الأميركي ينسّق التحالف التركي – القطري – السعودي – “الإسرائيلي” ضد دمشق
هل جلب رجب طيب أردوغان “الدبّ” إلى كرم تركيا بدعمه العملي واللوجستي للمجموعات المسلحة وتدخّله المباشر في ريف اللاذقية الشمالي؟
صحيح تماماً، كما يقول الخبراء، إن هذا التدخل العسكري التركي أراده رجب طيب أردوغان قبيل الانتخابات المحلية لصرف النظر عن عائلته وأقطاب من حزبه في فضائح الفساد، لكن النتائج لم تأت كما كان يحلم، حيث بيّنت صناديق الاقتراع تراجع شعبية حزب أردوغان أكثر من خمسة في المئة، وخسر سيطرته على كامل المناطق التي يوجد فيها الأكراد، ومن نجح في تلك المناطق لا يمت بصلة إلى مسعود البرازاني، الذي شدّ إليه أردوغان حبال التوافق والتحالف، كما خسر الحزب الحاكم سيطرته على لواء الإسكندرون، وبالتالي ليس هناك أي سيطرة أو وجود في المحافظات الساحلية، باستثناء انطاليا، التي ربحها أردوغان بفارق ضئيل جداً، في وقت واجه منافسة شديدة في اسطنبول، وفاز بفارق أقل من واحد بالمئة في أنقرة، وهي نتيجة مطعون فيها قد يعاد فرز أصواتها، وبالتالي فتح “السلطان” التركي الجديد عش الدبابير عليه، حيث عادت إلى لواء اسكندرون الروح القومية بأنها منطقة عربية، وبدأت سلسلة من الهجمات على القوات التركية، في وقت بدأ الصوت الكردي يعلو من أجل استقلال ذاتي لمنطقة كردستان التركية.
أمام هذه اللوحة الانتخابية، فإن يوم الأحد 30 آذار يُعتبر برأي الخبراء بداية لهجوم معاكس على الحدود السورية – التركية، ترجمه الجيش العربي السوري بتوجيه ضربات حاسمة للمجموعات المسلحة، بما فيها من أتراك وجنسيات متعددة، خصوصاً أن الطيران السوري في 31 آذار وما بعده قصف بشدة وعنف على الحدود، ووجّه ضربات مباشرة على معبر كسب، دون أن يتحرك الطيران التركي أو القوات التركية.
وتشير المعلومات هنا إلى أن الجانب التركي أُبلغ عبر القنوات الدبلوماسية، من قبل طهران وموسكو، بالرسائل اللازمة لكبح جماح مغامراته الطائشة.
لكن هل الدعم التركي للمجموعات المسلحة كان هدفه فقط انتخابياً؟
يؤكد الخبراء أن ذلك يُعتبر تبسيطاً للأمور، فالعدوانية التركية في جانب منها كانت انتخابية، لكن ثمة مخطط أكبر وأوسع، لافتين إلى ما تسرّب من معلومات من دوائر استخباراتية تركية، من أن انقرة أعدّت بشكل دقيق ومحكم لمعارك ريف اللاذقية الشمالي، بعد الانتصارات النوعية التي حققها الجيش السوري في القلمون والغوطة في ريف دمشق، وفي حمص وريفها، وفي حلب التي لم يبق منها إلا أقل من 15 كلم بيَد المجموعات المسلحة.
ووفقاً للمعلومات فإن تركيا حشدت بالتنسيق مع قطر، وحتى مع السعودية – رغم ما يبدو عليه الأمر من خلاف بين أنقرة والرياض – أعداداً كبيرة من المسلحين، ووفرت لهم مختلف أنواع الأسلحة والعتاد، كما نشرت بكثافة ضباط استخبارات في المنطقة الحدودية.
وكشفت هذه المعلومات أن تركيا شهدت العديد من اللقاءات على المستويين العسكري والاستخباراتي بين تركيا و”إسرائيل” وبتوجيه مباشر من رجب طيب أردوغان وبنيامين نتنياهو، حيث تمّ البحث في حجم هذا التدخل وأهدافه.
