استقالة على خط تماس أميركي
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي المحطة اللبنانية في مسار التصعيد الأميركي الشامل على مساحة المنطقة والذي أعطى إشارته الواضحة باراك أوباما في زيارته لإسرائيل بينما تراكمت المقدمات السياسية اللبنانية التي قادت إلى هذه الحصيلة وفتحت الأبواب أمام مرحلة جديدة من الصراع السياسي والأحداث الأمنية غير البعيدة عن مسار الحرب العالمية التي تستهدف الدولة الوطنية السورية ويسعى المتورطون فيها إلى جعل لبنان منصة عدوان على الشقيقة الجارة للنيل من المقاومة كمنظومة قوة رادعة.
أولا: ظهرت إشارة التصعيد الأولى في لبنان منذ أسابيع مع تصريحات السفيرة الأميركية مورا كونيلي التي أذاعت كلمة سر أميركية واضحة محورها فرض إجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس قانون الستين والتصميم الأميركي على تعطيل أي تفاهمات يمكن أن تفسح في المجال أمام قانون جديد لأن الحسابات الأميركية والغربية والخليجية توصلت إلى استنتاج حاسم بان أي قانون جديد يعتمد النسبية ولو جزئيا ويراعي مطلب تصحيح التمثيل المسيحي سوف ينتج أكثرية وطنية واضحة داخل البرلمان الجديد ويعطل الدور المفصلي الذي أوكلته الولايات المتحدة و حكومات الغرب والخليج إلى ما سمي بالكتلة الوسطية التي تكفلت بتعطيل أي مبادرات وطنية داخل السلطة وعوضت خسارة الغرب و ملحقاته الإقليمية الناتجة عن التراجع والتخبط في وضعية تيار المستقبل وزعامة سعد الحريري وصيغة 14 آذار، وبالتالي فقد كان أمر العمليات الأميركي الذي صرحت به كونيلي إيذانا بمرحلة من التصادم والاضطراب وخلط الأوراق لاعتبارات تتعلق بمستقبل النفوذ الغربي في لبنان و قد أعقبها تحرك ميداني لاستيلاد مناخ الفتنة بأي ثمن.
ثانيا: الكلام العدائي و الاستفزازي الذي تفوه به باراك أوباما بشأن حزب الله كان إشارة أخرى ومن أعلى الهرم الأميركي والغربي فأوباما هو مصدر التعليمات التي تتلقاها حكومات الغرب والخليج وتركيا وكذلك القوى والمراجع اللبنانية التي تقيم حساباتها السياسية على مبدأ التكيف مع سياسات الغرب ومشاريعه مرة بوهم أن الغرب يربح دائما وهي بذلك لا تعتبر من نتائج التجربة المرة أتباع الغرب في لبنان والمنطقة ومرة أخرى بحجة كاذبة هي عدم القدرة على صد الضغوط الغربية والتحصن بالفهلوة اللبنانية التي تتقنع بالشطارة وبتقنيات المسايرة وبلعبة البيع والشراء دون اعتبار للمبادئ الوطنية والقومية أو للأخلاق في ممارسة السياسة وبالتالي فطلبات الأميركي أوامر وكلام أوباما إشارة انطلاق لاستهداف حزب الله وهو ما يعني فض الشراكة معه في الحكومة.
ثالثا: إن نقطتي الخلاف اللتين كانتا في الظاهر وراء الاستقالة تجمعان خطا أميركيا واضحا فالتصميم على تشكيل هيئة الإشراف لجعل قانون الستين أمرا واقعا هو تلبية للطلب الأميركي وكذلك الإصرار على إبقاء اللواء على رأس مؤسسة الأمن الداخلي هو تعبير عن كون قيادة هذه المؤسسة منذ العام 2005 الحلقة المركزية في الدولة اللبنانية التي تقدم الخدمات والمعلومات للولايات المتحدة ولأجهزة المخابرات المتورطة في العدوان على سورية.
و يعرف المسؤولون الذين جعلوا من بقاء اللواء ريفي في منصبه عنوانا لتفجير الوضع الحكومي أن شبهات كثيرة أثيرت إعلاميا و سياسيا حول تورط فرع المعلومات في حماية جماعات التكفير والإرهاب متعددة الجنسيات بعناصرها اللبنانية والسورية والخليجية والفلسطينية في عدد من المناطق اللبنانية و داخل المخيمات وحتى في سجن رومية وهي تحظى بتسهيلات كبيرة حسب التقارير الإعلامية تمكنها من تهريب الأسلحة و إعداد المجموعات الإرهابية لترسلها إلى سورية و مدير الأمن الداخلي يقوم بتغطية كل ما يدور على هذا الصعيد ولذلك بات خطا أحمرا أميركيا يحرسه مسؤولون لبنانيون.
الاستقالة كرست تداخل الوضع الحكومي بالوضع الأمني بقانون الانتخابات و بالتالي فأي حل سياسي في لبنان سينتظر سقوط الأوهام الأميركية في سورية وهزيمة حلف العدوان.