’اسرائيل’ تطبع علاقاتها مع تركيا وبعض العرب
كعادتها “إسرائيل” تحاول الصيد في الماء العكر في كل مرة ترى الفرصة سانحة لخدمة مصالحها، ففي ظل التوتر الحالي بين تركيا وروسيا يقول مسؤولون إسرائيليون إن أنقرة عبرت عن اهتمام جديد باستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل. ويذكر أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كان أعلن مؤخرا أن عودة العلاقات بين تل أبيب وأنقرة ستفيد كل المنطقة.
وفي ظل تعثر العلاقات التركية – الروسية جراء اسقاط تركيا الطائرة الروسية في سوريا، طالب خبراء اقتصاديون في إسرائيل نتنياھو بالعمل على استغلال الخلاف الساخن بين روسيا وتركيا، مع احتمالات تعثر اتفاقيات الغاز بين موسكو واسطنبول، لإبرام اتفاقيات لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا. ويرى ھؤلاء أن الفرصة سانحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتصحيح مسار العلاقات التركية – الإسرائيلية، التي توترت بعد هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة مرمرة التركية، التي كانت تقل مساعدات إلى قطاع غزة في العام 2010، وذلك لما فيه مصلحة “الدولتين” في الظروف الراھنة التي تحتاج فيھا تركيا الغاز، وتحتاج إسرائيل الأموال لتطوير حقولھا البحرية.
في السياق نفسه عمل العديد من الجھات السياسية الإسرائيلية على حث نتنياھو على التقدم بتسوية إلى تركيا، مستغلة حاجة تركيا للغاز الروسي ، للبحث معھا في أمر مد أنبوب يحمل الغاز الإسرائيلي لتركيا، ومنھا إلى أوروبا. وقال المراسل السياسي للقناة الثانية الإسرائيلية أودي سيغال إن “جھات في وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيليتين وأوساطا في مجال الطاقة تقول إن الوقت مناسب حالياً للبحث مع تركيا في تسوية الأزمة وتطوير العلاقات.” وكان سيغال قد تساءل قبل أيام حول ما إذا كان إسقاط الطائرة الروسية على يد الجيش التركي، والنزاع المتزايد بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي أردوغان، سيقودان إلى تحسين العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.
هذا التقارب التركي- الاسرائيلي في التصريحات أخذ مفعوله العملي من خلال اجتماع سري عقد في سويسرا، بين رئيس الموساد الجديد يوسي كوهين والمبعوث الإسرائيلي جوزيف سيتشانوفر ووكيل وزارة الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو. وتم الاتفاق على قيام إسرائيل بدفع تعويضات عن ضحايا الهجوم على السفينة التركية، والعودة لتبادل السفراء بينهما، وبدء محادثات حول تصدير غاز إلى تركيا بعد التوقيع على الاتفاق. وستسقط أنقرة في المقابل جميع الدعاوى ضد تل أبيب.
وقد رفض متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعليق على تفاصيل الاتفاق وابعاده. في حين أكد مسؤول تركي حصول المفاوضات، لكنه نفى التوصل إلى اتفاق شامل، موضحاً أن الجهود متواصلة من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا بشكل كامل، فيما أكد مسؤول أميركي الاتفاق.
في حين كتب معلق الشؤون العربية في صحيفة “ھآرتس” تسفي بارئيل أن مصر والأردن لا يعتزمان استيراد الغاز من إسرائيل. وأشار في ھذا السياق إلى قول وزير الطاقة الأردني إبراھيم سيف الذي أعلن تجميد مذكرة التفاھم بين الأردن وشركة “نوبل إنرجي”، والقرار المصري بوقف المفاوضات بھذا الشأن، ما يضع علامة استفھام كبيرة حول تصريحات نتنياھو أن تصدير الغاز سيعزز العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
وأشار بارئيل إلى أنه “مقابل مصر، التي تستغل مزاياھا الاقتصادية في مجال الغاز للضغط على إسرائيل كي تتخلى عن غرامة بمبلغ 1‘76 مليار دولار حكم بھا لمصلحة شركة الكھرباء الاسرائيلية، فإن مبررات القرار الأردني أعمق بكثير. فھو يستند الى المعارضة الجماھيرية لاستيراد الغاز من إسرائيل، وذلك لأن استيراد الغاز من إسرائيل برأيھم معناه الاحتلال”، كما ھتف مؤخراً متظاھرون أردنيون في ساحات عمان. ومن المتوقع لحكومة الاحتلال أن تكسب أكثر من ثمانية مليارات دولار من بيع 15 مليار متر مكعب من الغاز للأردن وفي نظر المتظاھرين، فإن ھذا المال “سيذھب لتعظيم قوة الجيش الاسرائيلي وتمويل الاحتلال.”
هذه الحركة الدبلوماسية حول اتفاقيات الغاز، حدثت وسط انعقاد القمة الثلاثية المصرية – اليونانية – القبرصية قبل أيام، والتي جمعت الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والقبرصي نيكوس أناستاسياديس ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس في أثينا، وخلصت إلى اتفاق على تعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرھاب في المنطقة، وضرورة الحل السياسي للأزمات في عدد من دول المنطقة، لا سيما سوريا وليبيا، وترسيخ التعاون على المستويات الاقتصادية، لا سيما ترسيم الحدود البحرية.
واتفقت الدول الثلاث على إرساء آلية دائمة للتفاھم والتعاون تتمثل في مجلس يعقد دورياً تحت إشراف وزارة خارجية كل دولة، وكذلك إنشاء لجان اختصاصية في مجالات السياحة وحماية البيئة. كما تبنت القمة الثلاثية إعلان أثينا المشترك الذي يھدف إلى مواجھة الإرھاب وتعزيز التعاون البحري وتطوير مراكز الطاقة في الشرق الأوسط وضرورة الحل السياسي للأزمة القبرصية، فضلا عن التأكيد على الحل العادل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة عاصمتھا القدس الشرقية. كما أكدت ضرورة دعم الاتحاد الأوروبي لمصر، ودعم تطوير الموانئ والنقل البحري، خصوصاً بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، وتنمية التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر وقبرص.
الغاز هو المحرك الاساسي للحروب الناشئة والمستمرة في الشرق الأوسط، والذي أفرز حركات ارهابية مثل داعش واخواتها لتنفيذ الاجندة الغربية فيما خططوا له للشرق الاوسط ، الذي كانت ثرواته الباطنية وغير الباطنية وموقعه الاقتصادي الاستراتيجي، سبباً للخراب الغربي المحمول على ديمقراطية كاذبة، وبنادقهم موجهة الى صدورنا وأيديهم ملوثة بدمائنا.
تطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية يتواكب مع تزايد التطبيع السري والعلني بين العدو الإسرائيلي وبعض العرب مما ينذر بمشهد إقليمي جديد وخلط أوراق وتداعيات خطيرة على المسألة الفلسطينية، خاصة وان تركيا كانت تسوق لصفقة مشبوهة بين تل ابيب وبعض الجهات الفلسطينية .