إفراز تعزيز التعاون العسكري بين روسيا والهند
صحيفة الوفاق الإيرانية:
أشار اميرحسين عسكري في تصريح له مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الأجنبية إلى لقاء وزيري خارجية روسيا والهند وقرار البلدين في الإنتاج المشترك للتسليحات المتطوّرة ، قائلاً: مع اندلاع حرب أوكرانيا في ٢٤ فبراير ٢٠٢٢، واجهت روسيا ضغوطاً متزايدة من قبل الأسرة الدولية وتمّ القيام بإجراءات كثيرة للحدّ من قدرات وطاقات موسكو عبر عزلة هذه الدولة. على الرغم من أنّه فرضت عقوبات متعدّدة علي موسكو وأصبحت روسيا في موقف العزلة إلي حدّ ما، إلّا أنّ هذه القيود المطبّقة لم تستطع أن تستقطب الإجماع الدولي وفي حالات عدّة لم تبد الدول المختلفة مسايرة تامّة مع نظام العقوبات على روسيا.
وذكّر بأنّ عدّة دول إفريقية في منظّمة الأمم المتّحدة لم تقدّم الدعم للقرار المناهض لروسيا أو صوّتت سلباً عليها ، مردفاً بالقول: في آسيا لم تظهر دول مثل إيران والهند مواكبة تامّة مع نظام العقوبات.علما إنّ وضع الهند فريد من نوعه في هذا الشأن؛ حيث من جهة تحظى هذه الدولة بعلاقات نوعية مع الغرب والولايات المتحدة ومن جهة أخرى هي في تنافس مع جارتيها الصين والباكستان.
وقال هذا الخبير في الشؤون الدوليّة إنّ عدم مواكبة الهند بشكل تامّ مع نظام العقوبات ضد روسيا يحوز على أهمية للهند من عدّة جوانب خاصّة في المجال الصناعي والتسليحات العسكرية وإضافة إلى هذا يحمل الوضع تداعيات مجملة للنظام العالمي.
وفي إشارته إلي إقرار الإعلام الهندي القاضي بأن العلاقات التجارية بين روسيا والهند اكتسبت زخماً أكبر مع ارتفاع تداولات النفط والسماد بين البلدين بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتعتبر روسيا حالياً الشريكة التجارية الخامسة الكبيرة ، استدرك بالقول: إنّ الهنود يحملون دوافع مختلفة من أجل عدم ملازمة تامّة مع نظام العقوبات. الدافع الأهمّ والمحفّز لديهم لاستمرارية تعاونهم مع روسيا هو قضية جمهورية الصين الشعبية الجارّة الشمالية لهم.
وأوضح: تعتبر الصين تحدّياً استراتيجياً من رؤية السلطات الهندية وهم بحاجة إلى نسج العلاقات مع روسيا بغية إدارة الامور مع جارّتهم الشمالية. على سبيل المثال ووفقاً للبيان الصادر من وزارة الخارجية الهندية ، تقيّم سلطات هذه الدولة خطط بكين الطموحة بانها أرضيّة مهدّدة لأنفسهم (للهند) وأعلنوا بأنّ تصميم خطّة الحزام والطريق هو من أجل سيطرة الصين على المحيطين الهندي والهادئ.
ونوّه هذا المحلّل في الشؤون الدوليّة إلى أنّه على الرغم من انتهاج الهند على الأقلّ نهجاً معادياً لموسكو في البيان والنبرة في بداية اجتياح روسيا لأوكرانيا ، إلّا أنّها غيّرت نهجها إلى حدّ بعيد وابتعدت عن موقفها الأولي المناهض لروسيا. وقال رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي في جلسة منظّمة شانغهاي موجّهاً خطابه إلى فلاديمير بوتين “إنّ زمن الحرب قد ولّى وتحدّثت معك في هذا الشأن”. هذا و أظهر صوت الهند الممتنع للقرار المناهض لروسيا في الأمم المتحدة تراجع دهلي عن مواقفها الأولية إزاء روسيا.
