إلى ابنتي
موقع إنباء الإخباري ـ
رنا الساحلي:
في مثل هذا اليوم منذ سنوات ٨ أصبحت احتفل بعيد الام
أصبحت اماً منذ أقبلت أنيسة روحي على هذه الدنيا
أصبحت اماً بالأحرى عندما أحضرت فحص الحمل ووجدته تحول الى الاحمر .بخطين متوازيين.. فعلمت ان كل الحب سيأتي بمخلوق صغير لطالما حلمت به ولعبت به منذ الصغر
اولست انت لعبتي الجميلة؟
اولست انت ذلك المخلوق الذي سألهو به في كل الأوقات وانشغل به ساعات طويلة
انتظرتك أشهرا تسعة كسائر الأمهات تكبرين تتغذين من جسدي ودمي وروحي
كنت كلما انظر الى المرآة واشاهد بطني ينتفخ ازداد عشقاً وشغفا بالمخلوق الذي ينمو في أحشائي
أراقب كل التغييرات … لم يعد يهمني سوى صحة هذا الطفل ونموه واطرافه… بت اطرح أسئلة عليه.. أحاوره احدثه وكإنه مراة ذاتي
بت أفكر به في كل لحظة … رغم الدوار الذي أخذ من جسدي الكثير … احاول ان اكل لكن الطعام يرفض ان يبقى …. بت اكره كل شيئ من الأطعمة ولكن أغمض عيناي واجبر نفسي لأجلك …
وكبرتي في أحشائي … كروح تجسد العشق من حولي .. وعلمت ان الجنين انت بكسر التاء وعلمت انها انت.تلك الروح المعجونة بالحب ..
اختلفت الأسماء ولكن عرفت انك كل العشق .. وثمرة الحب التي أصبحت بهيئة طفل
اذكر يا بنيتي يوم ولادتك جيدا … كان اكثر من رائع الا عندما مرضتي ووضعوك في العناية الفائقة لمشكلة في التنفس
وعندما عدت الى البيت .. دونك … شعرت ان كل شيئ سلب مني… شعرت انني خسرت كل شيئ بلحظة
كيف أعود بلا جنين في أحشائي …!!!
كيف أعود بلا طفل بين يداي وفي حضني
لم أنم طول الليل…. بكيت كثيرا … تضرعت الا يصيب ام بولدها …
وشعرت ان الان حياة اخرى
لم تكن لعبة …. لم تكن دمية مسلية
بدأت افهم الم الأمهات …
تشعر وكأن قلبك سينزع من القفص
سيعتصر الماً وحزناً ….
تشعر وكأن سكينا دخلت الى قلبك ولا زالت تغرز
وعندما عدتي بعد ايام أربعة بدأت رحلة من نوع اخر
بدأ السهر …
بدأت اكتشف ان الحياة اختلفت
بت انا … لست انا
وبت انت .. بين يداي
بت أشاهد ان كل شيئ تغير كل شيئ تبدل وكل رحلتي في هذه الحياة توقفت عند صراخك … لتعبري لي عن جوعك .. لتخبرينني انك تتالمين من مغص او الم …
او حتى بكاء لأجل ان أحملك بحضني وتنظرين بعينيك الجميلتين الي وتصمتين….
بوجودك يا طفلتي عرفت معنى كلمة ام…
علمت ان خوف امهاتنا لم يكن عن عبث
علمت مدى عذابها والمها وكم تحملت لننام بأمان …
شعرت الان كيف كانت تتعذب
وكيف يغرس السكين في قلبها مئات المرات دون ان ندري
دون ان نشعر … لكنها كانت تتحمل تبتسم لنا تغمرنا في صدرها…. ونحن نظن ان كل شيئ لعبة … كل شيئ سهل في هذه الحياة بسبب طيشنا …
بعدك ولادتك يا ابنتي بت المس التجارب بيدي وعقلي وروحي وقلبي
كل شيئ أصبح محسوساً ملموساً… أصبحت فيها قيد التجارب
فعندما تمرضين كنت اشعر ان كل الدنيا فوق راسي وأتمنى الف مرة ان ابتلى بمرضك ان اسخن الف مرة ولا يصيبك اي مكروه ولا حتى لمسة من أشواك الورد
وعندما تنزل دمعة من عيونك كم اعشق ان اتلقفها لاحولها الى لوحة فنية … او درة من خبايا الارض
بت أدرك كل خوف الأمهات …
أراقب كل تغييراتك الجسدية والعقلية … انبهر بكل حركة تقومين بها…
كل سؤال تطرحينه… اتصل بأمي وأخبرها عن هذا المخلوق الذي يكبر يوما بعد يوم
احتار حيناً ببعض الأجوبة كيف أجيب كيف أخبرك ان الحياة لا زالت أمامك لتختبريها…
بت أدرك الان يا بنيتي خوف أمهاتنا وحرصهم ..
بت أدرك كل العذابات التي تتحملها الام وكل سهر الليالي والخوف علينا
حتى لو كبرنا … السنا قطعة من قلبها!؟!
اولسنا انعكاسا لارواحهم
يا بنيتي بسببك … بت أدرك انني أخاف اكثر وأكثر على أمي
اشعر بقيمتها … اشعر بحزنها … وأتمنى كل يوم لو يعيدني للوراء لابقى أمامها وبين ذراعيها
يا بنيتي …
بت أدرك انني في كبري أصبحت احتاج اليها اكثر
ففي صلاتها تذكرني وفي سجودها وركوعها… قبل ان تنام وفي أحلامها….
هي أمي هي كل الوجود….هي كل أحلامي المضيئة
يا بنيتي…. بت أدرك ان الحياة دون أمهات كارض بلا شمس
كحديقة بلا أشجار وورورد
يا بنيتي… بت أدرك انني احتاج أمي….ببساطتها بذكائها بحنانها …. بت احتاج وجودها في عمري اكثر….لانها ببساطة جنتي على الارض