اعتُقل الأسير… فمتى المحرّضون والراعون؟
صحيفة البناء اللبنانية ـ
د.نسيب حطيط:
يمثل أحمد الأسير إحدى ظواهر التفلت الإرهابي المتدثر بالمذهبية، وإحدى الدمى التي يحرّكها البعض في الداخل والخارج من أجل ضرب المقاومة وتخريب السلم الأهلي في حركة تكاملية غير مباشرة مع المشروع الأميركي الخليجي في لبنان والمنطقة.
الأسير ضحية المشروع المذهبي والطموح الشخصي الذي يحاول جعل عامل الفرن أو بائع الخضار مع تقديري للعمال والعاملين الشرفاء ليكون أميراً من أمراء التكفير يتاجر بالسبايا ويحتلّ صفحات الإعلام ويربك الأمن ويحاصر صيدا بوابة الجنوب لحرفها عن هويتها الوطنية الجامعة الى حالة مذهبية؟
لكن السؤال… هل كان احمد الأسير وحيداً؟
من رعى الأسير ومن وفّر له التمويل والغطاء السياسي لمشروعه التخريبي وراهن عليه كحصان سباق وكذراع عسكرية له وفق معادلة مخادعة وغبية في نفس الوقت، فإنْ ربح كانوا هم الحاصدون وإنْ خسر تركوه وحيداً بعد استنزافه كنسخة مكرّرة لقادة المحاور في طرابلس الذين كانوا ضحايا الفقر والبطالة والتحريض المذهبي، ثم التنكر لهم من رعاتهم الذين تحوّلوا الى قتلة ثم الى سجناء ودفعت عائلاتهم الثمن الغالي كما دفع أهل الضحايا الذين قتلوهم ثمناً أغلى.
للأسير محرّضون ومخططون ورعاة، بل أكثر من ذلك فله فريق دفاع من المحامين موّله أحد نواب المدينة باسم تيار سياسي لتبرئة قتلة جنود وضباط الجيش من جريمتهم، وهناك من نقل المعتقلين من جماعة الأسير الى سجن جزين لتسهيل إقامتهم في السجن ليكونوا تحت العين والنظر من حماتهم ورعاتهم.
للإرهاب غطاء سياسي بربطة عنق وأجهزة حاضنة وملجأ آمن في المخيمات المحميات الأمنية التي يمنع على الجيش دخولها في السابق والحاضر وتطوّرت لتمنع حتى بعض الفصائل الفلسطينية من دخولها، وصارت غير آمنة حتى لحركة فتح وغيرها، فالإرهاب في لبنان له وصفة سحرية اسمها المذهبية ودعم ما يُسمّى «الثورة السورية»، فبعضهم يمدّها بالسلاح ويوفر لها الملجأ الآمن وبعضهم يفجر السيارات المفخخة في الضاحية والهرمل وبعضهم يطلق الخطابات المذهبية المحرّضة على القتل ويقطع طريق الجنوب كما فعلت «إسرائيل»، ثم يتواطأ لخطف العسكريين في عرسال ويطلق التصريحات على الشاشات بأنهم ضيوفه في بيته ثم يبيعهم لـ«النصرة» و«داعش» متمتعاً بالحماية السياسية التي تجعل الدخول الى عرسال خطاً أحمر وانقضاضاً على السنة في لبنان الذين لم يتركوا لهم عقاراً او شاطئاً أو حتى تمثيلاً سياسياً… وهدموا مقام الإفتاء وأهانوا المفتي ولم تنج الأوقاف من جبروتهم وطمعهم!
خرجت «داعش» و«النصرة» وأخواتهما لـ«نصرة» السنة في لبنان وسورية والعراق من الشيعة والعلويين والصفويين… لكنها تقاتل أهل السنة في مصر وتونس وليبيا والجزائر والسعودية في مسجد «أبها» والرياض وغيرها، وقريباً في المغرب والأردن، وهذا ما فضحها وفضح رعاتها أنّ الحرب ليست مذهبية، بل هي حرب سياسية بامتياز استكمالاً لحرب تموز «الإسرائيلية» الأميركية التي ساهم فيها أكثر العرب ورفعوا أيديهم بالدّعاء الى ربهم بهزيمة المقاومة، فانقلبوا على أعقابهم مهزومين تقتلهم الحسرة والخيبة، فعاودوا الكرة بما يُسمّى «الربيع العربي»، والأسير احد مفرداته السيئة والمغامرة والفاشلة.
الجيش يتيماً يقتله الأسير ورعاته في عبرا، ويسحله المجرمون اللبنانيون والسوريون في عرسال، ويغدره حبلص وجماعته في عكار، ثم يكرّم القتلة في السجون ويمنع عنهم الإعدام العادل والمطلوب؟
فهل… سينضمّ الأسير الى مقهى المسجونين بانتظار المبادلة مع العسكريين المخطوفين ثم يلقى اللوم على العسكريين ووزارة الداخلية؟
هل سيتحرك البعض من السياسيين بالخفاء وبعض المشايخ في العلن حفظاً لـ«العمامة القاتلة» كما تحركوا لحفظ عمامة الأطرش المجرمة التي جعلت من الأبرياء في الضاحية والبقاع من العسكريين والمدنيين شهداء من أجل «النصرة» و«داعش»؟
هل سيحاسب الراعون والمحرّضون أم سيكون الأسير كبش فداء لهم كما كان غيره من قادة المحاور؟
السنة والشعة والمسيحيون ضحايا الفكر التكفيري جميعاً، والأسير وغيره كذلك، فاضربوا رأس الأفعى التي تبدّل جلدها وأسماءها وتحرك عن بعد كلّ القتلة والإرهابيين، وإلا فلن تسلم الجرة كلّ مرة ويمكن أن يشتعل لبنان في لحظة غير متوقعة طالما أنّ الرأس المدبّر في الخارج والداخل بمنأى عن الاتهام والمحاسبة.