الأردن.. وإرهاصات الانفجار
يتدحرج الأردن مُكرَهاً نحو الانفجار والفوضى الأمنية رغماً عنه، بما يشبه زواج القاصرات السوريات في مخيم الزعتري اللواتي يتزوجن من خليجيين مقابل وعود بتأمين المال لعوائلهن ودعم الثورة السورية بـ”نكاح اللذة” أو “جهاد النكاح”.
يجبَر الأردن على دعم الثورة السورية بأطيافها المتعددة التكفيرية والوصولية والانتهازية وتجار الثورة ومجرميها، مقابل الإعانات المالية الخليجية والأميركية، ووعود بالحفاظ على عرش العائلة المالكة.
الأردن مستودع السلاح للجبهة الجنوبية، والأردن قاعدة تجميع وتدريب المسلحين المتعددي الجنسيات، والأردن غرفة عمليات قيادة المجموعات المسلحة باتجاه دمشق لإسقاط العاصمة والنظام والدولة في سورية.
والأردن سيستكمل دوره المشبوه منذ احتلال فلسطين وحرب تشرين عام 1973 وقبلها حرب الأيام الخمسة عام 1967.. إنه في المقلب الآخر لجبهة المقاومة للعدو “الإسرائيلي”، إنه شركة مقاولات أمنية ومخابراتية في أفغانستان، يعمل مع “الناتو” كما يعمل البدو العرب في اقتفاء الأثر في فلسطين مع العدو “الإسرائيلي”، وفي البحرين يرسل الدرك الأردني لقمع الثورة المظلومة، ويساعد “درع الجزيرة” السعودي في عمليات التعذيب والقمع، والأردن تدخّل في لبنان مع القوات اللبنانية أثناء الحرب الأهلية ضد المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، هذا هو الأردن الذراع الأمنية المحترقة التي تعبث بالأمن في بلد ما لحماية المصالح الأميركية.
لكن الأردن – وأستثني كل الوطنيين والشرفاء من الشعب الأردني العربي – لا يتعظ من سيرة أقرانه من الرؤساء والملوك والأمراء، وحتى الكيانات التي كانت كبش فداء للأميركيين عندما وصلت أميركا لمعادلة الاختيار بين مصالحها وحلفائها، فاتجهت لمقايضة المصالح بالحلفاء؛ من شاه إيران إلى صدام حسين إلى مبارك إلى زين العابدين بن علي إلى أمير قطر إلى بندر بن سلطان إلى غيرهم..
السؤال المطروح على القيادة الأردنية: ماذا ستفعل أميركا عندما تقتضي مصالحها التكافل والتضامن مع “إسرائيل” والتخلي عنكم وإعلان الوطن البديل؟ ألم تتخلَّ بريطانيا وفرنسا عن الأمير فيصل وتراجعت عن وعودها بإقامة الحكومة العربية، بعد أن أعلن تحالفه معها ضد الدولة العثمانية؟ ألم يسحب الحلفاء الغربيون وعودهم؟ ألم يقاتلوا الجيش العربي في ميسلون؟ وماذا سيفعلون بكم بعد انهزامهم أو انتصارهم في سورية، مع اعتقادنا أنهم سيهزَمون بإذن الله سبحانه؟ ألم تنقلب أميركا على صدام حسين وهي التي ورطته في الحرب ضد إيران ثم الحرب على الكويت، ليكون مصيره القتل والإعدام، وبناته اللاجئات إلى الأردن خير دليل؟
بدأت أعمال الشغب في “معان”، وتغلغل التكفيريون في المدن والعشائر الأردنية، والفلسطينيون يُمسكون بالاقتصاد، و”الإخوان المسلمون” جسر التواصل بين الفلسطينيين والأردنيين، وشتات التكفيريين والفقر والحاجة في كل البيوت والخيم الأردنية، فماذا بقي للسلطة والعرش؟
الأردن على حدود سورية المفتوحة للقتَلَة الذاهبين لذبح الشعب السوري وإسقاط النظام، ومخيمات اللاجئين السوريين مفتوحة للموساد “الإسرائيلي” لتجنيد السوريين بالتعاون مع المخابرات الأردنية، والحدود الأردنية مع العراق مفتوحة إما لهرب “داعش” وأخواتها، أو لإمداد التكفيريين بالسلاح والمقاتلين، وهي حدود للنار العراقية باتجاه الأردن، والأردن طريق العودة إلى السعودية للمقاتلين الذين أرسلتهم المخابرات السعودية للقتال في سورية، وسيعودون للثأر من رعاتهم بعد هزيمتهم في سورية، فالحدود السعودية – الأردنية خط النار واللهب القادم، فقد أحاط الأردن نفسه بالنار من الحدود السورية والعراقية والسعودية، والجمر تحت الرماد في الأردن، وبعض الفلسطينيين لم ينسوا أحداث أيلول في السبعينات، وبعضهم حديث الولادة يحلم بالسيطرة على سورية ومصر والأردن، وبعض الخليج عبر “الإخوان المسلمين” بعدما أقفل جبهته مع “إسرائيل” ويريد نشر الديمقراطية في العالم العربي، وهو يقمع في غزة وفي المخيمات التي يسيطر عليها.
أيها الإخوة الأردنيون، استيقظوا قبل فوات الأوان، وانظروا الدمار والخراب والقتل في سورية، والذي سيتكرر عندكم، وندعوا الله سبحانه وتعالى أن ينجيكم منه، فلا توقعوا أنفسكم في التهلكة.. لا تبيعوا كرامتكم وأمنكم ببعض أكياس الطحين أو براميل النفط أو الإشادات الكلامية من الغرب.. لا تخضعوا للابتزاز والاستغلال من أمراء النفط.
الأردن على فوهة الانفجار.. ويمكن أن يُعطى كجائزة ترضية للعدو “الإسرائيلي”، ويعلَن الوطن البديل وفق فدرالية مع الضفة الغربية، ويبقى الملك صورياً وفق النظام البريطاني.
نسيب حطيط – الثبات