اتفاق الأميركيين والصهاينة والإرهاب والأعراب ضد سورية.. يعني أن دمشق على حق
كم هو رائع ذاك السبعيني السوري حينما يفصّل بطريقته الشعبية ما تمرّ به سورية.. هو لا ينظّر، ولا يحلل، ولا يدعي أنه صاحب رؤية وفكر وعقائد، لكنه حينما يتحدث عن الوقائع التي تمر بها بلاد الأمويين، يتحدث من تجربة عمُر، وعن بديهيات.
ببساطة يختصر المسألة بقوله: حينما تكون “إسرائيل” وأميركا وبريطانيا والغرب عموماً ضد سورية ودولتها الوطنية، يعني ببساطة أن دمشق والدولة السورية على حق، ويستحضر ما قاله عبد الناصر يوماً: “إذا وجدتم أميركا راضية عني، فاعلموا أني أسير في الطريق الخطأ”.
يضيف العجوز السوري هنا: ما بالكم إذا أضفنا ما كنا في شبابنا نتحدث عنه حول “الرجعية العربية” وملوك النفط والكاز الذين ما وقفوا مرة إلى جانب قضايا العرب الكبرى، خصوصاً قضية الشعب العربي الفلسطيني، لا بل كانوا على الدوام سبباً في التفرقة والتمزق العربي، وفي الضعف والوهن العربييْن، يبددون ثروات الأمة الطائلة والمذهلة على الملذات، وفي البورصات في الغرب، وعلى التسلح الذي يأخذ الأمراء والحكام سمسرات خيالية لقاء الصفقات التي يكبر حجمها عاماً بعد عام.
ويشدد أن أعراب الكاز والغاز والنفط هم أوفياء دوماً لمن صنع عروشهم، كانوا سابقاً أوفياء للإنكليزي الذي بدأ تصنيعهم منذ عشرينيات القرن الماضي، وتحوّلوا لأن يكونوا أداة للاستعمار الجديد وسيده الأميركي منذ خمسينيات القرن الماضي، وما زالوا..
هم كانوا ضد عبد الناصر والوحدة العربية، وكانوا ضد الثورة اليمنية منذ قيامها في 26 أيلول/ سبتمبر 1962، وكانوا ضد ثورة المليون شهيد في الجزائر، وبالتالي كانوا ضد مصر وسورية اللتين قدمتا كل الدعم لهذه الثورة.. وقبلها غضوا الطرف عن اغتصاب فلسطين، لا بل قدّموا تسهيلات ووعداً بألا يخدشوا الكيان المصطنَع.
هؤلاء الأعراب ما وقفوا مرة مع قضايا التحرر لشعوب العالم، لا بل ما وقفوا مرة مع الوحدة الإسلامية، وكانوا باستمرار يعملون لتشويه الدين الحنيف.. وكانوا على الدوام ضد الدور التنويري للأزهر الشريف وما فتئوا.
يستحضر الرجل هنا، الصحافي البريطاني الراحل منذ عدة أيام، باتريك سيل، فيؤكد أن سيل التقى ملوكاً وقادة ومسؤولين عرباً، وتحدث معهم، وناقشهم، وخصوصاً في ظل الأزمة السورية، وحذّرهم من أنهم يلعبون بعروشهم ودولهم جراء انخراطهم في الحرب على سورية وعلى دولتها الوطنية، لأن العدوى ستنتقل إليهم سريعاً، فالغرب الذي يستقوون به سيكون أول من يشغل خناجره بهم.
لكن ما الجدوى من ذلك إذا كان هؤلاء الأعراب أميين في التاريخ جاهلين في تفاصيل الجغرافيا، يعتمدون في تفاصيل حياة حكمهم اليومية على المقويات الأميركية والمصل الغربي؟
يتساءل العجوز السوري هنا: كيف لنا أن نفهم أن الأميركي والغربي يريد مواجهة الإرهاب ومكافحته، والأصولية المتطرفة ومتفرعاتها وتشعباتها، في وقت تنسّق مخابراته معها في كل الأشكال والوسائل، هو يمدهم بالسلاح ويدربهم في قواعد أنشأها خصيصاً في الأردن والدولة العبرية، وبعض محميات الخليج.. بالإضافة إلى ما تلقّوه في أماكن سرية في عواصم الغرب من تدريب، ومن عواصم الغرب، ومن مطاراتهم، خرج الآلاف من الإرهابيين لـ”الجهاد” في سورية؟
ويسأل العجوز السوري الذي عجنته التجارب والسنين: هل لاحظتم أنه مع الأميركي والغربي يدخل دائماً “القاعدة” والإرهاب؟ مضيفاً: هل كان هناك أوكار ومخابئ للمسلحين والإرهابيين في العراق قبل الغزو الأميركي؟ وهل كان هناك إرهابيون و”قاعدة” ومشتقاتها في ليبيا قبل ثورة برنار هنري ليفي؟
هل لاحظتم كيف بدأ عشرات الآلاف من الإرهابيين يدخلون إلى سورية بعد زيارة المتطرف الأميركي السيناتور جون ماكين للحدود السورية – التركية، والحدود اللبنانية – السورية في منطقة عكار؟
الغرب والأميركي ومشيخات الخليج مهووسون بالديمقراطية في سورية، لكن على طريقة الصراع بين “داعش” و”النصرة”، وتطبيق قوانين “جيش الإسلام” وزهرته زهران علوش، وقائد “الجيش السوري الحر” عبد الإله البشير؛ رجل الموساد الصهيوني.
باختصار: الطائرات الأميركية أسقطت العراق.
الطائرات الأطلسية أسقطت معمر القذافي.
“الإسلام” الأميركي أخذ مصر من رجل واشنطن حسني مبارك، لكن إلى أين قادها؟
العراق وليبيا ذهبا إلى الفوضى.. في مصر، استدرك الشعب المصري إلى أي حال يقودها “الإخوان”، فانتفض قبل أن تخرب البصرة.. وما زالت المعاناة من آثارهم متواصلة.
ببساطة، هؤلاء الأعراب والأتراك والغرب والأميركيون ومعهم الصهاينة، الذين يدعمون بكل الأشكال والوسائل والأساليب ما يسمى “الثورة” السورية، ويتشدقون بحبهم لـ”الديمقراطية” المزيَّفة، هم لا يسعون إلى خير الشعب السوري والدولة السورية، هم يريدون إسقاط سورية الموقع والدور والمكانة، والتاريخ والجغرافيا.
هم يريدون تمزيق سورية إرباً إرباً..
لكن سورية تواجه، وتقاوم، وتتقدم بانتصاراتها النوعية من القلمون إلى حمص إلى حلب إلى ريف اللاذقية الشمالي.. وتسير العملية الديمقراطية وفق إرادة الشعب السوري الحرة، والتي ستكون في شهر حزيران أمام مهمة انتخاب رئيس للجمهورية العربية السورية، والذي سيكون بالتأكيد الرئيس بشار الأسد.
أحمد زين الدين – الثبات