إسرائيل: حزب الله يريد توازن رعب جديداً
صحيفة الأخبار اللبنانية –
محمد بدير:
أجمعت التعليقات الإسرائيلية على تحميل حزب الله مسؤولية العبوة التي استهدفت دورية عسكرية تابعة لجيش الاحتلال في مزارع شبعا مساء الجمعة الماضي، لكنها تنوّعت في قراءة أبعادها وتداعياتها المحتملة. وإذ التقى محلّلو الصحف الإسرائيلية على أن العملية تأتي في إطار ردّ الحزب على الغارة التي استهدفت «قافلة أسلحة» عند الحدود اللبنانية السورية في 25 شباط الماضي، اختلفوا في تقدير ما إذا كان ردّ الحزب سينتهي هنا أو سيتواصل حتى «قتل جندي إسرائيلي أو أكثر».
ورأى أمير بوخبوط، محلل الشؤون العسكرية في موقع «والاه» الإخباري، أن «لا شيء يحصل على الحدود بين إسرائيل ولبنان من دون مصادقة حزب الله، وهذا الذي دفع الجيش الإسرائيلي إلى اتخاذ قرار بالرد على موقع تابع للحزب في المحيط». ولفت إلى أنه «قبل تسعة أيام أحبط الجيش الإسرائيلي محاولة لزرع عبوة على السياج الحدودي في الجولان، وفي حينه وجّه الجيش أصابع الاتهام نحو حزب الله». وردّاً على التساؤل «الذي يحوم فوق الحادثتين» حول «ما يدفع الحزب إلى تسخين الحدود مع إسرائيل رغم أنه غارق حتى عنقه في الحرب داخل سوريا من جهة، ويواجه مشاكل سياسية وأمنية صعبة داخل لبنان من جهة أخرى»، رأى بوخبوط أن حزب الله يحاول أن يوجد توازن رعب جديداً يردع إسرائيل عن العمل ضده. وختم بأن «عملية هار دوف (شبعا) تشير إلى الخوف الكبير لدى الحزب من عملية إسرائيلية، لكنها من جهة أخرى تشير إلى الرغبة الكبيرة في جباية ثمن من إسرائيل. حزب الله سيواصل جهود تسلحه بأسلحة كاسرة للتوازن، وسيكون مطلوباً من إسرائيل إيجاد السبل المتنوعة لإحباط هذه النيات. إنّ رداً شديداً واحداً من قبل أحد الطرفين قد يدهور الأوضاع في المنطقة كلها».
من جهته، رأى أليكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن عبوة شبعا تحمل بصمات حزب الله، مشيراً إلى أن «حجم العبوة ونوعيتها والمكان الذي وضعت فيه والمنطقة التي هي جزء من منظومة الدفاع المكثف لديه، كل شيء يصرخ حزب الله». ولفت إلى أنه «منذ الهجوم الذي نسب إلى إسرائيل ضد قافلة سلاح تابعة لحزب الله على الحدود السورية اللبنانية، ساد التقدير في إسرائيل أن حزب الله سيبحث عن طريق للإعراب عن عدم رضاه»، و«بالفعل حصل إطلاق صواريخ الأسبوع الماضي في منطقة جبل حرمون، كما أن خلية تابعة للحزب دمرت في الجولان أثناء محاولتها زرع عبوة ناسفة». وبحسب فيشمان، كان واضحاً أن هذه الإخفاقات لن تكبح رغبة حزب الله في «التحاور» مع إسرائيل بالنار. «ويمكن الافتراض أن فشل العمليات ضد إسرائيل على الحدود السورية أرجع حزب الله إلى العمل من لبنان».
وإذ توقف الكاتب عند واقعة عدم تسبّب العبوة بإصابات قاتلة في صفوف الدورية الإسرائيلية، رجح أن يكون السبب وراء ذلك هو أنها «عبوة تحذيرية»، إذ «يمكن أن يكون اختيار عبوة بهذا الحجم عائداً إلى عدم رغبة الحزب في توريط لبنان بهجوم كبير للجيش الإسرائيلي، ومن جهة ثانية التوضيح لإسرائيل: لقد بالغتم. ما دمتم تهاجمون قوافل سلاح لنا داخل سوريا، فإن هذا شأنكم والسوريين. أما في لبنان، فحسابكم معنا». ورأى فيشمان أنه نتيجة عدم تبنّي الحزب تفجير العبوة رسمياً وعدم سقوط إصابات لدى الجانبين، «فإن هناك احتمالاً بأن تكون سلسلة تبادل الصفعات الاستثنائية بين إسرائيل وحزب الله قد انتهت، على الأقل في الحدود اللبنانية. الجانبان ذكّر أحدهما الآخر بمدى حساسية هذه الحدود وقابليتها للانفجار، وحقيقة أن مصلحة كليهما، على الأقل في الوقت الراهن، هي بقاء هذه الحدود هادئة ومزدهرة».
وفي موقع «واي نت»، رأى محلل الشؤون الاستراتيجية، رون بن يشاي، أنه «من شبه الواضح أن حزب الله يحاول في الأيام الأخيرة أن ينفذ التزامه بالانتقام» للغارة على جنتا، وأنه يحاول أن يرد بعمليات لها طابع واضح: «أولاً، محاولة استهداف جنود إسرائيليين وليس مدنيين، وثانياً، التسبب بإصابات لا تؤدي إلى ردّ إسرائيلي شديد على وجه خاص قد يحتّم على حزب الله إشعال المنطقة». ووفقاً لبن يشاي، ثمة «طابع إضافي لاستراتيجية حزب الله هو المحاولات المتكررة لتنفيذ عمليات حتى تتحقق النتيجة المطلوبة. في البداية حاول إطلاق صواريخ باتجاه موقع في حرمون، وبعدها تم رصد أفراد منه يحاولون زرع عبوة في الجانب السوري من السياج الحدودي في الجولان. وأمس كانت عبوة هار دوف». ورجّح أن يواصل الحزب محاولاته حتى يتحقق الهدف، وهو «قتل جندي إسرائيلي أو أكثر. ومثل بقية المعلقين الإسرائيليين، أشار بن يشاي إلى كون حزب الله، وبسبب انشغاله في سوريا، يحذر من التورط في مواجهة مع إسرائيل، لكنه دعا إسرائيل إلى ضرورة «الحذر وأن نرد بشكل رادع. ولكن يجب أيضاً أن نعلم أن المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل تكمن في عدم التورط الآن في صدام الجميع ضد الجميع في سوريا ولبنان والعراق».