إيران ليست قلقة من فرض عقوبات جديدة عليها
موقع قناة الميادين-
جمال واكيم:
ستبقى إيران ثابتة على مواقفها، وهي غير مستعدة لتقديم تنازلات عن حقوقها المشروعة. وما يزيدها ثباتاً على مواقفها هو أن الغرب يضعف شيئاً فشيئاً، ومن ضمنه الولايات المتحدة.
إيران ليست قلقة من عقوبات أميركية أو غربية جديدة عليها. هذا ما أكّده المسؤولون الإيرانيون الذين التقيناهم في إطار زيارة وفد إعلامي وأكاديمي لبناني إلى طهران، فالعالم تغير، ولم يعد الغرب مهيمناً عليه، ولدى إيران فرصة لتنويع علاقاتها والاستعاضة عن الغرب بالعلاقة مع القوى الأوراسية الصاعدة، مثل روسيا والصين والهند وباكستان، كما جاء على لسان مسؤولين في وزارة الخارجية الإيرانية.
إضافة إلى ذلك، فإن إيران لم تولِ قرار الاتحاد الأوروبي وضع حرس الثورة في لائحة الإرهاب كثيراً من الأهمية؛ فكما قال الناطق باسم لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني أبو الفضل عموي، فإنَّ هذا القرار ليس ملزماً للدول الأوروبية التي رفض كثير منها تبني القرار الأوروبي. إضافةً إلى ذلك، فإن رد إيران كان بوضع جيوش الدول التي قبلت بقرار الاتحاد الأوروبي في لائحة الإرهاب الإيرانية.
عناصر القوة الإيرانية
تعكس خطوات إيران ثقة بالنفس لدى القيادة الإيرانية، نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققته في العقود الأخيرة، سواء كان ذلك على مستوى التكنولوجيا المدنية أو التكنولوجيا العسكرية. وكما قال الناطق باسم القوات المسلحة الإيرانية اللواء أقاي شيكارجي، فإن العلماء الإيرانيين استطاعوا تطوير قدرات إيران النووية للاستخدام السلمي.
وفي الوقت نفسه، فإن القوات المسلحة الإيرانية استطاعت تطوير القدرات التسليحية للبلاد، سواء كان ذلك على صعيد الصواريخ القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى أو على مستوى تطوير المسيرات الإيرانية التي باتت تفوق في تطورها المسيرات التي طورتها الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يتجلّى في المسيّرات الأميركية المتطورة التي تمكنت إيران من السيطرة عليها، والتي تستعرضها في معرض الدفاع المقدس إلى جانب أحدث الصواريخ والمسيرات الإيرانية.
ويشير اللواء شيكارجي إلى أن الغرب فرض الحرب على إيران عندما شجَّع صدام حسين على شن حرب ضدها عام 1980، ويؤكد أن إيران، على الرغم من أن الحرب أدت إلى دمار كبير، استفادت منها لتطوير قدراتها الذاتية لتوفير حاجاتها للقوات المسلحة.
وقد استفادت من الحرب لتنشئة جيل من القادة العسكريين، مثل القائد قاسم سليماني. وقد بدأت الجمهورية الإسلامية بتصنيع الأسلحة بنفسها، وباتت اليوم قادرة على تصنيع مختلف أنواع الأسلحة لكل القطاعات في القوات المسلحة؛ ففي الدفاع الجوي، صنعت صواريخ مضادة للطائرات ورادارات ومقاتلات وقاذفات ومسيرات وطائرات، “واليوم، تستطيع أن تدافع عن أجوائها من دون مساعدة من أحد”.
ويضيف شيكارجي: “اليوم، لدينا صواريخ أرض جو، وأرض أرض، وأرض بحر. وقد طورنا عمليات تصنيع المسيرات. والآن، يعتمد الكثير من الدول علينا لتزويده بالمسيرات، ولدينا أجهزة بحرية متطورة وعملاقة، ويمكننا صناعة الأساطيل والمدمرات والغواصات والزوارق السريعة. وقد أصبح بإمكاننا الذهاب بأساطيلنا إلى أي مكان في العالم”.
