يبقى الرهان على الدولة والقانون
جريدة البناء اللبنانية-
بهيج حمدان:
لم تصل أكثر البلدان فساداً وانهياراً ولصوصية في العالم إلى مرحلة استطاعت مصارفها وضع اليد على أموال المودعين وحجزها عن أصحابها كما حصل في لبنان! وبدعم وبالشراكة مع الأجهزة الناظمة للمال وللاقتصاد والسياسة، حيث طار نحو ١٥٠ مليار دولار بين المصارف والبنك المركزي، في الوقت الذي بات اللبنانيون وبنسبة ٩٠% منهم تحت خط الفقر… وأصبحت اموال المودعين سلعة في سوق الانتخابات النيابية لإعادة إنتاج الفساد بنسخة جديدة!
وأقصى الحلول المتداولة بالحكي لإعادة أموال المودعين، وتحميلهم تبعة الممارسات الخاطئة بين الدولة والمصرف المركزي وأموال المودعين !
ألا يكفي المودعين مصادرة أموالهم وقضمها عبر التعميم ١٦١ للمصرف المركزي الذي يتيح للمودع ان يحصل مرة في الشهر على ٤٠٠ دولار يجري حسم خمس دولارات للمصرف و٤٠٠ دولار بالعملة اللبنانية موزعة على نصفين، نصفها بالليرة اللبنانية مليونان و٤٠٠ ألف ليرة نقداً والنصف الآخر عبر كارت فيزا للشراء، وما لبث هذا التدبير ان سمح بصرف ٥٠% من الكارت و ٥٠% نقداً من جيب المودع!
ولا تكتفي المصارف بممارسة هذه الاستنسابية التطبيقية، بل تطرح اقتراحات تحمّل النسبة الأكبر من الخسائر للمودعين!
وهي المصارف التي أساءت الأمانة وتصرفت بأموال المودعين وقدّمتها للمصرف المركزي بفوائد عالية جداً جنت منها ملايين الدولارات خلافاً للقانون الذي يحمّلها المسؤولية كاملة ولا دخل للمودع ولا علاقة له بتبديد هذه الأموال التي صرفها البنك المركزي على تمويل السلع والمحروقات وغيرها !!
ولا دخل للمودع ان يتحمّل مسؤولية الفذلكات التي يصدرها المصرف المركزي بهدف تقنين الليرة اللبنانية لامتصاص الكتلة النقدية لحماية أملاك المصارف وقصورهم ويخوتهم وأسهمهم المسجلة بأسمائهم وأسماء زوجاتهم او أقربائهم.
وبالأمس اقتحم أحد المودعين أحد المصارف واسمه عبد الله الساعي وانتزع امواله بالقوة، ومودع اخر في النبطية انتزع أمواله بقوة السلاح وسلم نفسه للقوى الأمنية…
وماذا لو قرّر المودعون وهم كثر وباتوا فقراء، ان ينتزعوا أموالهم بسواعدهم؟؟
مثل هذا الثبور والغلو والعتو الذي تمارسه السلطات المالية من مصارف وغيرها، الى متى يتحمّله الجياع والفقراء والمعدمون؟
هناك قول للإمام علي يُنسب إليه أو للصحابي الجليل أبي ذر الغفاري يقول: “عجبت لمن لا يجد القوت لعياله كيف لا يخرج الى الناس شاهراً سيفه”.
الدولة وحدها هي المعنية بتطبيق القانون وحماية المواطنين من الظلم والمستغلين والتعسف….
قد تكون الدولة اليوم ليست في أحسن أحوالها، ومع ذلك يبقى الرهان عليها والرجاء بقيامها…