41 عاماً على “الدفاع المقدس”: إيران قوة دولية
موقع الخنادق:
“على هذا النظام أن لا يظن أنّ شعبنا وجيشنا عاجزان عن الرد على اعتداءاته؛ إني وعند الضرورة، وفي اللحظة المناسبة، سأوجه ندائي للشعب ليثبت لصدام حسين وأمثاله من الأذناب لأمريكا، بأنهم ليسوا شيئاً يذكر”. قبل 41 عاماً، وفي اليوم الأول من الحرب المفروضة على إيران، توجه الإمام السيد روح الله الخميني برسالة هي اليوم تشكّل النهج الذي تتبعه الجمهورية الإسلامية في حربها المفروضة عليها الآن أيضاً. قد يُلحظ تغيير طفيف بالأدوات أو الأسلوب أو الخلفيات الا أن ذلك لا يشكل فارقاً، فالبصمات الأميركية واضحة من مرحلة ما قبل الثورة إلى اليوم.
22 أيلول 1980 فرضت واشنطن على إيران عبر نظام البعث العراقي برئاسة صدام حسين الحرب الأطول في القرن العشرين. ولعل انتصار الثورة الإسلامية وخوف الولايات المتحدة من نقل التجربة إلى الدول المجاورة وبالتالي ثورة الشعوب على الأنظمة المستبدة “العميلة” لها، كانت من أهم الأسباب التي جعلت من الحرب خيار واشنطن الأقرب. إضافة إلى رغبة حسين بالسيطرة على ضفة نهر العرب من الجهة الشرقية التي كان العراق قد تنازل عنها سابقا بتوقيع اتفاقية الجزائر 1975.
خلال أيام قليلة استطاع الجيش العراقي السيطرة على خرمشهر الحدودية، رغبة بالوصول إلى مصفاة تكرير النفط في عبادان التي كانت وقتها من أكبر المصافي النفطية في العالم، والتي كانت تكرر حوالي 630 ألف برميل يومياً أي ما يعادل 65% من إجمالي انتاج البلاد النفطي. لكنها فلشت. لتعود إيران وتستعيدها بعد حوالي السنتين حيث أطلق عليها اسم “خونينشهر” ما يعني “مدينة الدم” لما شهدته من دمار جراء العمليات العسكرية الواسعة التي راح ضحيتها كثير من الشهداء.
خلال هذه الحرب تلقى نظام صدام حسين دعماً من 34 دولة، وتسليحاً عظيماً بشتى أنواع الأسلحة منها ما كان يجرب للمرة الأولى الأمر الذي كشف مزيداً من خلفيات هذه الحرب. فألمانيا قد وضعت السلاح الكيميائي الفتاك والمحرم دولياً تحت قيادة وتصرف حسين، وفرنسا قدمت طائرات الميراج الحربية، كذلك الأمر بالنسبة لبريطانيا والعديد من الدول الأوروبية والعربية.
بعد أكثر من 4 عقود، تجلس إيران على طاولة المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة لعودة الأخيرة إلى الاتفاق النووي بعدما أثبتت للدول الـ5 الكبرى وللعالم أن بإمكانها الاستمرار بالتخصيب بقدر قد يصل إلى 90% ويجب أن يتعامل معها كقوة دولية لها حضورها السياسي الدبلوماسي والعسكري الذي كان وصول أسطولها البحري الأخير إلى الحديقة الخلفية لواشنطن الا جانباً من قدراتها الفعلية. في الوقت الذي لا تزال واشنطن تلملم مشاهد انسحابها “المخزي” من أفغانستان عن شاشات التلفزة العالمية.
عام 1986 كانت الجمهورية الإسلامية محاصرة حيث كان سعر برميل النفط 8$ وكانت العملات الصعبة المتاحة في البلاد لا تتجاوز 6.5 مليارات دولار، بينما كانت الميزانية المخصصة للجيش تصل إلى مليارين و700 مليون دولار وعلى الرغم من ذلك تمكنت من بلوغ مرحلة الاكتفاء الذاتي في شتى المجالات خاصة العسكرية والحربية وكل ما تحتاجه لمواجهة أي حرب قد تفرض عليها مهما كان شكلها. هذه كانت ثمرة جهاد الشعب الإيراني في “دفاعه المقدس”.