إقرار الموازنة الأكبر في تاريخ العراق: نجاح جديد للتجربة السياسية الحالية
موقع الخنادق:
بعد جلسة برلمانية استمرت حتى الـ 4 والنصف من فجر يوم الإثنين، وما مجموعه 4 جلسات برلمانية متتالية للتصويت على المواد بشكل متفرق، أنهى مجلس النواب العراقي التصويت على جميع مواد الموازنة المالية للبلاد خلال 3 سنوات: 2023 و2024 و2025. كما تم التصويت على مادة جديدة، تنص على عدم التعامل بأي نص أو قانون أو قرار يتعارض مع قانون الموازنة.
وقد شاب جلسات البرلمان الكثير من المشادات والاختلافات حول العديد من المواد، وتركّزت حول الفقرات المتعلقة بإقليم كردستان وايراداته النفطية. وصوت نواب المجلس على مختلف أقسام الموازنة، بما فيها موازنة مجلس النواب وموازنة السلطة القضائية. بينما كان لافتاً تصويتهم على مادة جديدة تنص على تخصيص 150 مليار دينار لتنفيذ المشاريع العراقية – الصينية، التي يأتي في مقدمتها مشاريع تنموية وبنى تحتية.
وهذا هو حال كل الموازنة أيضاً، بحيث تشمل إنفاقاً قياسياً على الأجور الحكومية (لحظت زيادة عدد الموظفين في القطاع العام بحوالي 600 ألف شخص لاستيعاب شرائح كبيرة من المجتمع العراقي، عبر استحداث درجات وظيفية لتعيين الخريجين في المحافظات وتضمين التخصيصات المالية الكافية لهم)، وتنفيذ مشروعات تنموية تهدف لتحسين الخدمات، وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الإهمال والحروب. بحيث جرى إقرار دعم الفلاحين المستخدمين لمنظومات الري الحديثة، وتنفيذ المشاريع الخدمية والاستراتيجية، وتأسيس صندوق لاعمار المحافظات الاكثر فقرا، ومنح التخصيصات الكافية لتوفير مستلزمات وزارة الكهرباء والبطاقة التموينية، وتأمين المبالغ اللازمة لاستمرار عمل الشركات في القطاع النفطي، ودعم نشر البحوث العلمية ضمن المستويات العالمية.
كما جرى حسم العديد من القضايا الإشكالية التاريخية، مثل ملف المحاضرين والاداريين وتثبيت العقود وبقية الفئات، وفرق الحشد الشعبي، وضمان الحقوق التقاعدية للمتعاقدين المتوفين ممن لم يتم تثبيتهم بسبب بلوغهم السن القانونية.
أما أبرز الملفات الإشكالية والحساسة التي حُسمت في هذه الموازنة، فهي باتخاذ خطوات لمعالجة الخلافات طويلة الأمد بين حكومات بغداد وحكومة إقليم كردستان، وفقاً لما جرى الاتفاق عليه في نيسان / أبريل الماضي، من قرار بإيداع عائدات النفط في حساب يشرف عليه البنك المركزي العراقي، بينما سيكون لشركة تسويق النفط العراقي الحكومية (سومو) سلطة تسويق وتصدير النفط الخام الذي تنتجه حقول في الإقليم.
الموازنة بالأرقام
_197 تريليون و828 مليار دينار عراقي، ما يساوي تقريباً 152.2 مليار دولار أمريكي.
_ بلغ العجز فيها 63 تريليون دينار أي 48.3 مليار دولار تقريباً.
_ تستند على سعر 70 دولاراً لبرميل النفط، وتوقعات بتصدير 3.5 مليون برميل نفط يومياً، 400 ألف برميل منها يتم تصديره من إقليم كردستان.
_ أما سعر صرف الإيرادات النفطية فهو عند 1300 دينار عراقي مقابل الدولار الأمريكي.
رغم أصوات النشاز: إقرار الموازنة دليل آخر على النجاح
بالرغم من كل التعقيدات التي شابت مسار إقرار الموازنة، ولقاءات الحوار بين مختلف القوى السياسية، خاصة ضمن إئتلاف إدارة الدولة، فإن الوصول الى مرحلة الاتفاق هو دليلٌ جديدٌ على نجاح التجربة السياسية الحالية في العراق. كما يؤكد على نجاح حكومة الرئيس محمد شياع السوداني في القدرة على إدارة الاختلافات بديمقراطية. أمّا من يعتبر هذا الأمر هو دليل ضعف وتفكك، فإن تقييمه هذا غير واقعي إطلاقاً، ويعارض أصل ما يأمله كل عراقي من حياة ديمقراطية تعوّض القليل من حكم صدام حسين الديكتاتوري.
كما أن إقرار هذه الموازنة الأكبر في تاريخ العراق، تؤكد بأن البلد سيشهد خلال الأعوام المقبلة نهضة اقتصادية وتنموية مهمة، سيكون متصدراً فيها مشروع طريق التنمية الذي سيكون مكمّلاً لمشروع حزام وطريق الصيني الاستراتيجي. إلّا إذا ما حاولت أمريكا العبث بالأوضاع هناك، ومنع حصول هذه النهضة.