’إسرائيل’ تراهن على الشراكة مع السعودية للخروج من عزلتها
“إسرائيل” وهاجسها الأمني الذي لا ينتهي، أصبح أكثر الحاحا مع بداية العام 2016 وسط المخاطر التي أضحت غير بعيدة عن حدودها سواء كان في الداخل والخارج معاً. هذا ما عبر عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت الذي اعتبر حزب لله “أكبر خطر على أمن إسرائيل”.. متوقعا أن تتزايد التحديات مع رفع العقوبات عن إيران.
فقد برز مؤخراً حدثان أساسيان استرعيا الاهتمام في “إسرائيل”. الأول عسكري تمثل في المناورات المكثفة التي اجراھا الجيش الإسرائيلي للتدرب على خوض مواجهة مع حزب لله وتنظيمات “الجهاد الإسلامي” سواء في لبنان أم في سوريا. والثاني سياسي استراتيجي هو المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الذي يستخدم عادة منصة يعرض من خلالها القادة السياسيون والعسكريون رؤاهم الاستراتيجية.
المؤتمر الذي يعقد للسنة التاسعة، يبحث استراتيجيات جديدة “لإسرائيل”، وكان القادة السياسيون والعسكريون يخرجون بمواقف شبه موحدة، ولكن في هذه السنة، ظهرت الخلافات في الطروحات بين العسكريين، من جهة، وبين السياسيين من جهة أخرى، خصوصاً فيما يتعلق بالتهديدات المحدقة بإسرائيل من مختلف الجبهات.
توصيات عديدة قدمها “معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب” في ختام التقدير الاستراتيجي السنوي الصادر أخيراً عن عام 2016 إلى الحكومة الإسرائيلية، والذي تناول التهديدات والفرص في البيئة الإقليمية والدولية، مع تحليل آثارها في الوضعين السياسي والأمني، ويوصي المعهد القيادتين السياسية والعسكرية في”إسرائيل” ببلورة استراتيجية محدثة للسنوات الخمس التالية، على ضوء التغييرات الدراماتيكية في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط، “المشبعة باللايقين مع تواصل التطورات الاشكالية فيها.
وأهم ما تبناه:
1- الموضوع النووي الإيراني الذي يشكل تهديداً وجودياً كامناً على”إسرائيل”، وعليها أن تعمل على منع تسلح النظام المتطرف الذي يدعو إلى إبادتها بسلاح ذري.
2- على”إسرائيل” المبادرة إلى اتفاقات موازية مع الولايات المتحدة، تسمح لهما بالتنسيق في الموضوع الإيراني. والى إقامة جهاز تنسيق استراتيجي يشمل عقد لقاءات دورية ومنظمة لمناقشة التطورات الإيرانية وأنشطتها، إضافة إلى تنسيق النشاطات في مقابلها.
3-سوريا هي القناة الإيرانية في العالم العربي، وعبرها تحافظ على التواصل وتعزيز حزب الله وأيضاً تعزيز مجموعات فلسطينية متطرفة، لذلك إضعاف نظام الرئيس بشار الأسد واقتلاعه من الحكم، مصلحة إسرائيلية واضحة. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، على “إسرائيل” تطوير أدوات جديدة وإبداعية وأكثر فعالية، وذلك عبر التعاون مع حليفتها الولايات المتحدة ودول أوروبا، ومع تركيا والمملكة السعودية، المعنيتين أيضاً باقتلاع إيران من سوريا واستبدال نظام الرئيس الأسد.
4- ينبغي “لإسرائيل” أن تضمن إضعاف جهات المحور الراديكالي قدر الإمكان في سوريا المستقبلية، وإبعادها قدر الإمكان عن الجولان. إذا تم تقسيم سوريا، فإن الجهات السورية التي يمكن لإسرائيل أن تتعاون معها هي التنظيمات السنية المعتدلة والدول الداعمة لها، مثل السعودية ودول أخرى في الخليج، إضافة إلى الأردن وتركيا.
