20 عاما على اليورو… لم تكن هناك لحظة هادئة
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
في منتصف ليلة 4 يناير عام 1999، عمت أجواء بهجة مركز فرانكفورت تمثلت في إطلاق الألعاب النارية والهتافات إيدانا بإطلاق عملة أوروبية مشتركة.
والآن بعد جيل تقريبا، ساد الصمت الاحتفالات بمناسبة الذكرى الـ20 لبدء استخدام اليورو. وبالنسبة للعديد من الشباب الأوروبي، فهم لا يعرفون شيئا عن العملات التي حل محلها اليورو مثل الفرنك والمارك الألماني والغيلدر والليرة سوى من فصول التاريخ الدارسية.
عندما بدأ العمل باليورو، اعتمدته في بادئ الأمر 11 دولة عضو فقط؛ ويعتقد على نطاق واسع أن اعتماده كان قرارا سياسيا وكذا اقتصادي. ويتذكر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، أحد الموقعين على معاهدة ماستريخت، “المفاوضات الجادة والشاقة التي جرت حول إطلاق الاتحاد الاقتصادي والنقدي”.
— تقلب مستمر
لكن الصراعات والمعارك كانت قد بدأت لتوها. فأشد المنتقدين لليورو قالوا إن التخلي عن العملات الوطنية القديمة كان خطأ فادحا. وقال معارضون إن فرض عملة موحدة على اقتصادات متنوعة بمعدل فائدة واحد ومستويات مختلفة من الإنتاجية أعاق الحكومات الوطنية عن إدارة اقتصاداتها الخاصة بالشكل الصحيح.
ولكن الدول الإعضاء الجدد بالاتحاد الأوروبي قاموا، مع طرح هذه التحفظات جانبا، باعتماد اليورو بما في ذلك سلوفينيا وقبرص ومالطا وسلوفاكيا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
ومع ذلك، فإن نموه عرقلته من نواح عديدة معارضة، جاءت بشكل خاص من السويد والدنمارك وبريطانيا التي رفضته جميعها لصالح عملاتها الخاصة.
وتصاعدت التحفظات إلى حد ما نتيجة أزمات مالية في إيطاليا وقبرص وآيرلندا والبرتغال، حيث تشكل مزيج متفجر من ارتفاع تكاليف الاقتراض ونمو محتضر قاد إلى ميزانيات تقشف صارمة.
ولكن اليونان هي التي ظهرت فيها هشاشة العملة حقا. ففي عام 2010، اضطر الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإنقاذ البلاد المثقلة بالديون – ومن المفارقات أن اليونان استبعدت في البداية من الانضمام إلى منطقة اليورو في عام 1999 بسبب اقتصادها الضعيف.
وبعد فترة وجيزة من الأزمة في اليونان، انخفض اليورو دون 1.20 دولار.
ثم، ارتفع سعر الفائدة طويل الأجل في أسبانيا فوق 7.6 في المائة في عام 2012، ما تسبب في حالة من الذعر بشأن احتمال انهيار اليورو.
وفي تلك الفترة الزمنية القصيرة، أخذ المراقبون ينظرون إلى قارة وعملة في فوضى دائمة.
وظل العديد من الخبراء الماليين على نفس القدر من التحفظ تجاه نجاح العملة.
ولم تنته المتاعب بالنسبة لإسبانيا واليونان. ففي صيف عام 2014، ارتفعت العملة إلى ما يقارب 1.40 دولار. ولكن، مع استمرار عدم القدرة على التنبؤ، انخفضت بعد ذلك إلى 1.05 دولار – وهو انخفاض مرتبط بقيام البنك المركزي الأوروبي بشراء الأصول لدعم الاقتصاد.
وفي العام التالي، مُنحت أثينها التي امتصها التقشف حزمة إنقاذ ثالثة غير مسبوقة – في خطوة تهدف إلى الإبقاء عليها داخل العملة الواحدة، رغم بعض الدعوات في اليونان التي نادت بالعودة إلى الدراخما.
— مشاعر مختلطة
وقد تجلت المشكلات المالية من خلال وجهات نظر حول العملة، تأرجحت من الولاء الأعمى إلى الكراهية العمياء. وبعدها وبطبيعة الحال، ظهرت احتمالية تزايد حالة العداء بين الدول الأعضاء مع تزايد الفوارق الاقتصادية داخل الكتلة.
ولكن رغم التحديات المستمرة تقريبا، إلا أن اليورو كان أكثر مرونة مما يمكن أن يحلم به أي شخص، بما في ذلك أنصاره.
ومع ذلك، فإنه مع بداية عام 2019، تجرى مناقشات حقيقية ومشروعة حول نجاحه ومستقبله. وبالنسبة ليونكر، فهو يرى أن العملة نضجت لتصبح رمزا للـ”وحدة والسيادة والاستقرار”.
صحيح أن اليورو الآن عملة احتياط صلبة، تحتفظ بها البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي، إلا أن دواعي القلق لا تزال قائمة وتنشأ إلى حد بعيد عن خروج المملكة المتحدة الذي يلوح في الأفق من الاتحاد الأوروبي.
ثم، إن وجود علاقة هشة بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي يتسبب في توتر ويهدد استقرار منطقة اليورو. فإيطاليا، وهي ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، لديها عجز كبير للغاية ودخلت في معركة طويلة الأمد مع بروكسل حول أحدث ميزانية لها.
ثمة مجالات أخرى تصيب اليورو بالإحباط. فقد أبرزت العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران كيف أن أسعار النفط الخام لا تزال مرتبطة بالدولار، وهذا يعني أن أي محاولة للالتفاف على الدولار ستكون محفوفة بتعقيدات.
ويشعر الاتحاد الأوروبي، الذي عارض فرض عقوبات على إيران، يشعر بالغضب من هيمنة الدولار في تجارة النفط. ففي سبتمبر الماضي، عبر يونكر عن حسرته إزاء العبثية المتمثلة في قيام أوروبا بدفع 80 في المائة من فاتورة وارداتها من الطاقة بالدولار، في الوقت الذي يأتي فيه ما يقرب من 2 من واردات الاتحاد الأوروبي من الطاقة من الولايات المتحدة. كما أعرب عن أسفه قائلا “من العبث أن تقوم شركات أوروبية بشراء طائرات أوروبية بالدولار بدلا من اليورو”.
ولكن هناك بعض النجدة كانت في انتظار قادة الاتحاد الأوروبي، حيث أظهرت دراسة استقصائية أجرتها أوروبا أن 64 في المائة من الأوروبيين يعتقدون أن استخدام اليورو كان فكرة جيدة، والمثير للدهشة أن هذا الرقم مرتفع عن الـ51 في المائة المسجلة في عام 2002.
وفي الوقت الحاضر، يستخدم 340 مليون أوروبي اليورو في 20 دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، ما يجعله العملة الثانية الأكثر استخداما في العالم.
ولكن بالنسبة لعملة مازالت الآن في مرحلة البلوغ، فإن مشكلات التسنين ستظل قائمة.