الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة يؤكد ضرورة التمسك بالوحدة الإسلامية ونبذ الفتنة
انطلقت في العاصمة اللبنانية بيروت اليوم أعمال مؤتمر الهيئة التأسيسية للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة بهدف “دعم المقاومة” وذلك بحضور حشد كبير من العلماء المسلمين والمفكرين وشخصيات سياسية من دول عربية وإسلامية بينها إيران ولبنان وسورية والعراق وتركيا.
وأكد أمين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الشيخ محسن الأراكي في الكلمة الافتتاحية لمؤتمر إعلان انطلاقة الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة اليوم على أهمية دور المقاومة في التصدي للمؤامرات التي تستهدف وحدة المسلمين ووجودهم مشددا على أهمية “وحدة الأمة الإسلامية ولا سيما في ظل الظروف القاسية التي تعيشها بلادنا بسبب التفرقة والتمزيق والفتن الطائفية”.
وأعرب الشيخ الأراكي عن أمله في أن يكون اتحاد علماء المقاومة مدخلا لتحقيق “وحدة الأمة” بتوجيه “البوصلة” إلى العدو الأساسي الذي مزق الأوطان وشرد أبناءها واحتل ديارها منذ أكثر من 60 عاما متمثلا بالكيان الصهيوني.
وقال الأراكي إن اتحاد علماء المقاومة مفتوح لكل المفكرين والعلماء الذين يحملون هم الأمة والمقاومة والدفاع عن أرض فلسطين والمسجد الأقصى معتبرا أن الاعتداء على المسجد الأقصى هو اعتداء على كل مؤمن في العالم وعلى شرف الإنسانية جمعاء داعيا علماء المسلمين وأصحاب الرأي منهم للانضمام إلى اتحاد علماء المقاومة للدفاع عن القيم الإسلامية وعن البشرية جمعاء في الوقت الذي أصبحت فيه قوى الاستكبار والصهيونية المهيمنة على شعوب العالم تفتك بكل شيء وتسحق كل قيمة ودين.
من جهته تساءل المفتي العام للجمهورية العربية السورية سماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون في مستهل كلمته أمام المؤتمر “لماذا يقف حكام العالم الغربي على منبر الأمم المتحدة ليثنوا على الإسلام ثناء عطرا ثم يرسلون السلاح والمكر والضغائن لسفك دماء المسلمين” مبينا أن هذا ما يفعله رؤساء أمريكا وبريطانيا وفرنسا الذين كانوا وقفوا على منبر الأمم المتحدة ليثنوا على الإسلام.
وأضاف حسون “ولكنني رأيت في نفس اللحظة آلاف القنوات التي تحرض المسلمين على بعضهم البعض بل وتخرج بعض المسلمين من الإسلام وتضفي على بعض المسلمين قداسة في الأحكام والأيام” قائلا “من هنا انبثق فجر اتحاد علماء المقاومة واحتضنه مجمع التقريب بين المذاهب الذي يبذل الجهد منذ سنوات لجمع العلماء على أمر واحد يقوم على أن الطوائف والمذاهب ثراء وعطاء وفكر في الإسلام الذي عنوانه لا إكراه في الدين فكيف يكون الإكراه في المذهب أو الطائفة”.
وأشار حسون إلى أن الانطلاقة كانت منذ سنوات في إيران وقد كنا ننبه إلى أن القادم ليس “وأد المقاومة في فلسطين وجنوب لبنان وغزة بل القادم هو وأد المسلمين جميعا وبيدهم” مضيفا “كنا ندعم المقاومة من أجل فلسطين واليوم ننادي لمقاومة تحمي المقاومة الفلسطينية وكنا نقاوم فقط لإعادة القدس واليوم نقاوم لحماية بغداد ودمشق والقاهرة وطرابلس وتونس واليمن التي أنشؤوا فيها حروبا باسم طوائف ومذاهب لا علاقة للعلماء بها وإنما ألبست ثوب الدين والدين لا علاقة له بذلك أبدا”.
ولفت حسون إلى أن “منهج اتحاد علماء المقاومة والتقريب لا يسعى لمناصب سياسية ولا مكاسب مادية ولا لنصرة مذهبية أو طائفية إنما يسعى لقداسة الديان وكرامة الإنسان” قائلا “إننا ندعو لمقاومتنا كل العالم وليس فقط علماء المسلمين فالشيخ عز الدين القسام خرج من جبلة ليقاوم في القدس ويافا وحيفا والشيخ أحمد ياسين الذي قاوم على كرسي وقد شل كل جسده أرسلوا طائرة لقتله وهو لا يستطيع حمل سلاح فكلمة المقاومة أقوى من أي سلاح يحملونه وكذلك المطران هيلاريون كبوتشي وضع في السجون لأنه حمل السلاح للمقاومة وأبى أن يذل كنيسة القيامة والمهد”.
وبين حسون أن “كلمة المقاومة /هي هيهات منا الذلة/ وبذلك انتصرت المقاومة والشعب اللبناني يوم وقفت المقاومة في سورية ولبنان لتقول /لا/ للتقسيم إلى طوائف ومذاهب”.
ودعا حسون علماء العالم الإسلامي واتحادات علماء العالم لزيارة مدينة حلب كي يروا ما فعله الإرهاب بسورية منذ نحو أربع سنوات إلى اليوم وكيف دمرت مساجدها وكنائسها ومعاملها بيد من سموهم “ثوارا” مضيفا.. إنني أسأل كل من قال إن في سورية ثورة “هل تهدم الثورة مسجد بني أمية والمدرسة الشرعية وثلاثة آلاف مسجد في حلب بوضع المتفجرات فيها كي ينسبوا ذلك الفعل للسلطة في سورية”.2
وتابع حسون إن “الجيش العربي السوري وقف مع المقاومة وجاء إلى لبنان للوقوف معها فاسألوا أهل غزة من أين المال والسلاح الذي جاهدوا به أليس من إيران وسورية ومن أبناء الأمة ودمائها” مبينا أن الذنب الوحيد الذي ارتكبته سورية حتى فعلوا بها ما فعلوه هو “أنها احتضنت المقاومة وأبت أن تذل” وكذلك هو سبب ما يفعلونه مع لبنان.
