2016: عام “باكستان أولاً”
موقع إنباء الإخباري ـ
هادي حسين*:
لم يكن عام 2016 كغيره من الأعوام بالنسبة لباكستان ، فقد كان عام تأكيد العقيدة العسكرية الباكستانية التي تقوم على أساس “باكستان أولاً ” ، هذه القاعدة التي عمل الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برويز مشرف على ترسيخها كمُحدد رئيسي لسياسة باكستان الداخلية و الخارجية .
ولعل الإنتقال السلس لقيادة الأركان وتنصيب الجنرال “قمر جاويد باجوه” قائداً للجيش الباكستاني خلفاً للجنرال ” راحيل شريف ” ، أبرز مؤشر على توافق أصحاب القرار بشكلٍ أو بآخر على ضرورة تقديم المصلحة الباكستانية على كل إعتبار أخر، ما نتج عنه إستقرار العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة السياسية، التي لطالما شهدت توترات أنتهت بانقلابات عسكرية حتى قيل : “إن تاريخ باكستان هو تاريخ للإنقلابات العسكرية “.
البارز كان في 2016 نجاح باكستان بحسب إعتراف The Spectator البريطانية في بسط الأمن وتقويض الإرهاب وشل حركته في مدينة كراتشي ومختلف أنحاء البلاد، ففي عام 2013 بلغ عدد الضحايا في مدينة كراتشي 2789 ، بينما مع إنصرام العام 2016 نزل عدد الضحايا في المدينة نفسها إلى 592 ضحية فقط . هذا ولم يشهد هذا العام سوى تفجيرين إرهابيين بينما شهد عام 2013 واحداً وخمسين تفجيراً إرهابياً.
وقد أثمر الاستقرار الأمني في باكستان خروجها من الأزمة الإقتصادية وتحقيقها استقراراً إقتصادياً كما صرحت”كريستين لاغارد” مديرة صندوق النقد الدولي، خلال زيارة لها لإسلام آباد في الربع الأخير من العام 2016 في آخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر، مع إرتفاع ملفت لإحتياطي العملة الصعبة حيث بلغ أكثر من 20 مليار دولار أميركي ، مع تحسن طفيف في مؤشرات الاقتصاد الوطني . هذا كله ، على الرغم من توتر العلاقات الذي ما يزال مستمراً مع الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية ملفات عديدة ، أهمها : الإرهاب ، أفغانستان ، العلاقات الهندية-الأمريكية، الملف النووي الباكستاني ، إيقاف الميزانية السنوية التي كانت تُعطى للجيش الباكستاني لمحاربة الإرهاب.
لكن السياسة الخارجية الباكستانية أثبتت جرأة وحنكة كبيرتين عندما أغرت بكين باستثمار استراتيجي بقيمة 46 مليار دولار أميركي ، وذلك في خطوة باتجاه تعميق الشراكة الإستراتيجية بين باكستان والصين، ما أغاظ الهند التي أعربت صراحةً عن رفضها لمشروع الممر الإقتصادي الصيني – الباكستاني، الذي وصفه موقع ” هندوستان تايمز ” “بصفقة القرن” و”عنوان فشل الولايات المتحدة الأمريكية ” .
نعم ، نجحت الصين حيث فشلت الولايات المتحدة الأمريكية، وها هما روسيا و ايران يعربان عن رغبتهما للإنضمام لهذا المشروع الذي يقوّض النفوذ الأمريكي فيه إلى أقصى مما كان يتصوره المتفائلون، وأتى إجتماع كانون الأول/ ديسمبر الثلاثي الصيني – الروسي – الباكستاني في موسكو الذي اتفق فيه المجتمعون على ضرورة رفع العقوبات عن “حركة طالبان الأفغانية” كتمهيد لعملية السلام الأفغانية، كخير دليل على تحول في السياسة الخارجية الباكستانية.
باكستان مدعوة إلى تعزيز علاقاتها مع دول الجوار لا سيما ايران ودول كجزر المالديف وسريلانكا بعد تدهور العلاقات الباكستانية ـ البنغلاديشية حتى لا تقع في شرك الطوق التي تحاول الهند حوكه حول باكستان من خلال عزلها عن محيطها الحيوي.
باختصار، اكتسبت باكستان أرضية خصبة ومتينة من خلال تغلبها على تحدياتها الداخلية، ومن الجيد أن تستفيد باكستان من علاقاتها في منطقة الخليج وبالتوازي مع كُلّ من ايران والصين على حدٍ سواء، لاسيما إذا إستمرت علاقاتها مع الهند وأفغانستان بالتدهور على الشكل الحالي. ومن حيث أنها دولة ذات أهمية استراتيجية، على باكستان السعي للنشاط على خط تفعيل دورها كنقطة اتصال محورية في الإقليم في الحرب على الإرهاب ما يُعزز من دورها الإقليمي فالدولي .
*كاتب باكستاني