الأكاذيب الأمريكية بشأن برنامج إيران النووي
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
بدأ المسؤولون الأمريكيون بالاعتراف بالأكاذيب التي طالما روجتها واشنطن ضد طهران حيث أعلن ويليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، في 20 تموز الجاري، أن إيران لم تستأنف برنامجها لإنتاج الأسلحة النووية، بل أوقفته منذ عام 2004. وإذا كان هذا الإعلان يؤكد فقط ما قاله العديد من المحللين الدوليين، فمن المثير للاهتمام أن هذا التأكيد صادر عن رئيس المخابرات الأمريكية.
في كانون الأول الماضي، أعلن بيرنز نفسه أنه ليس لدى الولايات المتحدة سبب كاف للاعتقاد بأن إيران تخطط لإنتاج أسلحة نووية. وللتذكير، فقد صرحت إيران مراراً وتكراراً أن رفضها إنتاج قدرات عسكرية نووية لا يتعلق بمسألة العقوبات، ولكن ببساطة بسبب أيديولوجية الأمة الإيرانية. والحقيقة أن الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية من قبل إيران يمكن أن يصبح أيضاً “خطيراً” على المصالح الأمريكية، ذلك أن التكنولوجيا النووية السلمية والنظيفة تسمح بمستويات عالية من التطور الصناعي والعلمي، بالإضافة إلى تعزيز القوة العسكرية، مثل تصنيع غواصات الدفع.
وبالتالي، أي شكل من أشكال التطور التقني لأعدائها الجيوسياسيين يعتبر بالفعل من قبل الولايات المتحدة “مشكلة”، وهذا بالضبط هو السبب الذي يجعل واشنطن تحاول بأي ثمن إيهام الرأي العام الأمريكي والعالمي أن إيران مصممة على مواصلة البرنامج النووي. كما أنه من الضرورة بمكان التذكير بأن رواية واشنطن بأكملها حول البرنامج النووي الإيراني أصبحت بطريقة ما “سلاح بلاغي” للمؤسسة الأمريكية، لأنه مع هذا الخطاب أصبح من الممكن محاولة حشد جزء من المجتمع الدولي ضد ما يسمى بـ “التسلح النووي”، لتبرير العقوبات غير القانونية، وشن عمليات عسكرية وحتى أعمال إرهابية بهدف اغتيال المسؤولين والعلماء الإيرانيين.
وبحسب كثير من المحللين، فإن هذا الخطاب المعادي لإيران يعمل بشكل مشابه مع الرواية حول غزو روسيا المزعوم لأوكرانيا، بينما هذه مجرد روايات لا أساس لها من الصحة، تخدم المناورات الغربية دولياً. يجب بالتأكيد إضافة أن ما يخيف واشنطن فعلياً وكذلك حليفها الإقليمي الرئيسي وربما حتى الدولي تل أبيب، هو على وجه التحديد القدرة العلمية والفكرية المذهلة للأمة الايرانية، والتي على الرغم من العقوبات الغربية التي لا تعد ولا تحصى المفروضة عليها، لم تقاوم بشكل فعال فحسب، بل تسعى بنشاط أيضاً إلى التنمية في العديد من القطاعات، حيث باتت إيران تشكل القوة العسكرية العالمية الرابعة عشرة، والقوة الاقتصادية العالمية رقم 21 من حيث الناتج المحلي الإجمالي عند تعادل القوة الشرائية.
وبناء على ذلك، من الواضح الآن أن إيران لا تحتاج إلى أسلحة ذرية لتكون قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل فعال ضد أعدائها وخصومها الرئيسيين، ولعل سياسة تعزيز المواقف الإيرانية على المستويين الإقليمي والدولي، خير دليل على ذلك، طبعاً بالإضافة إلى تحالفها مع روسيا والصين، وكذلك الانتماء إلى المدافعين الرئيسيين عن النظام العالمي متعدد الأقطاب.