وناشد حسون علماء الأمة قائلا “مدوا أيديكم وتعالوا من مكة إلى طنجة إلى إندونيسيا وجاكرتا لنقف صفا واحدا ونحمي أمتنا ونبتعد عن المناصب والمكاسب السياسية ونتفق على كلمة سواء وهي أن نقدس الديان ونكرم الإنسان فالمستهدف اليوم هو قرآننا الذي أحرق ومساجدنا التي دمرت وإسلامنا الذي يمدح على منبر الأمم المتحدة ويقتل أبناؤه بيد بعضهم البعض”.
وشدد حسون على موقف اتحاد علماء بلاد الشام الداعم للمقاومة وعلى وقوف سورية بقيادتها وشعبها وجيشها إلى جانب اتحاد علماء المقاومة في كل خطوة.
من جانبه لفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن اتحاد علماء المقاومة مبني على ثلاث دعائم أولها الإسلام الأصيل الذي تقع على عاتق العلماء مسؤولية تبيانه لتعريف الناس بسماحته وأخلاقه وسموه وإنسانيته وثانيها الوحدة الإسلامية في الموقف وتمييز العدو من الصديق هذه الدعائم الإسلامية وثالثها المقاومة.
وقال قاسم إن “الجهاد في عصرنا هو قتال /إسرائيل/ لتحرير فلسطين والقدس وأي جهاد لا يبدأ ولا ينتهي بمقاومة /إسرائيل/ لا علاقة له بالجهاد لا من قريب ولا من بعيد حيث نرى اليوم تعاون بعض القوى التي تدعي جهادا و/معارضة /مع إسرائيل فتتلقى منها العلاج والتموين ما يؤكد أن أعمالهم هي تتويج لصهيونية المنهج التكفيري وعندما توفر أمريكا والدول الإقليمية الكبرى الدعم والتسهيل والمال للتكفيريين في سورية والعراق فهذا دلالة على التبعية وعلى كونهم أدوات في المشروع الأمريكي الصهيوني”.
واعتبر قاسم أن المواجهة في العالم اليوم هي سياسية بين محورين هما “محور المقاومة الذي تمثله إيران وحزب الله والمقاومة في فلسطين وسورية ودول ومقاومات مختلفة في منطقتنا والعالم” و”محور أمريكا وإسرائيل والتكفيريين الذين يضمون الكثير من الحكام والدول في إطار مواجهة مشروع المقاومة وهنا يتأكد لدينا أن التصنيف المذهبي للمواجهات الدائرة اليوم يؤدي إلى خدمة الإرهاب التكفيري وذر الرماد في العيون”.
وأشار قاسم إلى أن “الواقع العملي يثبت أن الاختلاف هو اختلاف في الخيارات السياسية وهذا ما نشهده في مصر والسعودية واليمن وليبيا وكذلك المواجهات مع تنظيم “داعش” الإرهابي التي تدل أنها مواجهات بين خيارات سياسية وليست بين مذاهب” مبينا أن هذا التنظيم إنما يستهدف كل مكونات وشرائح المنطقة”.
وشدد قاسم على أن لبنان هو مركز المقاومة والوحدة “وقد استطاع تجنب الفتنة التي أطلت برأسها مرات عدة وساعد في وأدها علماء مخلصون وفعاليات ثقافية وحزبية وسياسية” مؤكدا أن التخريب وإلقاء القنابل والتحريض هو لغة الضعفاء والفاشلين أما الوحدة والقانون والتعاون وخيارات الشعب فهي لغة الأقوياء.
وحذر قاسم من أن “الأمن في لبنان يعلو ولا يعلى عليه ولا يجوز زجه في لعبة التوازنات فهو مسوءولية الدولة اللبنانية بجيشها وقواها الأمنية” مجددا التأكيد على موقف حزب الله الرافض للأمن الذاتي والتسويات التي يقودها بعض السياسيين من داخل الحكومة وخارجها لحماية المطلوبين وتأمين الملاذات الآمنة لهم داعيا إلى عدم توفير الغطاء السياسي والديني للإرهاب التكفيري تحت ذرائع مختلفة لأنه ينعكس على الناس وأمنهم واستقرارهم.
وقال قاسم إن “خيارنا الدائم والوحيد هو الحوار وأن نبني بلدنا ومنطقتنا معا فتحديات الإرهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري كثيرة وتطال الجميع فعلينا أن نتحد كي لا يستفيدوا من تفرقنا واختلافنا” مؤكدا على ضرورة تحقيق الوحدة الإسلامية بكل أبعادها في لبنان والعالم من أجل مواجهة التحديات.
من جانبه شدد رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الشيخ علي التسخيري على أهمية المقاومة باعتبارها هدفا أصيلا “والوقوف بوجه الذين يسيرون في خط الرجعية التي جعلت من نفسها عميلة للأهداف الاستعمارية الكبرى” مبينا أن الهدف من الاتحاد هو دعم كل الاتحادات الإسلامية المقاومة.
يذكر أنه تم الإعلان عن إقامة الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في المؤتمر الدولي لعلماء الإسلام لدعم المقاومة الذي عقد في طهران يومي التاسع والعاشر من أيلول الماضي