ويشير إلى أن إيران بات بإمكانها تصنيع أقمار اصطناعية وحاملات أقمار اصطناعية ومنصات لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء، إضافة إلى الجرافات والدبابات وحاملات الجند والمجنزرات، مؤكداً ضرورة أن تقوم دول المنطقة بضمان الأمن الإقليمي من دون تدخل من الولايات المتحدة الأميركية.
وشدد الناطق باسم القوات المسلحة الإيرانية على قدرة إيران على الرد على أي عدوان أميركي أو صهيوني ضدها، لافتا إلى أن القواعد الأميركية كافة ستصبح في هذه الحالة عرضة للرد الإيراني، “وما حصل في قصف قاعدتي دير الزور وعين الأسد رداً على اغتيال الجنرال سليماني هو أبرز دليل على ذلك، والجيش الأميركي لن يتحمل الضربات الإيرانية”.
التقدم الإيراني مسخّر لخدمة المقاومة
ويؤكّد اللواء شيكارجي أنَّ التقدم التكنولوجي الإيراني مسخر لخدمة فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين ضد العدو الصهيوني، مؤكداً أن شعب لبنان وشعب إيران هما روح واحدة في جسدين، وأن من حق الشعبين اللبناني والفلسطيني النضال من أجل تحرير أراضيهم من الاحتلال الصهيوني.
من جهتها، أكدت أوساط الخارجية الإيرانية التزام الجمهورية الإسلامية بدعم محور المقاومة وفصائلها في لبنان وفلسطين، وأشارت إلى تأكيد المرشد السيد علي خامنئي هذا الأمر، وخصوصاً أن لبنان يحتل مكاناً مميزاً في محور المقاومة.
وأضافت أوساط وزارة الخارجية الإيرانية أن تعليمات السيد خامنئي كانت برفض المطالب الأميركية والغربية بربط التفاوض حول الملف النووي الإيراني بوضع قيود على تطوير الصواريخ أو المسيرات، أو بربط الملف النووي الإيراني بتخلي إيران عن دعم فصائل المقاومة ضد العدو الصهيوني.
ويؤكّد الدكتور عموي أنَّ إيران مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، مشيراً إلى أن الجمهورية الإسلامية كانت ثابتة على مواقفها في المفاوضات مع الغرب، وأنَّ الولايات المتحدة هي من انسحب من الاتفاق، نتيجة محاولتها ربط الملف النووي الإيراني بالتفاوض حول الصواريخ الإيرانية وحول دعم إيران لمحور المقاومة، وهو ما ترفضه إيران.
وأشار إلى أنَّ طهران مستعدة للعودة إلى الاتفاق بصيغته التي وقعت عام 2015، وأن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن اعتبر أنَّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أخطأ بالانسحاب من الاتفاق النووي.
ولكنّ الناطق باسم لجنة الأمن القومي الإيرانية اعتبر أن بايدن يتردد في العودة إلى الاتفاق النووي نتيجة هزيمة حزبه في انتخابات الكونغرس الأميركي أمام الحزب الجمهوري، ونتيجة الضغوط التي يمارسها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وخصوصاً بعد إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو رئيساً للوزراء في كيان العدو.
لكنَّ إيران لا تعير أي أهمية لهذه التحولات، فهي ثابتة على مواقفها وغير مستعدة لتقديم تنازلات عن حقوقها المشروعة. وما يزيدها ثباتاً على مواقفها، كما تقول أوساط الخارجية الإيرانية، هو أن الغرب يضعف شيئاً فشيئاً، ومن ضمنه الولايات المتحدة، وأنَّ هناك تغيرات في العالم لمصلحة صعود قوى أوراسية وغير أوروبية في العالم سيكون لها شأنها في النظام الدولي المتعدد الأقطاب الذي يتشكَّل، وهذا يأتي في ظل اكتساب فصائل المقاومة اللبنانية، متمثلة بحزب الله، والمقاومة الفلسطينية، مزيداً من القوة والقدرات العسكرية التي تجعلها قادرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة أي عدوان إسرائيلي أو أميركي.