيين عن الجهة السورية فتحركوا لإعاقة التقدم من الجهة العراقية وكأنهم يصرحون بعزمهم على منع الحسم ضد الوحش الذي أطلقوه بدافع الاستنزاف ولمنع تواصل العراق مع سورية بينما تتحسر تل أبيب على سرعة إفلاس الدمية الداعشية التي راهنت عليها في مجابهة حزب الله كما كتب خبراؤها وصرح بعض قادتها في حين توقع قادة اميركيون ان تخدم وظيفة داعش ما يفوق عشر سنوات.
يغيظ الصهاينة تسارع النهوض السوري بهوية المقاومة وبإرادة الاستقلال الوطني التي يمثلها الرئيس بشار الأسد وبتحالفات متينة ازدادت قوة ومناعة وكذلك نجاح حزب الله بتحويل التهديد إلى فرصة حين جعل من قتاله ضد القاعدة وداعش في لبنان وسورية والعراق ميدانا لتصعيد دوره الإقليمي ولاكتساب خبرات وقدرات هائلة تقض مضاجع المخططين الأميركيين والصهاينة وتجعل من مساهمة الحزب في معادلة الردع عنصر قوة نوعي لمنظومتي الدفاع السورية واللبنانية يخشاها جميع الجنرالات الذين يجرون حساب الربح والخسارة في أي مغامرة حربية قادمة على مستوى المنطقة.