يحيى سكاف .. والزورق بالإنتظار
موقع إنباء الإخباري ـ
عماد عواضة:
هناك .. رأى وجه فلسطين كوجه أهله ..
شد أحزمة العشق .. وزنره الإقحوان .. وهامت الفراشات والعصافير على أهداب عينيه .. واستراح القمر تحت أحداقه .. والنجوم أناخت رحلها .. والبحر راح يمتد بساطاً أزرقاً ليحيى الحالم بالزورق ..
مشى العاشق بوله الفرح .. قالوا رأيناه حقل زهور .. وشجرة لوز اكتمل
عقد زهرها في آذار ..
ويحيى الأمير العابق بعطر الكروم والزيتون .. ينتظر الزورق .. والزورق حلمه …
يأتي يحيى البحر كل صباح .. يحاكيه .. متى يا بحر يأتي زورق الأحلام !؟
لأغفو وأنام .. وأمضي إلى عرس الإشتباك ..
خبأ يحيى أسراره في دفاتر البحر .. خبأ وجهه في الموج الثائر .. وهتفت حناجر قلبه ..
إليك نجيئ يا وطني إليك نجيئ ..
إلى وجدك .. إذا مسته ريح هواك ..
فوق الأرض فوق البحر نمتد ..
وإن متنا فلا تحجبنا عن عينيك ..
بل إن إلى عينيك نرتد ..
كان النشيد جميلاً .. وكان يحيى يتألق جمالاً والزورق يقترب ..
راح يكتب وصيته على وجه الموج .. القدس ثم القدس .. وفلسطين من البحر إلى النهر ..
يا إخوتي .. بدمي أخط وصيتي .. أن تحفظوا بندقيتي .. وفلسطين قضيتي ..
العاشق سيصل .. والزيتون ينتظر وكل مسافات العشق تقترب .. ويحيى يردد ..
يا فلسطين ما لي كلما قاومت من أجلك أحببتك أكثر ..
مشى العاشق .. ملتحفاً كوفيته وعلى أرصفة الوصول هام البحر هياماً .. معلناً وجه يحيى .. وكلمة السر .. والنداء على العاشق أن يصل .. البحر ينتظر والمعشوقة بالإنتظار ..
والحلم إكتمل والزورق وصل .. قم يا يحيى ..
أجمع حبات رصاصك ..
الشمس في بلادك أجمل .. البحر أجمل ..
الزورق وصل .. وعلى أرصفة الوداع ترك يحيى وصيته لأمه ومشى .. واكتملت مجموعة الوصول ..
ودع يحي .. أحياء المخيمات ومدينته الشمالية ..
عانق بندقيته .. راحت تسابقه إلى اللقاء .. ونبضها أقوى من نبض الشرايين
….
امتطى صهوة الزورق .. ومضى مع رفاقه ودلال
غار الزورق في البحر .. والبحر أعلن الوداع ..
والشمس تحاكي الموج .. يا هذا الموج اكشف عن وجه يحيى ..
لأودعه بحناء الضوء
والقمر يساهر عينيه .. والنجوم حطت على شطآن أهدابه .. حمله الموج .. إلى حيث الملتقى ..
صرخ يحيى .. إنها فلسطين .. أراها أمامي .. هذي نوافذها .. وأبوابها وزيتونها ..
خرج الفدائي من قلب الموج .. نزل الفارس .. ودع الزورق .. ووعده بالعودة .. وكان الوصول .. وكانت فلسطين أجمل من الشمس ..
قادمون يا تراب الأنبياء .. يا بلادي ..
وكان العناق ..
وقف يحيى .. يا فلسطين أتينا .. يا فلسطين أنا فتاك ..
أنا فداك ..
غمرته فلسطين .. ضمته إلى قلبها فارساً ..
ففاض الحنين نهراً
أسرج خيله ومشى .. ورفاقه ودلال ..
ودلال .. تمعن في الإشتباك .. وفي العرس الذي لا ينتهي .. صاح يحيى .. هذا هو العرس الفلسطيني ..
لا يصل الحبيب إلى الحبيب إلا شهيداً أو شريد ..
كان اللقاء .. اكتمل العرس .. والزورق بالإنتظار ..