«14 آذار» في عامها الثامن.. تبحث عن «زعيم»

14 march-festival

صحيفة السفير اللبنانية ـ
كلير شكر:
وحده النقل المشترك لبعض المحطات التلفزيونية صنع الفارق. وإلا لكان اعتقد المشاهدون، طوال ساعتيّ النقل المباشر لـ«مهرجان البيال»، أنّه «نسخة آذارية» من برنامج «الزعيم».
غياب الرئيس ميشال سليمان بداعي رحلته الأفريقية، أفقد الحلقة عنصريْ «التشويق والإثارة». ولكن فارس سعيد كان حاضراً. حلّت المسألة أهلية بمحلية. طار جبيليّ فغطّ آخر محله.
ولكن أين هو الأستاذ تحسين خياط؟ صيداوي آخر يلبيّ الواجب: ومن أشطر من الرئيس فؤاد السنيورة لـ«الأستذة»!
كان المشهد كاملاً: متبارون بكامل أناقتهم اللغوية والهندامية. لجنة تحكيم جاهزة للتصفيق (في النسخة الآذارية من البرنامج لا يحق للجنة الانتقاد، لأنها موضع النقد). مقدّم بارع في القفز على حبال الكلام. كاميرات وإضاءة وكل تقنيات الصورة الحديثة.
14 «متباريا» قدموا على أساس «متحدث ومتحدثة باسم المجتمع المدني»، قدموا ما عندهم من «مخزون فكري». صحيح أنّهم لم يشذوا عن «خطوط» أساتذتهم، لكنهم حاولوا تقديم بعض الإضافات، علهم يحجزون لهم موقعاً في الصفوف الأمامية.. ففي عامها الثامن، بدأت 14 آذار رحلة البحث عن زعيم في ظل استمرار هجرة زعيمها الأول سعد الحريري وتواري الباقين عن الأنظار «لأسباب أمنية».
أن يصبح لـ«ثورة الأرز» الشعبية «بروفة» تمارين الوقفة والأداء على مدى أيام في «البيال»… يعني أن هذا الموعد فقد عفوية طفولته وعنفوان شبابه، ولكن لم يكتسب رشده. صار متكلّفاً، مُبرمجاً، مسرحاً للأداء التلفزيوني، لكسر رهبة الكاميرا والتعوّد على أضوائها، لتقديم وجوه جديدة على طريق النجومية. فـ«النجوم القدامى» مشغولون بـ«حروبهم الذاتية»، ومسجونون في قلاعهم وقصورهم الفارهة. صاروا «موضة مبتذلة»، فتحولوا إلى صوت وصورة يأتيان من خلف الشاشة… اذا كان هناك ما ينطقون به.
ما أبعد اليوم عن الأمس. وكأنّ دهراً تسلل بينهما. فعل الزمن فعله في وقت قياسيّ. لكن مهلاً، الزمن هنا بريء. كان بإمكانه أن يكون أكثر رأفة، ولكن الأخطاء لا ترحم وهي اقترفت عن سابق إصرار. فكان لا بد أن تحل الشيخوخة المبكرة التي يصعب مداواتها، حتى ولو اجتمع كلّ خبراء التجميل و14 ألفا من الوجوه الشبابية من 14 آذار، ممن كان خطاب بعضهم بالأمس يذكر بـ«خطاب القردة والوحوش» قبل أعوام.
انتفاضة «14 آذار»، أين هي من فكرتها الأم؟ وحدهم «أولياء أمرها» مُدانون، مسؤولون عن هذا الانحدار. مطالبون بإجابة جماهيرهم عن أسباب هذا التراجع. كانت مارداً جماهيرياً، وتكاد تصير قزماً معلّباً في «البيال».
كيف يمكن لبحر الناس الذي لاقاهم إلى الساحات عشرات المرات… أن يُسقط في «كشتبان» احتفال «سينمائي» باهت جاء خاليا من تقنيات الابهار الذهني والسياسي؟
14 آذار كان بالأمس، جسدا من دون روح. «أرواحه السبعة» تتقاتل في ما بينها على «جنس القانون الانتخابي». تتصارع على أحجامها وعدد مقاعدها النيابية. تبحث بالسراج والفتيل عن «قضية» تبعث فيها نبض الحياة.. فلا تجدها.
«14 آذار» 2013، كأنه أحد أيام العطل الرسمية التي نجهل فيها من هو صاحب العيد. مجرد محطة إلزامية، يفترض على أصحابها إحياؤها، كواجب اجتماعي، يفتقد إلى مقومات النجاح، ليصير حدثاً… بعدما تحوّل إلى أقل من خبر.
بالأمس بدت انتفاضة الاستقلال «فكرة في الذكرى». ولذا كان لا بدّ من إخراج جديد للمشهد: السياسيون صاروا جمهوراً، والجمهور صار خطيباً. فقط تبديل في الأدوار، أمّا الخطاب فهو نفسه.
14 «ممثلاً عن المجتمع المدني» تصدّروا المنبر – مع الإشارة إلى أنّ أحداً لم يوضح معيار اختيار هؤلاء – : ايلي فواز، مغالي الحاج، محمد حندوش، رندا عندموني، نادين كحيل، وسام عكرا، ادمون رباط، كارول معلوف، لانا منصور، كريم الرفاعي، شيرين عبدلله، جان بيار قطريب، جورج دروبي، وجاد عبد النور.
كـ«كبارهم» تحدثوا عن سوريا «فالكابوس ما زال يؤرقنا»، وتخطوهم حين اعتبروا أنّ «14 آذار بحاجة الى تغيير والمشهد كله في لبنان بحاجة الى تغيير»، و«جماعة السلاح وبشار الاسد واللحى الطويلة لن يغلبونا او يسقطوا رسالتنا». واستذكروهم قولاً « اتهموا رفيق الحريري بعشق بيروت وجبران بقسمه وجورج وبيار وانطوان باحلامهم ووليد عيدو بجرأته ووسام عيد ببحثه عن الحقيقة».
في التدريبات طلب منهم أن يعبروا عن النزعة النقدية: «جمهور 14 اذار جمهور حر، مستقل، صريح وجريء الى أقصى الحدود ويبدو أحيانا أكثر جرأة من قيادته الرسمية»، ولكن لم يخرجوا عن ثوابتهم «لا نخاف منكم ومن سلاحكم ومن اغتيالاتكم بل نخشى على وطننا و14 اذار أسلوب حياة نحن مؤتمنون عليه»، «من ابسط حقوق الانسان ان يكون لديه استشفاء مجاني ونحن الشباب سنتمكن من إحداث تغيير والمستقبل لنا»، «نعم للجيش اللبناني ولا لسلاح الفتنة والغدر والميليشيات ولن نسمح بعودة الحرب الاهلية».
المشهد المنمّق، لم ينج من الهفوات، فكان انسحاب «حركة اليسار الديموقراطي»، نتيجة «لتمادي البعض البروتوكولي بالشكل والسياسي بالمضمون في التعاطي مع الحركة التي كان لها شرف لعب الدور الريادي في إنتفاضة الإستقلال وما قبلها وما بعدها والتي قدّمت الشهداء على مذبح الوطن والحرية. وهذا البعض يبدو أنه لا يحتمل الرأي المختلف في ١٤ آذار التي تصر على الاستمرار في غربتها».
وبعد لوحة «البكاء على الأطلال»، طمأن الرئيس فؤاد السنيورة «الآذاريين» بأنّ هذه الحركة مستمرة بفضل هؤلاء الشباب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.