أبو سياف…
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
تعددت الأسماء، والنهج واحد …
وكأن الزمن في لبنان قد توقف عند أبي سياف، فما قبل أبو سياف ليس كما بعده. تحليلات كثيرة وتوقعات أكثر من كثيرة ومعلومات حول شخصيته بات يمتلكها عدد من اللبنانيين يكاد يفوق العدد الطبيعي لسكان لبنان.
تارة هناك من ينشر معلومة عن أن المدعو أبا سياف يتخذ من طرابلس إمارة له، وتارة أخرى يخرج متنبئ ليتكرم على الناس بمعلومة عن أن أبي سياف هذا يقطن في مخيم عين الحلوة ولكنه أدار بوصلته نحو طرابلس ليبعد الأنظار.
معلومات كثيرة هي، قد تلتقي في ما بينها أحياناً وقد تتعارض أحياناً أخرى، ولكنها في الحالتين هي معلومات أمست حديث اللبنانيين نظراً لما تضمنه تصريح هذا السيئ الذكر من تهديدات بأعمال إرهابية في المناطق التي تعتبر حاضنة للمقاومة.
إلى هنا، يبدو كل شيء طبيعي، فمن البديهي أن ينشغل الشارع بهكذا تصريحات خاصة إذا ما تم ربطه بالوضع الأمني المخيّم على لبنان وبالإعتداءات المتكررة التي تتعرض لها أرض المقاومة على يد الصهيونية الإسلامية. ولكن ما هو غير طبيعي أن يصل بنا هذا الكم الهائل من المعلومات، والتي هي في الأغلب لا تتعدى كونها تحليلات شخصية ، إلى منحنى خطير في فهم المرحلة التي يمر بها لبنان، بحيث تحولت أذهاننا عن النهج العملاني وتركزت آذاننا على الإسم والمكان.
ولهذا لا بد لنا من طرح بعض التساؤلات التي تهم المواطن المتابع للوضع الأمني، ومن هذه التساؤلات:
ما هو الفارق بين أن يكون إسم المجرم أبو سياف أو أبو مجذاف أو أبو الصفاف، إذا ما كانت عقليته هي عقلية تلمودية قائمة على القتل والذبح والتدمير؟
وما هو الفارق بين أن يكون قد اتخذ من طرابلس مقراً له أو أنه يقطن في مخيم عين الحلوة، طالما أنه اتخذ من أرض المقاومة كلها هدفاً ليصب حقده وإجرامه عليها؟
وما الفارق أيضاً بين أن يكون أبو سياف هو شخصية وهمية أوجدها العديد من المتربصين بالمقاومة شراً واخترعوها لتشكل غطاءً لجرائمهم ولتعبر عن ما في قلوبهم من حقد قاتل تجاه المقاومة وجمهورها، أو أن يكون شخصاً موجوداً بالفعل؟
هي أسئلة لا بد من الوقوف عندها لكي نعيد البوصلة الى الإتجاه الصحيح، فالمشكلة الحقيقية لم تعد تكمن في إسم هنا أو إسم هناك، بل هي في الواقع مشكلة النهج التلمودي المعادي لنهج المقاومة .
وإذا ما قمنا بجولة بسيطة على بعض الأحداث لوجدنا أن ما تفعله بعض الشخصيات السياسية هو أخطر بكثير من تصريحات ذاك السياف، فبين قوله وفعلهم لا مجال للمقارنة، فالفعل قد سبق القول بكثير من المرات.
ومن الأمثلة على ذلك، يمكننا أن نرى أن من نظم ودبر ونفذ مجزرة حلبا، هو نفسه الذي ما زال حتى الساعة يصف التلموديين ممن فجروا في أرض المقاومة بالشهداء. هو أبو سياف حقيقي، ولكن مع ربطة عنق ومنصب سياسي، ومنابر إعلامية تُفتح أمامه ليفسر أحلام أبيه.
وآخر ما زال حتى الساعة يتباهى في مجالسه الخاصة بأنه استطاع أن يكسر شوكة الدولة باغتياله رئيس حكومة سابق، وما زال أيضاً يفتخر بكونه لم يميز بجرائمه بين طائفة وأخرى، هو أيضاً أبو سياف عتيق ومن ذوي الخبرات، ولكنه يختلف عنه فقط بقصره الجميل وببعض الغباء الذي يتحفنا به بين الحين والأخر.
كما أنه لأبو سياف أشكال أخرى كتلك التي حن قلبها لمجرم اعتقدت بأنه قد لا يملك سبيلاً للوصول الى زمرته، فحملته في سيارة محمية بالصفة السياسية، وأمنت وصوله إلى المكان الإمارة ليحمل بندقيته ويتوعد بها من هم بالمفترض أشقاؤه بالوطن .
ولأبو سياف أيضاً أشكال أخرى بعيدة عن الشكل السياسي، فلدينا ابو سياف الإعلامي الذي لا هم له سوى القيام بشحن النفوس والعقول وتحريضها على كره المقاومة، وأكثر من ذلك فإنه وفي بعض الأحيان يلمح بالشماتة من الشهداء، ومن قال هنا إني أقصد أم سياف …
الكثير الكثير من الأمثلة التي لا تنتهي إذا ما أردنا أن نعدد السيافين الفعليين الذين نواجههم في معركتنا مع الصهيونية الإسلامية. هم كثر حقاً، يحاصرون أرض المقاومة من الجهات الأربع.
لذلك ونظراً لفداحة المشكلة لا بد لنا وأن ندرك بأن المسألة هي مسألة مشروع فعلي يهدف إلى ضرب المقاومة أينما وجدت، وهو نهج تلمودي لا هم له سوى القضاء على كل من يشكل خطراً حقيقياً على اليهود.
هو مشروع تدميري واضح، ونهج صهيونية اسلامية واضحة، ولا بد لنا من مواجهتهم بكل ما أوتينا من قوة ومعرفة، فالقوة وحدها لا تكفي إن لم يرافقها وعي ومعرفة بواقع الحال، ولا بد لنا بأن ندرك بأن أعداءنا كثر، وأن ألف أبي سياف وسياف ينتظروننا على كل ناصية وفي كل ساح. ففي السياسة أبو سياف، وفي الحرب أبو سياف وفي الإعلام أبو سياف وأم سياف.
ووحده ثبات الموقف وقوة العقيدة والإيمان المطلق بأن النصر آت لا محال، هو سبيلنا الى المواجهة، فأعدوا لهم ما استطعتم، واستعدوا لهم، فهذه الأرض لنا، وهذا الحق لنا، وهذا النصر لنا، وليس لهم سوى أبو سيافهم الذي سيظهر يوماً بكل أشكاله وهو يجر خيبة الهزيمة.
فنحن نبقى على ما نحن عليه من ثبات وإيمان، وهم، يبقون كما هم .. تتعدد أسماؤهم، وسيافهم في النهج واحد …