الإمامُ الحسين ثورةُ حق وقيم
صحيفة المسيرة اليمنية-
د. مهيوب الحسام:
لم يقرّر الإمامُ الحسين عليه السلام قيامَه بالثورة على يزيد حفيد زعيم الطلقاء؛ طلباً لسلطة أَو مال أَو جاه وهو مَن هو ابن بنت أشرف خلق الله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وابن وصيه وسيد شباب أهل الجنة ومن قال عنه جده محمد “حسين مني وأنا من حسين”، وهو بإيمانه وعلمه وجهاده ومكانته عند الله ورسوله ليس بحاجة لفتات زائل من دنيا فانية وإنما قرّر قيامَه بالثورة واجباً دينياً وأخلاقياً مع الله وجهاداً في سبيله ضد فساد وظلم وإجرام وطغيان وانحطاط ومجون وعداء لله وكفر وتطاول على الله ورسوله ودينه.
إن ثورة الإمَـام الحسين هي ثورة الحق بكل صوره ضد الباطل بكل صوره بها حفظ قيم الدين وأخلاقه ونهجه.
ولو لم يقم بهذه الثورة لاستمر الطاغوت في باطل وما تجرأ أحدٌ على مواجهته ثورة أعادت الدينَ إلى وضعه السوي ومساره الحق بعد أن تم حرفُه عن مساره وصراطه المستقيم، فأتت ثورة الإمام الحسين لإعادة الروح للدين وإحيائه في نفوس الأُمَّــة بصفائه ونقائه وإحياء قيمه فأحيى بثورته الأُمَّــةَ من جديد بعد دهر من ضلال وإضلال، ما حفظ للأُمَّـة عزتها وكرامتها وجهادها في سبيل الله ونصرة لدينه وللمستضعفين من الأُمَّــة.
خرج الإمام الحسين عليه السلام بثورته وهو يعلم أنه معرَّضٌ للخطر والاستشهاد في أية لحظة، لكنه يعلم أن الهدفَ الذي خرج مِن أجلِ تحقيقِه يستحقُّ البذلَ والعَطاءَ ويستحقُّ التضحيات.
علّمنا الإمام وعلّمتنا ثورته كيف نكون أحراراً في دُنيانا وعلّمتنا وعلَمت العالم معانيَ الحرية والعزة والكرامة وكيف نطبِّقُها واقعاً في كيفية مواجهة الظلم والإجرام والاستكبار ومقارعة الطواغيت وهزيمتهم وكيف ينتصر الدمُ على السيف، وقد انتصر دمُه الطاهرُ على سيف الطاغوت يزيد ومن معه فبنى بدمه أُمَّـةً مجاهدةً تعشقُ الشهادةَ وتنتزعُ حقَّها في الحرية والاستقلال والعيش الكريم.
وانتصرت ثورةُ الإمام عليه السلام ثورةُ القيم والحق والعدل وهي ثورةٌ حيةٌ مُستمرّةٌ في نفوس المؤمنين إلى يومِ يبعثون وفاز بالشهادة ونالها ليكونَ حياً عند الله عزيزاً كريماً، وذهب الطاغوت القاتل يزيد بلعنة أبدية وغضبٍ من الله ورسوله، ومات وحلت عليه اللعنات إلى يوم الدين، بينما استشهد الإمَـام الحسين ليبقى حياً عند الله وفي نفوس المؤمنين والأحرار الشرفاء من الناس أجمعين وبقي بقيمه مثلاً أعلى وقُدوةً لكل أحرار الأُمَّــة والعالم وسيرةً عطرةً لكل من أراد العزة والكرامة والإباء.
أما كربلاء فَـإنَّها بحق ملحمة في الإيمان والجهاد جسدت معاني قيم الدين وبرز فيها الحق والإيمان كله متمثلاً بالإمام الحسين، للباطل والنفاق كله متمثلاً بيزيد وبقية الطلقاء المنافقين الذين قادوا الثورةَ المضادَّةَ للدين الحَقِّ التي عملت على محوِ ذكر رسوله محمدٍ ومحو الدين الذي تكفّل الله بإظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون، فانتصرت ثورةُ الإمام التي بها نقتدي مع الله ودينه وبه ننتصرُ اليوم.