في غضون ذلك، كشفت المعلومات أنه رغم الخلافات السعودية – القطرية، فإن الأميركي فرض على الرياض والدوحة أن يبقى التفاهم بينهما في ما يخص سورية، لمنع أي تأثيرات سلبية على حلف العدوان الدولي على بلاد الأمويين، ما يعني أن تقسيم الأدوار أميركياً هو خريطة الطريق التي تذهب في عدة اتجاهات، أبرزها:
– أن السعودية عليها العمل على منع انعطاف السلطات المصرية الجديدة نحو التنسيق مع الدولة الوطنية السورية، ومنعها من التحالف مع روسيا وإيران.
– أن قطر موكلة بـ”الإخوان المسلمين”، بالشراكة مع تركيا، من أجل الأهداف الأميركية.
ويلفت الخبراء هنا إلى أن الهجوم على ريف اللاذقية الشمالي، والذي شاركت فيه “جبهة النصرة” و”الجبهة الإسلامية” وشيشان وأتراك، وكثير من الإرهابيين الذي يحملون جنسيات غربية، يعني ببساطة متناهية وحدة الحركة التركية – القطرية – السعودية – “الإسرائيلية” تحت الإشراف الأميركي.
أما عن أهداف الضغوط العسكرية الجديدة وفتح الجبهة الشمالية، فإن التحضيرات التي كانت تجري لهجوم من الجنوب، أي من جهة الجولان والحدود الأردنية، وما درج على تسميته بمعركة درعا، لم يعد ذا قيمة بعد الانتصارات الحاسمة للجيش العربي السوري في حمص وريفها امتداداً إلى القلمون وريف دمشق، فجاء فتح تركيا – قطر – السعودية – “إسرائيل” للجبهة الشمالية من أجل استمرار استراتيجية استنزاف الدولة الوطنية السورية من جهة، ولاستقطاب نقل القوات المسلحة السورية نحو جبهات بعيدة، لتشتيت الجيش السوري، في نفس الوقت الذي كانت تشهد طرابلس في الشمال اللبناني توتراً ملحوظاً، مع محاولات رفع المعنويات في قصف الصواريخ العشوائية على البقاع الشمالي من جرود عرسال والمناطق القليلة المتبقية في أيدي المسلحين في سلسلة الشرقية (الغربية من جهة سورية)، وكل ذلك من أجل إعادة خلط الأوراق عسكرياً، لعرقلة خطة الحسم التي وضعتها القيادة السورية بالقلمون وريف دمشق، سواء عسكرياً أو من خلال المصالحات الوطنية، حيث ستتمّ في غضون أيام قليلة جداً مصالحات في الزبداني والتضامن والحجر الأسود واليرموك، لتبقى منطقة جوبر التي تضم أكبر حشد للإرهابيين، وخطة حسمها لن تطول.
وكذلك الحال في حمص وريفها، حيث صار المسلحون في ما بقي لهم من مناطق معزولين، وهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام، أو الموت، في نفس الوقت الذي يتجه الجيش السوري للحسم في حلب، ما يعني أن ثمة إنجازات عسكرية نوعية ستحصل، بحيث يأتي استحقاق الانتخابات الرئاسية السورية بين شهري حزيران وتموز المقبلين ومعظم المناطق يعمّها الهدوء والاستقرار..
إذاً، فلنتابع تطورات الميدان: في معركة الريف الشمالي للاذقية، وفي ما تبقى من القلمون، حيث ستُغلَق طرق التهريب والإرهاب على المعابر اللبنانية – السورية، في ظل التقدم الوشيك على رنكوس، وفيما تبقّى من حمص وريفها.. والجيش السوري حسب الخبراء يسير حتماً نحو النصر الحاسم.
مجلة الثبات الأسبوعية – أحمد زين الدين