أمريكا غير قادرة على التصدي لعنف السلاح
صحيفة البعث السورية-
هناء شروف:
حقيقة أن كلّ مواطن أمريكي تقريباً يعرف ضحية واحدة على الأقل نتيجة عنف السلاح، وحقيقة أن أكثر من مليون مواطن أمريكي أصيبوا بالرصاص في العقد الماضي، تقدمان صورة مروعة حول كيف تشكل الأسلحة النارية في الأيدي الخاصة تهديداً لسلامة الناس في الولايات المتحدة.
الأمر الأكثر إثارة للصدمة والقلق هو حقيقة أن الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية زادت بنسبة 13.5 في المائة من عام 2019 إلى عام 2020، وبين الأطفال والمراهقين ارتفعت بنسبة مذهلة بلغت 30 في المائة. وتشير الإحصاءات إلى أن 12 طفلاً يموتون يومياً من أعمال عنف بالأسلحة النارية في الولايات المتحدة وإصابة 32 آخرين.
وليس من المبالغة وصف عنف السلاح بأنه وباء في الولايات المتحدة، فقد أصبح إطلاق النار الجماعي في المدارس كابوساً يطارد الأطفال الأمريكيين وأولياء أمورهم. كذلك يُطلب من الأطفال أيضاً تلقي تدريب حول كيفية الردّ على إطلاق نار جماعي في تكساس التي استحوذت على أعلى معدل لإطلاق النار في المدارس.
وعلى الرغم من تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن المتكررة، والجهود المبذولة للضغط من أجل فرض حظر على محلات الذخيرة عالية السعة، وفرض عمليات التحقق من الخلفية العالمية لجميع مبيعات الأسلحة، والقضاء على حصانة مصنّعي الأسلحة من الدعاوى القضائية، يبدو أن أمريكا غير قادرة على التصدي لعنف السلاح، وغير قادرة على وقف التصاعد السريع لإطلاق النار الجماعي في المدارس، والأماكن العامة الأخرى بشكل فعّال.
إن الخلل الجوهري يكمن في نظام الحكم في الولايات المتحدة، والذي يجعل من المستحيل على الحكومة فيها أن تضع مصالح الشعب الأمريكي أولاً، على الرغم من حقيقة أن ساستها يرفعون راية الحرية والديمقراطية عالياً عند الحديث عن القوة السياسية للولايات المتحدة.
يميّز الصراع بين الحزبين السياسة الأمريكية كما لو أنه خلف الحزبين السياسيين الرئيسيين توجد مجموعات المصالح، بما في ذلك مصنّعو الأسلحة والتجار الذين حققوا أرباحاً كبيرة. حتى أن الرابطة الوطنية للبنادق هي ضابط الضغط لدى الكونغرس، حيث تلقت عشرات الملايين من الدولارات من شركات الأسلحة لضمان هزيمة لوائح ملكية السلاح المسؤولة.
بغضّ النظر عن صدق بايدن، والسياسيين الآخرين عندما يتحدثون عن الحاجة إلى معالجة عنف السلاح، لا يمكنهم فعل شيء أكثر من التشدق بالكلام لتسوية المشكلة. إن الحديث عن تدابير لتقليل أو وقف عنف السلاح شيء، والقيام بشيء ملموس شيء آخر.
تشير حقيقة أن مبيعات الأسلحة مباشرة بعد كلّ إطلاق نار جماعي تتزايد، ما يؤكد أن العنف المسلح أصبح حلقة مفرغة في الولايات المتحدة، فكلما زادت عمليات إطلاق النار الجماعية، شعر الأمريكيون بالحاجة إلى امتلاك سلاح ناري خاص بهم لحماية أنفسهم من إطلاق النار عليهم.
لن يكون هناك حلّ للعنف المسلح في الولايات المتحدة ما لم يتمّ إصلاح مؤسّستها السياسية بشكل جذري والذي يبدو مستحيلاً في المستقبل المنظور.