"أنصار الله" تضع علي الطاولة الخيار الإستراتيجي
بعد تحذير العضو البارز في حركة أنصار الله “محمد البخيتي” للسعودية في الأسبوع الماضي، بأنه إذا لم يتوقف العدوان السعودي على اليمن، فإنهم سيشهدون توسيع نطاق هجماتنا ضدهم، وتأكيده على أن هناك استعداداً أعلى بكثير مما نراه اليوم في انتظار العدو، وقريباً سنرى إجراءً مفاجئاً على الحدود السعودية اليمنية، فيبدو أن الحرب بالنسبة لليمنيين قد بدأت لتوها.
لقد أعلنت أنصار الله بعد تسعة أشهر من العدوان السعودي، بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الخيارات الإستراتيجية ضد الرياض، وقالت إن هناك أكثر من 50 ألف من القوات اليمنية جاهزةً للسيطرة علي مدينتي جيزان وعسير في جنوب السعودية. وفي الوقت نفسه، إذ أشار المراقبون إلي قدرات القوات اليمنية، نصحوا السعوديين بأن يأخذوا تحذير أنصار الله على محمل الجد.
وذكرت مصادر يمنية أن 50 ألف جندي من الجيش اليمني وأنصار الله، على استعداد لمهاجمة وتحرير مدينتي جيزان و عسير الكبيرتين في السعودية. ووفقاً لحركة أنصار الله فإن هذه هي المرحلة الأولى من “الخيارات الإستراتيجية”، رداً على مواصلة الهجمات الجوية السعودية.
تقع جيزان و عسير ونجران في شمال اليمن، ويحتلها آل سعود منذ ما يقرب من قرن، وضمّت هذه المناطق إلى أراضيها رسمياً في عام 2000، بموجب اتفاق مع الحكومة المركزية في اليمن. ومنذ أن بدأ العدوان السعودي على اليمن، وضعت قوات أنصار الله التقدم برياً في عمق الأراضي السعودية على جدول أعمالهم كخيار إستراتيجي.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية نفّذت هذه القوات هجمات متواصلة ضد المراكز العسكرية السعودية في هذه المناطق، وقتلت عدداً كبيراً من الجنود السعوديين. وعلى الرغم من أن أغلب وسائل الإعلام الدولية قد صمتت إزاء التطورات في جنوب السعودية، ولكن الصور التي نشرتها أنصار الله عن عمليات قواتها في المناطق الجنوبية للسعودية، وسيطرتهم على المراكز العسكرية لهذا البلد، تدلّ على هزائم خطيرة مني بها الجيش السعودي في المنطقة الحدودية، والذي يعدّ أحد أكثر جيوش العالم كلفةً.
والفيلم الذي بثته قناة المسيرة التابعة لأنصار الله مؤخراً، يُظهر أن القوات اليمنية تقترب من مدينة الخوبة الواقعة على مقربة من محافظة جيزان، وتسيطر علي عدد من المباني الحكومية. وفي إشارة إلى الضربات التي تلقتها جنود آل سعود من اليمنيين في جنوب السعودية، ينصح المراقبون الرياض بعدم تجاهل التهديدات التي تطلقها أنصار الله. “هيكل يافنغ” الناشط والمحلل اليمني من صنعاء، والذي يعدّ أحد منتقدي أنصار الله أيضاً، كتب على صفحته في التويتر: لو كنت مكان سلمان (الملك السعودي)، لأخذت علي محمل الجد البيان الأخير للحوثيين(أنصار الله)، قبل أن تتبخّر معاهدة الحدود لعام 2000.
بالتزامن مع هذه التهديدات، أطلقت القوة الصاروخية اليمنية صاروخاً باليستياً من نوع قاهر 1، باتجاه قاعدة الفيصل الجوية في منطقة عسير. وأكد مصدر عسكري:” لقد أصاب هذا الصاروخ الهدف بالضبط”. كما أطلقت القوات اليمنية عدداً من الصواريخ على تجمع للقوات السعودية عند معبر الخضراء في نجران. وفي الوقت نفسه، ذكرت قناة العالم أن القوات المسلحة اليمنية واللجان الشعبية قد دخلت الأراضي السعودية في منطقة الحرث التابعة لمحافظة جيزان، واستطاعت السيطرة علي العديد من المراكز العسكرية وتدمير مخابئ للأسلحة. وفي منطقة الرمضة الواقعة في جيزان أيضاً، دمّرت القوات اليمنية المشتركة مخبأً للأسلحة وأحرقت عدة مركبات عسكرية سعودية.
وبالإضافة إلى المناطق الجنوبية، استهدفت القوات اليمنية قوات التحالف السعودي في مناطق مختلفة من هذا البلد. كما سيطر مقاتلو أنصار الله مع قوات الجيش اليمني على منطقة الجبل الأسود في محافظة الجوف، ونتيجةً لذلك، بات المئات من جنود السعودية والإمارات تحت الحصار. وأعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العقيد الركن “شرف غالب لقمان” الخميس الماضي، أن القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية، قد استهدفت يوم الأربعاء بعدد من صواريخ “توشكا”، تجمع القوات المعتدية في قاعدة “العند” العسكرية في محافظة “لحج”. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، قال: لقد تم استهداف هذه القاعدة بعد رصد استخباري دقيق، وخاصةً أنه استناداً إلى المعلومات التي تم الحصول عليها، كانت القوات المعتدية تعتزم التقدّم نحو “تعز” بتجهيز كامل وبناءً على خطة مفصلة.
بالنظر إلي الأوضاع الميدانية في اليمن، فقد وصلت أنصار الله والقوي الحليفة لها إلي مرحلة من الحرب، تستطيع فيها تحديد مكان القتال وفرض الشروط علي القوات المعتدية، وعلي السعودية أن تعيد النظر سريعاً في خياراتها الإستراتيجية حول اليمن، وأكثرها إلحاحاً هو إنهاء كل الهجمات الجوية علي اليمن.