الإنتخابات النيابية اللبنانية: تفاهم مار مخايل الأكثر شعبية والأقوى سيادياً ووطنياً…
جريدة البناء اللبنانية-
خضر رسلان:
في 6 شباط 2006، وقّع زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون مذكّرة تفاهم مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كنيسة مار مخايل، التي تقع بين منطقتي الشياح وعين الرمانة حيث اندلعت الحرب الأهلية عام 1975، ومنذ ان تمّ توقيع هذا التفاهم الذي ناقش الاختلافات والأهداف المشتركة بين الطرفين والتي يأتي في مقدّمها تعزيز سبل التعايش بين المكونات اللبنانية ومراعاة هواجسها التي يأتي من ضمنها العمل على سنّ قانون نسبي للانتخابات النيابية إضافة الى تعزيز عناصر القوة التي تحمي لبنان من الاعتداءات «الإسرائيلية» ومنذ تلك اللحظة شنّت الحرب الكونية بكافة أشكالها على أركان التفاهم بدءاً من خلال حملات التشويه و التضليل الاعلامي مرورا بتجميع الأحزاب والجمعيات التي تدور في فلك سفارتي الولايات المتحدة الأميركية والسعودية في بيروت، والتي تجاهر علناً بالعداء للمقاومة وحليفها التيار الوطني الحر وصولاً الى العقوبات التي طالت الوزير جبران باسيل شخصياً فضلاً عن قيادات المقاومة، الى الحصار الاقتصادي والذي صحيح أصيب به مجمل الشعب اللبناني، ولكن الهدف والمُراد منه خلق بيئة معادية لحلف مار مخايل وتحميله مسؤولية ما آلت إليه البلاد وانّ ذلك سببه الخيارات السياسية التي ينتهجها والتي لا تنسجم مع السياسة الأميركية بمجملها وعلى رأسها تبني المعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة.
وبعد محاولات حثيثة ومحطات عديدة جرت من قبل أطراف محلية وخارجية لا سيما الأميركية والسعودية منها لدك الأسافين بين أركان تحالف مار مخايل بغية إسقاطه وكان من أبرز هذه المحطات حرب تموز 2006 حيث انهالت الضغوط على سيد الرابية العماد ميشال عون لفكّ تحالفه مع حزب الله ولم يفلحوا بذلك رغم الإغراءات الكبيرة التي عرضت عليه وهي من النوع التي تسيل لعاب الكثيرين من أدعياء السيادة والقرار الحر والمستقل.
وبعد فشل المحاولات الأخرى ومنها على سبيل المثال لا الحصر ملف مكافحة الفساد وسنّ الاقتراع في قانون الانتخاب وملفي الطيونة والمرفأ الى العلاقة مع الرئيس نبيه بري الى غيرها الكثير من الملفات التي استطاع أركان التفاهم تدوير زواياها وتجاوز قطوعها بعد كلّ هذا لجأ الرعاة الخارجيون لا سيما اأأميركي والسعودي الى الرهان على إجراء انتخابات نيابية تهدف الى تفكيك البيئة الحاضنة للمقاومة ونزع كما يسمّونه الغطاء المسيحي عنها من خلال إسقاط وتحجيم كتلة التيار الوطني الحر وبغية تحقيق هذه الأهداف لجأوا الى الأمور التالية:
1 ـ وضع قيادات من حزب الله وحلفائه ومن التيار الوطني الحر على لوائح الإرهاب.
2 ـ تشديد الحصار الاقتصادي على الشعب اللبناني.
3 ـ غضّ النظر ان لم نقل الإيعاز الى أدواتهم بتهريب الأموال لا سيما أموال المودعين من لبنان الى الخارج.
4 ـ توجيه الاتهامات الى أركان تفاهم مار مخايل بأنهم أدوات في مشروع احتلال إيراني مزعوم في لبنان.
وغيرها من العناوين التي أفاضت بها أبواقهم الإعلامية والتي سعت في الليل والنهار الى تحميل مسؤولية الانهيار الاقتصادي وارتفاع قيمة صرف الدولار وكلّ ما تعاني منه البلاد الى المقاومة والتيار االوطني الحر وعهد الرئيس ميشال عون، عل ذلك يفيدهم ويسهّل عليهم قطف الثمار في الانتخابات النيابية التي جرت في الخامس عشر من أيار الحالي وتحقيق الأهداف المرجوة والمحصورة في أمرين اثنين: هزيمة المقاومة في بيئتها وتحجيم أو إسقاط كتلة التيار الوطني الحر وسط بيئته سواء منها المسيحية بشكل خاص والوطنية بشكل عام. وبناء على ذلك جهد سفراء عديدون لا سيما الأميركي والسعودي منهم الى إدارة ملف الانتخابات بشكل مباشر.
