إسرائيل تنتظر العملية المقبلة… في الجولان أو مزارع شبعا
شنّت إسرائيل غارات جوية على أربعة أهداف تابعة للجيش السوري في الجولان، رداً على عبوة الشريط الشائك أول من أمس. فيما عزّزت مواقعها العسكرية، وأعلنت حال تأهب قصوى وتعزيز للقوات، في انتظار العملية المقبلة، من لبنان أو من سوريا. في وقت أعلن الجيش السوري مقتل شخص وإصابة سبعة في الغارة.
صحيفة الأخبار اللبنانية –
يحيى دبوق:
المعركة لم تعد مجرد رد وردّ على الرد، بل كباشاً بالدم، في محاولة لفرض معادلات وقواعد لعبة جديدة. لم تكتف إسرائيل بالرد المحدود في أعقاب عبوة الجولان الثلاثاء الماضي. وبعد تقديرات للوضع أجراها جيش العدو، تقرر رفع درجة الرد، وإطلاق مواقف تصعيدية وتهديدات، تصدى لها هذه المرة كبار المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير حربه موشيه يعلون.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أعلن في بيان نشر على موقعه على الإنترنت، أنّ سلاح الجو هاجم أهدافاً تابعة للجيش السوري في منطقة القنيطرة، و«عناصر أمنيين سوريين سمحوا وساعدوا» الخلية التي زرعت العبوة على الحدود أول من أمس وأدت الى جرح أربعة من جنود العدو. وقال إن الأهداف كانت مراكز قيادة وسيطرة وبطاريات مدفعية ومعسكر تدريب، تابعة للجيش السوري، وإن «الجيش يحتفظ لنفسه بحق العمل بأي طريقة يراها مناسبة للدفاع عن أمن إسرائيل».
وأشارت مصادر عسكرية إلى أن ضباط الارتباط والعلاقات الخارجية في الجيش الإسرائيلي أكدوا للجانب السوري، في أعقاب الغارات، وعبر قناة الاتصال المرتبطة بقوات الأمم المتحدة (اندوف)، أن الجيش الإسرائيلي لن يسكت عن أي اعتداءات جديدة في الجولان، وهو يحمّل الجانب السوري مسؤولية ما يحدث على أراضيه، تماماً كما يُحمّل الحكومة اللبنانية المسؤولية الكاملة عمّا يحدث في أراضيها وانطلاقاً منها.
وعقب نتنياهو على الرد الليلي والغارات على الجيش السوري، فأشار في مستهل جلسة مجلس الوزراء، أمس، إلى أن «الأهداف التي قصفها سلاح الجو في جنوب سوريا تابعة لجهات سورية لم تتغاض عن المسلحين، بل تعاونت معهم، ومكّنتهم من الاعتداء على قوات الجيش»، مضيفاً أن «سياسة إسرائيل واضحة، وهي تتمثل في الرد بقوة على كل من يعمل على الإضرار بها، وهي مضطرة إلى تنفيذ عمليات هجومية كهذه للحفاظ على الهدوء». وأشار إلى أنّ «إسرائيل تعمل أيضاً على إحباط تهريب وسائل قتالية، براً وجواً وبحراً»، موضحاً أن هذه السياسة أدت إلى انخفاض «الأعمال الإرهابية» ضد إسرائيل في السنوات الخمس الماضية، ولا سيما في السنة الأخيرة.
بدوره، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي دمشق، مؤكداً أن إسرائيل لن تحتمل أي «انتهاك» لسيادتها وأي إضرار بجنودها ومواطنيها، و«سنرد بتصميم وشدة على كل من يعمل ضدنا». وأضاف: «نرى أنّ نظام الأسد هو المسؤول عما يجري على أراضيه، وإذا واصل التعاون مع محافل الإرهاب الساعية إلى الإضرار بنا، فسنواصل جباية ثمن باهظ منه، وبشكل يدفعه إلى الندم على أفعاله».
وضمن وتيرة التهديد والوعد بالهجمات والاعتداءات، أكد رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس، خلال جولة على الوحدات المنتشرة في الجولان أمس: « آمل أن يكف السوريون عن السخافات؛ لأننا جاهزون ونتابع ما يجري عن كثب».
وعلى رغم تهديدات المسؤولين الإسرائيليين، الدالة أيضاً على أن التقدير السائد في تل أبيب لا يرى أن عملية الجولان ستكون الأخيرة، أبدت مصادر عسكرية رفيعة خشيتها من المرحلة المقبلة، سواء على الحدود مع سوريا أو مع لبنان، مشيرة في حديث لموقع «واللا» الإخباري إلى أن قواعد اللعبة تغيرت في الشمال، و«الاختبار الحقيقي يرتبط بعملية بالإحباط المقبل لتهريب السلاح على الحدود السورية اللبنانية».
