إجتماع باريس الخماسي.. بين أولويات السياسة والمصالح الاقتصادية
وكالة أنباء آسيا-
زهراء احمد:
لم تأت نتائج الاجتماع الخماسي الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس الاثنين الفائت على قدر التوقعات، رغم ان التطور اللافت في الاجتماع الباريسي يتمثل بمشاركة المملكة العربية السعودية رغم ترددها في المشاركة، انطلاقا من ثابتة انها لا تضع لبنان ضمن أولوياتها السياسية للمرحلة الراهنة، خصوصا وانها تضع عدة شروط كان يراها الفرنسي صعبة المنال، لا سيما فيما يتعلق بملف النزاع في اليمن ودور “الحزب” في هذا الملف الشائك، ولذلك بعثت فرنسا برسالة للسعوديين مفادها بأن “هذا الاجتماع ما هو الا تمهيد لإجتماع مقبل يضع النقاط على الحروف، كما انها لن تتخذ اي قرارات نهائية او اتفاقات جوهرية في اجتماع باريس، وأن مشاركة المملكة يعطيه زخماً سياسياً نظرا لدورها الفاعل على الساحة اللبنانية، وهو ايضاً رسالة مهمة لتشجيع الطبقة السياسية اللبنانية للخروج من عنق الأزمة، في ظل انسداد الأفق السياسي في لبنان، حيث وصلت كل المبادرات الى طريق مسدود، وذلك بالتزامن مع تصاعد حدة الخطاب السياسي، وزيادة المخاوف بأن تصل الامور الى صراع ربما يؤدي الى التقسيم، وهذا ما يقلق العديد من الأطراف الدولية والإقليمية وفي مقدمها باريس.
لكن ورغم اعتقاد البعض أن الاجتماع الباريسي قد يخرج بمقررات هامة فيما يتعلق مثلاً بشكل ومواصفات رئيس الجمهورية المنتظر انتخابه، أو تركيبة الحكومة المقبلة، خصوصاً وان الاجتماع ضم لأول مرة أطرافاً اميركية، أوروبية وعربية، الا أن مشاركة كل من قطر ومصر في الاجتماع الخماسي، طرحت عدة تساؤلات حيث تم تركيز الانظار على ملف الغاز ومدى حاجة أوروبا له بظل الحرب في اوكرانيا، والسعي من اجل تأمين استخراجه من الحقول اللبنانية، او خلق بيئة آمنة وتعبيد الطريق امام الغاز الإسرائيلي دون اي عوائق، وهذة المقاربة قد تكون منطقية خصوصا وأن غالبية الدول المشاركة بالاجتماع الخماسي لديها مصالح اقتصادية مشتركة.
إذا ومن هذا المنطلق يأتي إهتمام فرنسا بلبنان، خصوصا بعدما ترأست شركة “توتال” الفرنسية لكونسورتيوم الشركات النفطية بحسب ما أكّدت المصادر والتي أشارت الى ازدياد اهتمام باريس بالشأن اللبناني مع تنامي حاجتها الى مادتي الغاز والنفط بعد الحرب الأوكرانية، وهذا ما يترجم بمساهمة فرنسا في توقيع اتفاقية الترسيم لتأمين مصالحها في لبنان.
أمّا على ضفة السعودية فهي تُبدي اهتماماً بالدرجة الأولى بإسم رئيس الحكومة المقبل، حيث تأمل الرياض أن يكون منسجما وتوجهاتها السياسية، وهي كذلك تهتم بعدم وصول رئيس للجمهورية يكون حليفاً للحزب.
أما اهتمام قطر بالوضع اللبناني، فهو يزداد اليوم بصفتها الشريكة الثالثة في كونسورتيوم الشركات الذي لُزّم بأعمال الإستكشاف والتنقيب عن الغاز في البلوكين 9 و4 في المنطقة البحرية التابعة للبنان، اما على صعيد مصر فهي تأمل ان يثمر تحركها على مستوى الملف اللبناني في اعطائها دورا جديدا في المنطقة.
وبناء على ما سبق ذكره تعتبر المصادر أن “مقررات الاجتماع الخماسي في باريس ربما تشكل خارطة طريق مستقبلية تمهيداً لحل الازمة اللبنانية، لكن غياب الجانب الايراني يستبعد طرفاً سياسياً مهماً في هذه المعادلة، وعليه قد يرى البعض انه غير ملزم بأي مقررات تتخذ في هذا الاجتماع، في حين يعتبر البعض ان هذا الاجتماع قد يفقد فاعليته بظل غياب طرف من اطراف النزاع عنه، ورغم ان قنوات التواصل بين ايران والسعودية لم تنقطع، لذلك فإن اغلب التوقعات تجمع على نقطة مفادها ان الاجتماع الخماسي قد بدأ بخارطة طريق تمهد لمؤتمر مقبل في بيروت، ويمكن ان يشارك به وزراء خارجية الدول المعنية بحل الازمة اللبنانية، فهل يترجم هذا الكلام على الأرض في وقت قريب؟