الأمن العربي المستباح
صحيفة الخليج الإماراتية ـ
افتتاحية الخليج:
لو كانت »إسرائيل« تعرف أنها ستلقى رداً مناسباً، لما تجرأت على هذا العدوان الذي استهدف السودان، لكن بما أنها متيقنة أن فعلها العدواني هذا سوف يمر كما حال الاعتداءات السابقة التي استهدفت السودان أكثر من مرة، وغيره من الدول العربية، باستخفاف وعدم اكتراث، فإنها تشعر بأن يدها طليقة وطائلة وقادرة على فعل ما تريد من دون اكتراث لأي رد فعل .
ليس مهماً معرفة كيف وصلت طائراتها إلى السودان وقصفت المجمع العسكري في الخرطوم، فهي قادرة بلا شك على الوصول ولديها الإمكانات والقدرات، ويمكن أن تحصل على الدعم والمساعدة والتغطية من دول أخرى ترعاها وتحميها، وهي تستطيع انتهاك أجواء وسيادة دول أخرى، لأنها في الأساس لا تقيم وزناً لقوانين دولية تحكم العلاقات بين الدول .
المهم، أن العدوان وقع والسودان كان الضحية هذه المرة، ومن الممكن أن يكون أي بلد عربي آخر ضحية لعدوان مماثل في أي وقت، وهذا يعني شيئاً واحداً، هو أن الأمن القومي العربي مكشوف ومستباح، ويمكن للكيان الصهيوني العبث به واختراقه إما من خلال العدوان المباشر، وإما من خلال شبكات التخريب والاغتيال المموّهة بجنسيات مختلفة .
ألم يدرك العرب بعد أن »إسرائيل« لا تفرق بين بلد عربي وآخر، وليس مهماً أن يكون قريباً منها أو بعيداً، وأن كل العرب بالنسبة إليها أعداء ويشكلون تهديداً لأمنها ووجودها بشكل أو بآخر؟
ألم يدرك العرب أن عدواً بهذه المواصفات يستوجب منهم حداً أدنى من التنسيق الأمني والعسكري، ووضع ما يلزم من خطط لمواجهته؟
ألم يحن الوقت لأن يضع العرب معاهدة الدفاع العربي المشترك موضع التنفيذ باعتبار أن أمنهم جميعاً في خطر، وأنهم كلهم في نظر »إسرائيل« أعداء، وبالتالي هم هدف لها؟
لا يظننَّ أحد أن معاهدة أو اتفاقية أو علاقات خاصة مع »إسرائيل«، تشكل له ضمانة وبوليصة تأمين من أي اعتداء »إسرائيلي« . . والشواهد على ذلك كثيرة، ماضياً وحاضراً .