وبحسب الموقع، فإن المؤسسة الأمنية تستعد لمواجهة احتمال تصعيد في جبهة الجولان، وأيضاً في مزارع شبعا على الحدود مع لبنان. ونقل عن مصدر عسكري إسرائيلي أن «هناك من يريد أن يختبر يقظتنا، ويلعب بالنار». وأشار إلى أن قائد المنطقة الشمالية في الجيش، اللواء يائير غولان، أمر بعد جلسة لتقدير الوضع برفع حالة التأهب والاستنفار لمواجهة عمليات واعتداءات جديدة، «وأمر بتكثيف الجهود الاستخبارية على طول جبهة مزارع شبعا، جراء التقدير بإمكان زرع عبوات ناسفة من الجانب اللبناني».
وأشار الموقع إلى أن إسرائيل مستنفرة ومتأهّبة عسكرياً على الحدود، «لكن الاختبار الحقيقي الذي ستواجهه، هو عندما يتقرر إحباط عملية تهريب وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان، وتحديداً على الحدود السورية اللبنانية؛ إذ من غير الواضح كيف سيردّ حزب الله وسوريا».
وكانت عملية الجولان قد احتلت امس الصدارة في وسائل الإعلام العبرية التي انشغلت في تحليل أبعادها وتداعياتها مع إثارة الكثير من الأسئلة. وتحت عنوان «فخ في الجولان، كما كان يحصل في لبنان»، أشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أنّ السوريين وحزب الله يجرّون إسرائيل نحو حرب استنزاف على طول الحدود الشمالية، وبالتوقيت وبالوتيرة التي يرونها مناسبة لهم، محذرة من أن «المؤسسة الأمنية في إسرائيل، انجرت بالفعل وراء هذه الفوضى، وبصورة حقيقية وملموسة». وأضافت أن «الردود الصادرة عن الجيش في أعقاب الهجمات، لا تجد تأثيراً فاعلاً لدى (الرئيس السوري بشار) الأسد ولدى (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، وأيضاً لدى إيران».
بدورها، رأت صحيفة «هآرتس» أن وتيرة العمليات على الحدود مع سوريا أو مع لبنان، تذكر بفترة وجود الجيش الإسرائيلي في الحزام الأمني في الجنوب اللبناني؛ إذ إن «الرد والقصف الذي طاول الأراضي السورية، شبيه بما كان يحصل في لبنان، عندما كان يعمد الجيش إلى القصف كي يضع حداً لحرب الاستنزاف التي تسحبه الجبهة الشمالية إليها». وعلى صدر صفحتها الأولى، لخّصت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو، موقف تل أبيب من خلال عنوان مقالها الرئيسي: «البصمات قد تعود إلى حزب الله، والمسؤولية ملقاة على عاتق الأسد»، مشيرة إلى أنّه «في غياب الدليل القاطع، وجهت إسرائيل ردها إلى عنوان ثابت، هو النظام في سوريا».
وفي السياق، قالت القوات المسلحة السورية، في بيان، إنّ غارات جوية إسرائيلية ضربت مواقع عسكرية سورية بالقرب من مرتفعات الجولان المحتلة، ما أدى إلى مقتل شخص وجرح سبعة آخرين، محذرة من أنّ هذه الهجمات تشكّل خطراً على استقرار المنطقة «وتجعلها مفتوحة على كل الاحتمالات».
كذلك، وجّهت وزارة الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، تدين فيها «انتهاكاً سافراً جديداً لاتفاق فصل القوات لعام 1974 ولميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي» بقيام قوات الاحتلال الإسرائيلي «تحت حجج واهية وكاذبة بعدوان جديد» على مواقع داخل الأراضي السورية.
وأضافت أنّ الحكومة السورية «وإذ تضع هذه الخروقات برسم الأمين العام ومجلس الأمن، فإنها تطالب مجلس الأمن باتخاذ ما يلزم لردع إسرائيل عن الاستمرار في اعتداءاتها التي من شأنها تأزيم الوضع وتهديد الأمن والسلم في المنطقة والعالم».
تل أبيب: «القاعدة» أفضل لنا من نظام الأسد
أكد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، اللواء في الاحتياط عاموس يادلين، أن المفاضلة، بالنسبة إلى إسرائيل، بين تنظيم «القاعدة» ونظام الرئيس بشار الأسد، تميل إلى «القاعدة». وأضاف في حديث إلى القناة الثانية العبرية: «إن هناك تشديداً على خطر «القاعدة» وتنظيمات الجهاد الإسلامي العالمي. هذا خطر يراه قائد فرقة عسكرية تنتشر في الجولان على الحدود مع سوريا. لكن بحسب رؤية استراتيجية أشمل، أي رؤية الحكومة في إسرائيل، فإن سوريا من دون الأسد ونظامه، أفضل لإسرائيل، سواء حكم هذا البلد المتمردون العلمانيون السنّة أو حتى جماعات القاعدة؛ إذ إن المهم في ذلك قطع صلة الوصل بين إيران وحزب الله، وهذا يعد تغييراً استراتيجياً مهماً جداً في ميزان القوى في الجبهة الشمالية، وهو تغيير لمصلحة إسرائيل». وأضاف أن إسرائيل قادرة على مواجهة «القاعدة»، لكن إذا انهار نظام الأسد وحكمت «القاعدة» وأغلقت بوابة إيران على العالم العربي، «فإننا في وضع استراتيجي أفضل».