إنهيار أحلام دول الشرق الأوروبي
صحيفة الوطن السورية-
هديل محي الدين علي:
يبدو أن الأحلام البولندية باسترجاع أمجاد الماضي في أوكرانيا تراود قيادتها، خاصة أن الأوكرانيين لا يحملون النيات الحسنة تجاه وارسو، وهو أمر جاء صراحة على لسان رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال، الذي غرد بأن «رغبة بولندا في إبقائها على حظر واردات الحبوب خطوة غير ودية تجاه أوكرانيا».
سجال وارسو وكييف تطور ليرد نائب وزير خارجية بولندا، بافيل يابلونسكي، على هواء الإذاعة البولندية بالقول: «نحن ندعم أوكرانيا إلى حد كبير جدا، لكننا دائماً ندعمها بالقدر الذي يعود بالفائدة على بولندا، بولندا لا تخجل من الحديث عن ذلك».
الباحث في الشؤون الروسية بمركز «الوشم الأوسط» للدراسات رازفوجيف أولكسندر، أكد حول ذلك أن «طموحات العودة للحلم التاريخي، بربط بحر البلطيق في الشمال مع البحر الأسود وميناء أوديسا على ضفافه جنوباً، هو المحرك الأساسي للدعم البولندي إلى أوكرانيا»، ويضيف: «بمعنى أدق، هذا ضم ناعم لأراضي الغرب الأوكراني».
وفي الحقيقة تمثل الحرب في أوكرانيا فرصة كبيرة لبولندا لاستعادة دورها كلاعب أساسي في شرق أوروبا، والذي خسرته منذ نحو 3 قرون عندما سيطرت في القرن 17 على معظم أوكرانيا الحالية.
فيما سبق أمر سياسي تاريخي إلا أن للأسباب الاقتصادية كلمتها، خاصة أن بولندا شأنها شأن الكثير من الدول الغربية التي تضررت اقتصادياً من الأزمة الأوكرانية، إضافة لكونها من الدول التي لها مصالح كبيرة مع روسيا، كما هي مصالحها مع الغرب الأوروبي.
كذلك الحال بالنسبة لفنلندا المعروفة بوضعها المحايد، مع فوائد سياسية واقتصادية ملموسة، إلا أنه في العام 2023، تغير كل شيء والآن تواجه مع زيادة الإنفاق الدفاعي مستقبلاً متقلقلاً، يشكل محط تساؤل للاقتصاد الوطني.
وبحسب رئيس الجمعية الروسية لدراسات البلطيق، نيكولاي ميجيفيتش، فقد أخبروا المجتمع الفنلندي أنه سيدفع ثمناً مقابل الانضمام للهيكل الأمني الجديد، بحسب ما نشرت صحيفة «إزفيستيا»، مضيفاً: إنه استناداً إلى المعلومات التي تأتي من فنلندا، يمكننا أن نستنتج أنهم تلقوا عملياًجميع النتائج السلبية المرتبطة بقطع العلاقات مع روسيا وأولها انهيار قطاع الطاقة والسياحة، ثم الصناعات الأخرى، أما بالنسبة للزراعة، فقد ركزت بشكل أساسي على روسيا، حيث كان المجتمع الفنلندي واثقاً من أنه من خلال الانضمام إلى حلف الناتو، يصفّ مع المنتصرين، لكن الحال الآن مربكة لهذه الدول، وهو أمر أكده الرئيس سول نينيستو حول النتائج السلبية المحددة لمحاولة «إلغاء» روسيا اقتصادياً، حيث دخلت فنلندا في حالة ركود حسب البيانات الكارثية في الربع الرابع من العام 2022، والتي نتجت أساساً عن انخفاض حاد في الصادرات.
كل دول شرق أوروبا تضررت نتيجة السياسات القائمة على مصالح الغير، البعيدة كل البعد عن مصالحها الوطنية من أوكرانيا إلى بولندا وليس انتهاء بفنلندا، ولكن السؤال هنا: هل بالإمكان إصلاح ما تم؟ وهل خطوط العودة مفتوحة؟ أم إن الأوان قد فات وأصبح من المستحيل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها؟