ففي حين كانت السفارة الأميركية تقيم اجتماعات للشخصيات المناوئة لأركان تفاهم مار مخايل في مبنى السفارة الأميركية، وجدنا السفير السعودي يتحرّك جهاراً نهاراً في المناطق ويستقبل ويزور المرشحين ويهدّد ويتوعّد الكثير من المفاتيح الانتخابية لدعم اللوائح المناوئة لتحالف مار مخايل في تدخلات مخالفة للأعراف الديبلوماسية وإضافة الى كلّ هذا برز بشكل فاضح وعلني عملية شراء الأصوات والذمم بالعملة الأجنبية في استغلال واضح للواقع المعيشي المزري الذي يعيشه الناس وبسببهم هم الذي حاصروا وعاقبوا وغطوا تهريب الأموال الى الخارج ومن ثم أرادوا قطف الثمار بتحميل التبعات الى أركان تفاهم مار مخايل، وتمادوا بشكل مفرط في صرف الأموال من أجل شراء الأصوات، وأرهبوا الكثيرين من الناخبين في المهجر من مغبة التصويت للوائح المقاومة وحلفائها، وتلاقى العديد من الأحزاب بدءاً من القوات اللبنانية والكتائب والأحرار والكتلة الوطنية والعديد من منظمات المجتمع المدني والكثير من الوعاظ الدينيين الى سفارتي أميركا والسعودية ومن يدور في فلكهما للعمل على إسقاط الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر لمعاقبتها أولاً على خياراتها السياسية ورفع ما يعتبرونه الغطاء الوطني من قبل أكبر مكوّن مسيحي للمقاومة، إلا أنه رغم كلّ ما سلف من ضغوطات ومخالفات ورشاوي أضف الى ذلك الهفوات غير المبرّرة التي سار بها مهندسو لوائح الأمل والوفاء والتيار الوطني الحر انْ كان على صعيد تشكيل اللوائح ومنها عدم التحالف في جزين الذي كان من المرجح.
الحصول فيها على ثلاثة مقاعد أو من خلال الإصرار على ترشيح أسماء تمّ التأكد سلفاً من خلال الاستطلاعات صعوبة اجتيازها الحاصل الانتخابي ومن المفارقات المستهجنة الأوراق الملغاة التي تمّ خسارتها والتي تقدّر بالآلاف في مناطق الجنوب وبعلبك، ومردّ ذلك يعود الى عدم إرشاد المواطنين او التشدّد من قبل المندوبين في مراقبة مسؤولي أقلام الاقتراع والتأكد من توقيعهم على ورقة الاقتراع وهذا فضلاً عن الاستهانة في الانعكاسات المتوقعة عن عدم إبطال اقتراع المغتربين في المجلس الدستوري وهذا ليس انتقاصاً من حقهم في الاقتراع والانتخاب بل الى وجود الخلل الواضح في تكافؤ الفرص الواجب تحققها سواء لدى الناخبين او المرشحين او من خلال الدعاية الانتخابية التي يحتاجها المرشحون وهذا الأمر لم يكن متوفراً، رغم كلّ ما سلف من ضغوط وإغراءات وتحالف عدد كبير من الأحزاب التي ما كان ولن يكون بينها ايّ جامع سوى السعى لإسقاط التيار الوطني الحر في بيئته بالتكاتف والتكافل مع سفارتي أميركا والسعودية اللتين ما فتئتا منذ عقود تسعيان لتشويه صورة المقاومة وتأليب بيئتها عليها، بالرغم من كلّ ذلك استطاعت قوى تحالف مار مخايل إفشال كلّ تلك الأهداف بحيث ثبت التيار الوطني الحر نفسه كأكبر مكون مسيحي له امتداداته الوطنية مقابل عدد كبير من الأحزاب والقوى والجمعيات والشخصيات الذين سعوا متكاتفين لإسقاطه وفشلوا. وفي المقلب الآخر استطاع الركن الآخر من تفاهم مار مخايل من خلال بيئته وجمهوره إرسال رسالة الى كلّ من يعنيهم الأمر ان لا انفصام بين عرى المقاومة وجمهورها بل انّ حزب المقاومة هو الحزب الأكبر في لبنان على المستوى الشعبي والصوت التفضيلي للناخبين ونائبه أمين شري هو الأول تصويتاً في العاصمة بيروت،
العنوان الابرز لنتائج الانتخابات النياية انّ أركان تفاهم مار مخايل وحلفاءهم استطاعوا إفشال أهداف كلّ من أراد إسقاطهم وهزيمتهم وانهم هم الأكثرية الشعبية والأقوى تمسكاً في القيم الوطنية والسيادية.