الأمن القومي: هاجس الدول في المرحلة المقبلة
موقع الخنادق:
يبدو أن العالم بات يعيش في مرحلة، تركّز فيه الدول على أمنها القومي، وتخوض في سبيل الحفاظ عليه، كل ما يمكن اعتباره دراماتيكياً على الصعيد الدولي. وأكبر دليل على ذلك، ما بدأت به روسيا مؤخراً من عملية عسكرية في أوكرانيا، من أجل منع تحول الأخيرة الى بلد انطلاق التهديدات الاستراتيجية ضدها، بتحريض من الولايات المتحدة الأمريكية. دفع بدول غربية على رأسهم ألمانيا، الى اتخاذ قرارات غير مسبوقة ذات بعد استراتيجي. وقبلها ما حصل في كازاخستان، من إفشال موسكو لجهود أمريكا بإشعال ثورة ملونة في الدولة الجارة لها، وتحويلها الى ساحة توتير قد تصل امتداداتها الى روسيا. وقبل ذلك أيضاً، ما حصل من تنسيق واتفاق بين الدول المجاورة لأفغانستان، في منع تحول الانسحاب الأمريكي المفاجئ منها، الى ساحة فوضى تنعكس سلباً على أمن منطقة آسيا برمتها. والعديد من الأحداث التي حصلت قبلها، والتي تؤكد هذه النتيجة.
فما هو تفسير مصطلح الأمن القومي؟ وما هي عناصره الأساسية التي تستدعي قيام الدول لاتخاذ هكذا قرارات استراتيجية قد تشعل حروباً إقليمية وحتى عالمية؟
_ هو أمن الدولة ذات السيادة والدفاع عنها، بما في ذلك مواطنيها واقتصادها ومؤسساتها، ضد أي تهديد، ويكون هذا الوجاب ملقى بشكل رئيسي على عاتق الحكومة.
_ويُنظر إلى الأمن القومي في الأصل، على أنه حماية ضد الهجوم العسكري، لكن المفهوم يمتلك تفسيراً ذو نطاق أوسع، إذ يشمل أيضًا أبعادًا غير عسكرية، بما في ذلك ذات الطابع الأمني ضد الإرهاب والجريمة والمخدرات، والأمن الاقتصادي، وأمن الطاقة، والأمن البيئي، والأمن الغذائي، والأمن السيبراني.
_وبالتوازي، تشمل مخاطر الأمن القومي، بالإضافة إلى تصرفات الدول ذات القومية الأخرى، الأعمال العنيفة التي تقوم بها الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل التنظيمات الارهابية في البلدان المجاورة، وكارتيلات المخدرات، والشركات متعددة الجنسيات، وكذلك آثار الكوارث الطبيعية.
_ تعتمد الحكومات في سبيل تحقيقه، على مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية، فضلاً عن الدبلوماسية. وقد تشمل جهودها أيضًا بناء ظروف الأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال الحد من الأسباب العابرة للحدود لانعدام الأمن، مثل تغير المناخ وعدم المساواة الاقتصادية والاستبعاد السياسي والانتشار النووي.
_على نحو متزايد، وانطلاقاً من العام 2017، بدأت حكومات عدة حول العالم في تنظيم سياساتها الأمنية، ضمن شكل استراتيجية للأمن القومي (NSS). وكانت أولى هذه الدول: إسبانيا، السويد، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية.
_ولأهميته تعين بعض الدول مجلساً للأمن القومي، أو مستشاراً يتابع القضايا المرتبطة به، أو وكالة حكومية تنفيذية، من أجل تزويد سلطة القرار في الدولة، بكافة الموضوعات المتعلقة بالأمن القومي والمصالح الاستراتيجية.
_ واستراتيجيات الأمن القومي تكون إما طويلة المدى أو قصيرة المدى، كما يكون هنالك خطط طوارئ معدة مسبقاً للأمن القومي.
_ وتختلف الأولويات عند كل دولة، بناء على اختلاف التهديدات المعرضة لها.