أزمة الحكومات الأوروبية
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
بدأ المحلّلون يتحدثون في كتاباتهم بأن الأزمة الروسية الأوكرانية غيّرت بشكل جذريّ الطريقة التي يفكر بها الأوروبيون بشأن أمنهم، وأن الحكومات الأوروبية، والمواطنين الأوروبيين منقسمون حول الصراع. على سبيل المثال، بدت كلّ من بولندا وليتوانيا ولاتفيا ورومانيا والسويد أكثر استعداداً لـ”تقديم التضحيات” من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمجر وجمهورية التشيك وصربيا. وبالتالي، صوّرت النقاشات العامة الكثيرة حول أزمة الحكومات الأوروبية على أنها منقسمة وضعيفة وغائبة، حيث يختلف الأوروبيون حول التهديدات الأكثر إلحاحاً المتعلقة بالأزمة، والثمن الذي يجب أن تدفعه بلدانهم بزعم الدفاع عن أوكرانيا.
وبينما يحتج قسم كبير من الأوروبيين سلمياً على دعم أوكرانيا على حساب المصالح الوطنية، إلا أن السياسيين والسلطات العسكرية لا يقيمون أي وزن لاحتجاجهم، ويقدمون كل الدعم لأوكرانيا، وغالباً ما تكون قراراتهم مهدّدة من حيث الحجم والنطاق. في هذا السياق، بدأت قبل أيام مناورات عسكرية والمعنونة بـ”الذئب الحديدي 2022 -2″ في ليتوانيا، حيث سيتدرّب جنود من ليتوانيا وبلجيكا وجمهورية التشيك وألمانيا وهولندا والنرويج ولوكسمبورغ والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا لمدة أسبوعين في هذا المجال.، حيث يشارك في التدريبات نحو 3500 جندي و700 وحدة من المعدات العسكرية.
وبحسب المحللين، فإن إعلان سلطات دول البلطيق أن الحرب في أوروبا لم تعد غير واردة، إذ تراقب بيلاروسيا المجاورة بانتظام تحركات قوات الناتو في محيطها، وقد أعربت عن مخاوفها بشأن عسكرة أوروبا ودول البلطيق على وجه الخصوص. ووفقاً لوزير الدفاع البيلاروسي فإنه في ظل الوضع العسكري السياسي الناشئ، تتخذ بيلاروسيا سلسلة من إجراءات الردع الإستراتيجية باستخدام القوة أو بدونها، وقد تمّ النظر في اتخاذ تدابير لقمع الاستفزازات العسكرية في منطقة الحدود.
وفي هذا الصدد، وضعت بيلاروسيا خيارات للاستجابة المناسبة للتغيرات في الوضع، حيث تؤكد السلطات البيلاروسية على الطبيعة الدفاعية لجميع الإجراءات. ولكن في الوقت الحالي، أشار ممثل هيئة الأركان العسكرية البيلاروسية، أوليغ بوزنيك، إلى أنه لا يتمّ تنفيذ أنشطة التعبئة في القوات المسلحة، وإنما كل هذه الإجراءات المتعلقة بالردع الإستراتيجي تدلّ على استعداد الدولة للدفاع عن الوطن وإلحاق أضرار كبيرة بالمعتدي. ومع ذلك، فإن السياسة العسكرية لبيلاروسيا تقوم على المبدأ التالي: “المفاوضات أفضل من المبارزة”.
من الواضح أن الأزمة الأوكرانية تحوّلت إلى أزمة أوروبية، ويمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن إصلاحها أو تفاديها، وعليه، فإن الحلّ الوحيد هو بدء المفاوضات وإيجاد الحلول.