الادعاء على سلامة لبنانياً.. هل هو الـ”تخريجة قانونية” لعرقلة التحقيق الأوروبي؟
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني:
دعوى جديدة تُضاف الى سجلّ حافل بالدعاوى بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث ادعى المحامي العام الإستئنافي في بيروت، رجا حاموش، على سلامه وشقيقه رجا وماريان حويك وكل من يظهره التحقيق بجرائم تبييض أموال واختلاس وتهرب ضريبي وتزوير.
الادّعاء يُعتبر الخطوة الأهم في المسار القضائي لقضية الاشتباه في أن سلامة أقدم على اختلاس أموال عامة، وقام بعمليات تبييض للأموال، بالإضافة إلى تزوير في ميزانيات مصرف لبنان وإثراء غير مشروع، بحسب مصادر قضائية.
إدعاء القاضي حاموش على سلامة جاء بعد دراسته للملف المحال إليه والمتضمن خلاصة التحقيقات ومتن الادعاء كما أعد من قبل المحامي العام القاضي جان طنوس، وهو الملف الذي يتضمن طلب الادعاء على سلامة بست جرائم على الأقل من بينها اختلاس مال عام وتبييض أموال والقيام بعمليات تزوير وإثراء غير مشروع وخلافه، الا ان المصادر أعربت عن خشيتها من ممارسة ضغوط لإسقاط أحد بنود الادعاء والمتعلق باختلاس المال العام ربطاً بالمناقشات التي رافقت التحقيقات التي قام بها الوفد الأوروبي في الفترة الأخيرة، والتي قال مصرفيون إنهم لم يكونوا على علم بوجود شركة “فوري” كوسيط بينهم وبين مصرف لبنان، وهو أمر إن تم الأخذ به سيكون سلامة قد نجا من الملاحقة الفعلية، وستقتصر الأمور على شبهات وجنح لا تحقق استعادة الدولة أموالها، بحسب المصادر.
الادعاء المحلي على سلامة يتزامن مع الحديث عن امكانية عودة الوفود القضائية الأوروبية الى لبنان، مطلع الشهر المقبل، لاستئناف تحقيقاتها في الملفات المالية العائدة لحاكم مصرف لبنان، وبحسب مصادر مطلعة فإن الجولة الثانية من التحقيقات الاوروبية ستضم قائمة من اسماء الموظفين في مصرف لبنان ومسؤولي مصارف تجارية، وحتماً سيكون حاكم البنك المركزي ومقرّبون منه ضمن القائمة، وهنا تسأل المصادر لماذا اختير توقيت الادعاء على سلامة في ظل اشتباك قضائي مصرفي محتدم، معتبرة ان الادعاء على سلامة ليس سوى مناورة لبنانية لعرقلة التحقيق الاوروبي بعدما بات الجميع على يقين بأن المحققين الاوروبيين سيستجوبون سلامة هذه المرة.
وبما أن لبنان ملتزم بالاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وابدى تعاونه في الزيارة الأولى للوفد الأوروبي لإنهاء تحقيقاته، الا ان هذه الاتفاقية الدولية تعطي القضاء اللبناني الحق الكامل في طلب تأجيل التحقيق الدولي في حال باشر بتحقيق داخلي مستقل للملف نفسه، وبما ان اللبناني بطبيعته قادر على الاستفادة من اي ثغرة، فكيف لن يستثمر هذه الثغرة لصالحه ويعمل على تجميد تحقيقات القضاء الاوروبي بعدما يبدأ القضاء اللبناني بالتحقيق بالملف نفسه، بحسب المصادر، التي اكدت ان هذا الاعاء هو بمثابة “التخريجة” القانونية الوحيدة التي من شأنها تأجيل عودة الوفد الأوروبي إلى بيروت، بحسب المصادر.
في غضون ذلك، اشار القاضي شربل أبو سمرا الى انه لم يتسلّم بعد ملف التحقيقات التي ادّعى بها القاضي حاموش على سلامة وشقيقه ولذلك لم يحدّد جلسة بعد.
سلامة الذي لم يترك مناسبة او وسيلة اعلامية الا وأعلن عبرها انه بريء، عاد وكرر ادعاءاته اليوم، مشيراً في حديث لرويترز انه “كما أعلنت سابقاً أنا بريء من هذه الاتهامات”، معتبراً أنّ هذه الاتهامات لا تمثّل لائحة اتهام، لافتاً الى انه يحترم “القوانين والنظام القضائي وسألتزم بالإجراءات، وكما تعلمون فإنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.
ومن بين الدعاوى بحق سلامة ايضاً دعوى في سويسرا تستهدفه في مسألة “تبييض أموال مرتبطاً باختلاس أموال محتمل على حساب مصرف لبنان”.
ودعاوى قضائية فرنسية بحقه في فرنسا، حيث ينظر القضاء الفرنسي في الثروة التي يملكها سلامة في أوروبا، وقد سبق للنيابة المالية الوطنية في فرنسا أن فتحت تحقيقاً أولياً في قضية “تآمر جنائي” و”تبييض أموال في عصابة منظمة”.
وتعود الدعاوى بحق سلامة في فرنسا إلى مؤسسة “أكاونتابيليتي ناو” السويسرية، ومنظمة “شيربا” التي تنشط في مكافحة الجرائم المالية الكبرى و”جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان”، التي أنشأها مودعون خسروا أموالهم في الأزمة التي تشهدها البلاد منذ 2019.
ويأتي الإدعاء على سلامة بعد أكثر من شهر من استماع محققين أوروبيين في بيروت لشهود، بينهم مدراء مصارف وموظفين في مصرف لبنان، في إطار التحقيقات التي تتعلق بثروة حاكم المصرف المركزي.
وبحسب أوراق التحقيقات الأوروبيّة واللبنانيّة في هذا الملف، والتي سرّبت مضمونها صحيفة “ذا ناشيونال”، خلص المحققون الى ان شركة “فوري” التي يملكها شقيق سلامة رجا، والتي استفادت من تحويلات بقيمة 330 مليون دولار من حسابات المصرف المركزي، باعتبارها عمولات ناتجة عن أعمال وساطة بين المصرف المركزي والمصارف التجاريّة، لم تكن سوى كيان وهمي، حصلت على أموال غير مشروعة لقاء خدمات مزعومة لم تقدّمها يوما، وبالاستناد إلى عقد غير قانوني، بحسب ما أكدته المصادر.