أين أصبح الغاز المصري لتغذية الكهرباء في لبنان؟
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
ما زال لبنان ينتظر وصول الغاز المصري الذي وعدت به السفيرة الأميريكية في بيروت من أجل أن ينعكس على التغذية الكهربائية بمعدل يصل في حده الأقصى الى حوالي 4 ساعات زيادة على التغذية الحالية التي تتراوح بين ساعة وساعتين في اليوم، علمًا أن هذا الأمر لا يعتبر حلًا عمليًا ومنطقيًا لأزمة الكهرياء. الحكومة اللبنانية رفضت العديد من العروض الخارجية في هذا المجال والتي بالتأكيد كانت أفضل بكثير من كل هذه الاجراءات المرتبطة باستجرار الطاقة من مصر والأردن عبر سوريا، ورغم ذلك، لم يصل الى اليوم هذا الغاز الى لبنان والذي كان من المفترض أن يكون جاهزًا لدعم التغذية الكهربائية في لبنان بين أواخر شباط الماضي وشهر آذار الحالي مما يفتح الباب للتساؤل: أين أصبح هذا العرض من قبل السفيرة الأميركية؟ ولماذا لم يحصل لبنان عليه الى اليوم؟ علمًا أن وزير الطاقة المصري كان قد صرح منذ بداية العرض أن مصر ستورد الغاز بما يتماشى مع الكمية التي طلبها لبنان بأسرع وقت ممكن مع توقع وصول هذه الكمية مطلع العام الحالي أو في أواخر شباط على أبعد تقدير، إلا أن شيئًا من هذا لم يحصل الى الآن.
الادارة الأميركية تماطل لتحقيق مكاسب معينة
الواضح في ما لا يجعل مجالًا للشك أن الادارة الأميركية مستمرة في ابتزاز لبنان قبل تنفيذ أي وعد بحل مشكلة الكهرباء، رغم أن هذا الوعد لا يعالج أساس الأزمة المزمنة. وكما كان متوقعًا، لن تسمح الادارة الأميركية للبنان بالاستفادة من أي حل لمشاكله المتفاقمة قبل تحقيق مكاسب لمصلحة العدو الاسرائيلي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، ومن هنا يتضح للجميع احد معالم الحصار الأميركي على لبنان في الملفات الاقتصادية الاستراتيجية والتي يعتبر ملف الطاقة ابرزها.
الأسباب التي دفعت الأميركي الى ابتكار هكذا وعود وهمية وهشّة، كانت الخوف من تأثيرات كسر الحصار الذي حصل بفعل استقدام المقاومة للبواخر الايرانية في مجال المحروقات ولم يكن الدافع أبدًا مصلحة لبنان وشعبه كما تدعي هذه الادارة، وما يحصل اليوم من ابتزاز علني يؤكد المؤكد دائمًا وهو أن ما يهم الولايات المتحدة كان وما يزال مصلحة العدو الاسرائيلي على حساب كل مصالح لبنان على مختلف الصعد والمجالات.
الحل يكون بتنويع الخيارات
لن يكون باستطاعة الحكومة اللبنانية معالجة الملفات الاقتصادية المتأزمة اذا لم تأخذ قرارات جريئة لمصلحة لبنان وشعبه متمثلة بالانفتاح على الخيارات الأخرى المتاحة وخاصةً من روسيا في ظل التغيرات الجيو اقتصادية والجيو سياسية في العالم بفعل تداعيات العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا. فهذه المعركة كسرت هيمنة القطب الواحد المتمثل بسيطرة الولايات المتحدة الاميركية على قرارات الحكومات ومصير شعوبها. بناء عليه، لا بد للبنان من اتخاذ خطوة تنويع خياراته ولا سيما في مجال الطاقة الكهربائية لأن الواضح والثابت أن لبنان لن يستطيع حل مشاكله العالقة من دون انفتاحه على الشرق كما على الغرب لما في ذلك من مصلحة استراتيجية للاقتصاد اللبناني في شتى المجالات والقطاعات.