5- التهديد النووي الإيراني تم تجميده لعدة سنوات، والجيوش النظامية على الحدود المحاذية لإسرائيل، إما تربطها بإسرائيل اتفاقات سلام، وإما تقوّضت قدراتها في حرب أهلية طويلة. فالتهديد العسكري الأساسي الماثل أمام “إسرائيل” في هذا الزمن هو حزب الله، الذي يواصل مراكمة قدراته بأسلحة هجومية ودفاعية من إنتاج روسي وإيراني وسوري.
ومن وجهة نظر “إسرائيل”، ثمة متغيرات مهمة يجب أخذها بجدية في طليعتها الخبرة القتالية الهائلة التي اكتسبها الحزب من خلال مشاركته في الحرب السورية بحيث صار قادراً اليوم على استخدام الخطط الهجومية والمزج بين أسلوب قتال حرب العصابات والجيوش النظامية، الى جانب استفادته من أساليب القتال التي تستخدمھا القوات الروسية في سوريا، وحصوله على كميات من السلاح الروسي المتطور، وعلى “إسرائيل” التعامل مع حزب لله ولبنان ككيان سياسي واحد يھاجم “إسرائيل”، واستھداف البنية التحتية في لبنان، كجزء من المعركة الشاملة.
بالاضافة الى ذلك نشرت تقارير تعيد “حماس” من جديد الى قائمة التهديدات الخطيرة ضد “إسرائيل” فجاء في بعضها أنه بعد سنة ونصف من “الجرف الصامد”، وصلت “حماس” الى مستوى جاهزية بما يكفي لاجتياز حرب أخرى أمام الجيش الإسرائيلي. لقد تم، على الأقل، استكمال جزء من استعدادات “حماس” في غزة: الأنفاق المفخخة التي تصل الى داخل الخط الأخضر أعيد بناؤھا، بما في ذلك تزويد كل نفق بفتحات عدة. إضافة الى ذلك تواصل القوات الخاصة “النخبة” والغواصون تدريباتھم في شكل مكثف، واستكمل جزء من إعادة ملء مستودع الصواريخ.
في المقابل، سارت “إسرائيل” في تعميق التحالف مع بعض الدول العربية ، بما يخدم مصلحة “إسرائيل” على المدى القصير والطويل.
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياھو في خطابه أمام مؤتمر دافوس الاقتصادي دفع عن “إسرائيل ” الاتھامات بأنھا معزولة دوليا، وأفاض في الحديث عن العلاقة مع بعض الدول العربية السنية، وخصوصا دول الخليج، داعيا أوروبا الى أن تتعامل مع “إسرائيل “بالطريقة التي تعاملھا بھا دول الخليج، وأن تأخذ بالحسبان التغيير الحاصل في السياسة العربية تجاه “إسرائيل “.
وعندما سئل عن مكانة “إسرائيل” في العالم، قال إن “التغيير الأشد دراماتيكية في الآونة الأخيرة ھو التغيير في العلاقات بيننا وبين جيراننا العرب، المعد لخلق شرق أوسط من دون إسلام متطرف”.
ويلفت الى أن الحديث عن تحالف اسرائيلي – سعودي ضد إيران يتصاعد بقوة في الأوساط الاسرائيلية في الآونة الأخيرة، وقال إن وزير الحرب الاسرائيلي نفسه موشيه يعلون تحدث عن ھذا التقارب في مؤتمر معھد أبحاث الامن القومي في تل أبيب، واعتبر أن المعسكر الأكثر أھمية ھو “المعسكر السني” بقيادة السعودية، و”لإسرائيل” مصالح مشتركة عديدة مع ھذا المحور، وھذا ھو الأمر الأھم لتأسيس علاقات معھا اليوم، أكثر من السلام وأكثر من الاتفاقات والاحتفالات.
المعسكر السعودي محبط جدًّا في رؤية إيران لاعبا رائدا في المنطقة. وكلما تعمّقت الأزمة بين إيران والسعودية، فإن” إسرائيل” تتقرب من السعودية. وھذا التقارب قد يرقى الى مرحلة أعلى بعد رفع العقوبات عن ايران وقد يتحول الى شراكة حقيقية.