وقال عسكري إن روسيا تعتبر مصدراً لتوفير الطاقة للصين وتحتلّ الهند أهمية عند روسيا بصفتها سوقاً تسليحياً ، مستدركاً بالقول: إلى جانب هذه القضية ،سبّبت حرب أوكرانيا انفتاح روسيا على الصين بتحمّل موسكو الضغوط من الغرب وهذا من شأنه أن يكون تهديداً متزايداً من الاتحاد المتوقّع بين بكين وموسكو، ومن هذا المنطلق إنّ الهند إلي جانب عدم الانضمام إلي العقوبات الدولية وتبنّي سياستها المستقلّة تحاول قدر المستطاع الحؤول دون اتحاد بكين-موسكو عبر ديمومة تعاونها مع روسيا.
وفي معرض استعراضه أوجه التعاون العسكري الروسي – الهندي قال: إنّ روسيا تتمتّع بطاقات مختلفة للتعاون مع الهند . وفي فترة الاتحاد السوفيتي شكّلت ثلاث دعامات رئيسة علاقات دهلي – موسكو: بيع تسليحات الاتحاد السوفيتي للهند والمساعدات الضخمة من الاتحاد السوفيتي وأخيراً المواكبة الجيوسياسية بين الاتحاد السوفيتي و الهند تجاه الولايات المتحدة – الباكستان – الصين . وفي هذه الأثناء عدّ كارنكي ، في تحليل له نشر في سبتمبر ٢٠٢٢، الدعامة الوحيدة المتبقّية هي تسويق تسليحات روسيا العسكرية إلى الهند.
وشدّد عسكري على أنّه في الوقت الراهن تمثّل الهند أكبر وجهة تصديرية لتسليحات روسيا في العالم. بعبارة أخرى ستكون الهند معتمدة على روسيا بغية توفير قطع الغيار والتصليح وتخزين الأسلحة لعدّة عقود مستقبلية . هذا يبرّر مواصلة وتعزيز التعاون التسليحي بين روسيا والهند مع وجود حرب أوكرانيا .
وقال مدير المركز البحثي– الخبري لدراسات أوروبا ، انه وفقاً للدراسة والتقييم الذي أنجزته مؤسسة سلام ستوكهلم من العام ٢٠١٧ إلى ٢٠٢٢ تعد الهند ،باستحواذها على ٧/٢٩ بالمئة من تسليحات روسيا ، أكبر دولة مستوردة للتسليحات الروسية. هذا الموضوع تسبّب في أن يعتبر التعويل العسكري لدهلي على موسكو كأحد عوامل الإعلان عن حياد الهند في حرب أوكرانيا ، من وجهة نظر الخبراء .
وألمح إلى تداعيات استمرارية التعاون العسكري بين دهلي وموسكو، منوّهاً: ديمومة التعاون العسكري بين دهلي وموسكو يمكن أن تكون محطّ الانتباه من عدّة جوانب رغم ضغوطات الغرب المتزايدة . إذا كانت وتيرة استيراد التسليحات من روسيا إلى دهلي كما هي عليه الآن أوتنخفض قليلاً فلن يطرأ أثر ملحوظ في السوق التسليحي لروسيا. هذا يجري في حين من أهمّ أهداف عقوبات الغرب على روسيا هو تقييد الأسواق العالمية بما فيها حقل التسليحات.
ووصف عسكري استمرار التعاون العسكري بين دهلي وموسكو بأنّه مؤثر في تنافس القوى العظمى في منطقة آسيا الجنوبية وبحر الصين الجنوبي ، قائلاً: رغم أنّ بحر الصين الجنوبي ليس في نطاق التعاون العسكري بين روسيا والهند إلّا أنّ تعزيز التواجد الروسي في آسيا الجنوبية مع قرب موسكو من بكين من شأنه أن يجعل المنطقتين كليهما مثار تحدّي للولايات المتحدة وحلفائها. إلى جانب هذه القضية يمكن ان يعترف بروسيا رسميا بوصفها قوّة موازنة جديدة في آسيا الجنوبية وبين باكستان والهند والصين.