يهود أمريكا.. تأييد للعدوان على سوريا وقلق على اسرائيل
صحيقة المنار الصادرة في فلسطين عام 1948:
نشرت صحيفة المنار تقريرا خاصا عن موقف الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة من العدوان على سوريا الذي تلوّح به الادارة الأمريكية.
يقول التقرير الذي أعده مراسل صحيفة المنار في واشنطن، أن أغلبية الجماعات اليهودية في أمريكا تقف الى جانب شن عدوان على سوريا، لكن، هذا لا يعني تأييدا مطلقا بين يهود أمريكا لهذا العدوان، والسبب هو المخاوف من تأثيرات مدمرة على اسرائيل وأمنها.
وقد عقدت العديد من اللقاءات بين قيادات اليهود في الولايات المتحدة وبين أركان ادارة أوباما، ومعظم هذه اللقاءات عقدت بمبادرة من أركان الادارة الأمريكية، وتناولت بصورة اساسية الاستعدادات لشن العدوان وضرب مواقع عسكرية وأمنية سورية تحت ذريعة استخدام القيادة في دمشق السلاح الكيميائي.
ومع أن هذه اللقاءات عكست تأييدا لافتا للعدوان على سوريا، الا أنه لا يمكن تجاهل حقيقة وجود أصوات داخل صفوف اليهود في أمريكا تدعو الى فحص معمق للسيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تترتب عن ضربات عسكرية توجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد اسرائيل، وفي ضوء الانباء التي تتحدث عن أن دمشق لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ذلك، ومدى تأثير مثل هذه الضربات على أمن اسرائيل.
ان نفس المجموعات التي أيدت في العام 2003 الحرب الامريكية على العراق، هي في مقدمة وطليعة القوى اليهودية في امريكا التي تسعى الى مساندة الادارة الامريكية في انتزاع أغلبية واضحة في الكونجرس تدعم قرار الرئيس الامريكي بالعدوان على سوريا. ومعظم المسؤولين الامريكيين الذين التقوا القيادات اليهودية، أكدوا بأن أمريكا تأخذ بجدية التهديدات التي يوجهها حلفاء سوريا للمصالح الامريكية الاسرائيلية، وأن أمن اسرائيل على رأس اهتمامات الولايات المتحدة، وهذا جزء اساسي من تعهدات الادارة الامريكية على مدى السنوات الماضية.
لكن، هناك أصوات تخشى من أن تتحول رغبة الرئيس الامريكي في المحافظة على “كبرياء” امريكا، و “احترامها” لتعهداتها ووعودها حول معاقبة النظام السوري في حال تجاوز “الخطوط الحمراء” الى مغامرة غير محسوبة تخرج عن الاطار المرسوم لها وتدفع بالمنطقة الى حرب جديدة لا أحد يدري كيف ستنتهي.
وفي حال تطورات مثل هذه الحرب، كما يرى المنشائمون داخل صفوف اليهود الامريكيين فان الضغوط الشعبية في الدول العربية قد تسقط اتفاقيات ومعاهدات السلام القائمة في ظل حالة الارباك التي يعيشها النظام السياسي العربي في المنطقة الذي يعاني من “دوار الربيع”.
وترى هذه المجموعات المتشائمة أن على الولايات المتحدة أن تنسق مسبقا مع قوى دولية بما فيها الصين وروسيا للاتفاق على شكل من أشكال “العقاب” للطرف المتورط في استخدام السلاح الكيميائي، وعدم التسرع بالقيام بهجمات عسكرية دون أن تكون هناك ضمانات تمنع الانزلاق الى حرب شاملة.
ومعظم القيادات اليهودية التي شاركت في اللقاءات مع أركان الادارة الامريكية، وجهوا سؤالا واحدا للقيادات الامريكية السياسية والعسكرية، وهو: هل ستتعرض اسرائيل لهجمات من سوريا في حال تعرضت دمشق للعدوان الصاروخي.
القيادات الامريكية في لقاءاتها مع القيادات اليهودية تعاملت مع هذا السؤال وحاولت تجزئته الى جزئين:
بالنسبة الى تعرض اسرائيل لهجمات صاروخية فان التقديرات الأمريكية تتحدث عن احتمال كبير بتعرض اسرائيل الى هجمات صاروخية، وليس بالضرورة عبر الجبهة السورية الاسرائيلية، لكن، قد تكون عبر جهات أخرى بما فيها جبهة قطاع غزة، وحتى انطلاقا من دول في محيط اسرائيل.
وحول امكانية أن تقوم سوريا بقصف اسرائيل أجمع المسؤولون الأمريكيون على أن القيادة السورية تتصرف حتى الآن بذكاء وحكمة، وأن الردود حسب ما تتوقعه التقديرات الأمريكية، عبر المناطق السورية المحتلة، أي من خلال عمليات لا تربط بالنظام السوري بشكل مباشر، وستشكل طلقة البداية لاشتعال هذه الجبهة “الجولان”، وقد أطلعت أمريكا اسرائيل على مثل هذه التقديرات والاحتمالات، واسرائيل تستعد لمثل هذا السيناريو، وعملت في الآونة الاخيرة على تعزيز وتطوير الخطوط الدفاعية ومواقعها العسكرية، ونشرت بطاريات مطفعية اضافية للرد على مصادر النيران السورية في حال اشتعلت الحدود بين البلدين. وهناك من يتحدث عن احتمال اشتعال الجبهة مع لبنان، خاصة وأن لدى أمريكا واسرائيل معلومات حول وجود تعاون كبير بين حزب الله والجيش السوري في اقامة وحدات خاصة، قد توكل اليها مهمة الاشتباك على طول الحدود السورية الاسرائيلية.
ويرى المؤيدون لشن حرب على سوريا أن أي تراجع عن مثل هذا القرار سيشكل ضربة قوية للجهود الدولية الهادفة الى اقناع ايران بالتخلي عن مشروعها النووي.
لكن دوائر متابعة للجهود العسكرية الامريكية ومحاولات بناء تحالف دولي لشن حرب على سوريا وما يجري من تبادل للاراء بين الدول الداعمة لتدمير الدولة السورية ترى أن هناك تحديا حقيقيا فيما يتعلق بالعدوان على سوريا وامكانية الانزلاق الى حرب اقليمية، ويعتقد هؤلاء ـ على عكس أصحاب التيار الاقوى في المؤسسة الامنية والعسكرية الامريكيةـ أن ايران وفي ضوء ما تراه من تحالفات دولية وحتى خليجية ضد سوريا، هي جزء من الحرب ضد طهران، ولهذا السبب ستعمل بجهد أكبر للتقدم وبسرعة أكثر في برنامجها النووي وتطوير قدرات عسكرية في هذا المجال لحماية نفسها من أية مخططات مستقبلية ضدها في حال انتهت الولايات المتحدة من حسم الأزمة السورية لصالحها.