إلى متى تستمرّ أميركا في حروبها على شعوب العالم؟
جريدة البناء اللبنانية-
عمر عبد القادر غندور:
شنّت الولايات المتحدة منذ استقلالها عام ١٧٧٦ العديد من الحروب الظالمة في مختلق القارات لإخضاع دول العالم وشعوبها وفرض هيمنتها ومصادرة ثرواتها بقوة الأمر الواقع! ومن يرفض ذلك يجري إخضاعه بالحصار والحرب والتجويع، حتى سكان الولايات المتحدة الأصليين لم يكن مصيرهم أفضل من مصير الشعوب التي تجرّعت أقسى الاضطهاد والاحتلال والظلم…
وقد شاركت الولايات المتحدة في الحرب العالمية الاولى ١٩١٤ ـ ١٩١٨ والحرب الكورية ١٩٥٠ ـ ١٩٥٣ وحرب فييتنام ١٩٥٥ ـ ١٩٧٥، والحرب الهندوصينية، وحرب الخليج الثانية وعاصفة الصحراء ١٩٩٠ ـ ١٩٩١، وحرب الصومال ١٩٩٢، وغزو العراق ٢٠٠٣ ـ ٢٠١١ بذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل ولم يكن هذا الادّعاء صحيحاً، وحرب أفغانستان ٢٠٠١ ـ ٢٠٢١، وحرب كمبوديا، بالإضافة الى حروب كثيرة أخرى يضيق المجال عن تعدادها، ومن فظائعها إلقاء الولايات المتحدة قنبلتين نوييتين على هيروشيما وناكوزاكي في اليابان خلفتا نحو ٣٠٠ ألف قتيل، وتعمل حالياً على بناء حزام ناري حول الصين!
وفي زمن السلم تعتمد الولايات المتحدة على منطق تمويل المنظمات الدولية من خلال اتباع سياسات غير ديمقراطية وتتسم بالعنجهية والتسلط. ففي حزيران ٢٠٢١ أعلنت الإدارة الأميركية فرض عقوبات على قضاة وموظفي المحكمة الجنائية الدولية في إطار ابتزاز المحكمة ودفعها لصوغ استراتيجيات تنسجم والمواقف الأميركية. وفي تموز من العام نفسه انسحبت من منظمة الصحة العالمية، وفي الشهر نفسه أعلنت انسحابها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بذريعة انحيازه ضدّ “إسرائيل”، وفي تشرين الثاني من ٢٠٢١ انسحبت من اتفاقية المناخ بحجة انّ الاتفاقية تفرض أعباء اقتصادية على الولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي تكرّر فيه الولايات المتحدة على رغبتها بعدم التدخل المباشر لمساعدة أوكرانيا لكنها تزوّد حليفها الأوكراني بأحدث الأسلحة حتى بلغت قيمة توريداتها حوالى مئة مليار دولار، وتحث الدول الأوروبية لا بل تأمرها بمضاعفة مساعداتها، وتحدث مسؤولون أميركيون عن تأسيس شعبة خفية من رجال الكوماندوس وجواسيس من الولايات المتحدة ودول أوروبية يعملون على تنسيق عمل الجواسيس داخل أوكرانيا وانّ الأميركيين يشرفون مباشرة على معسكرات التدريب من كندا وفرنسا والمانيا وبريطانيا.
حتى انّ صحيفة “نيويورك تايمز” تقول انّ انتشار القوات الأميركية في العالم تترتب عليه تكاليف باهظة جراء استمرار الحروب الأميركية دون انقطاع. وتساءلت الصحيفة عن قدرة احتمال الأميركيين لهذا الوضع.
والى متى تستطيع الولايات المتحدة ان تبقى القوة الأحادية التي تملي إرادتها وتفرض شروطها وبلطجتها على الآخرين؟
القرآن الكريم يتحدث في أكثر من سورة عن أقوام عرفتهم البشرية منذ فجر التاريخ وكانوا شعوباً وممالك أشدّ وأغنى وأكثر عتواً ومالاً وتجبّراً على الناس، فأهلكهم الله وأزال أثرهم ولم يبق منهم الا قصصاً يتداولها الناس جيلاً بعد جيل، بعدما كانت أخبارهم تغطي مشارق الأرض ومغاربها مثل قوم نوح وقوم هود وقوم ثمود وقوم عاد وقوم فرعون وقوم لوط وقوم شعيب وغيرهم كثير قال فيهم القرآن الكريم في سورة الانعام “أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ”
ألم يعلم جبابرة كلّ عصر انّ قوّتهم وجبروتهم وعتوّهم وظلمهم للعباد والشعوب هو أهون على الله من أن يهلكهم ويأتي بخلق جديد هم أشدّ منهم وأكثر نفيراً وقوة، والله سبحانه وتعالى غالب على أمره وهو على كلّ شي قدير “حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ”